رأي

«قمة المنامة» 2024

كتب عوني الداوود في صحيفة الدستور.

أهم رسالة ترسلها القمة العربية في اجتماعها العادي الثالث والثلاثين يوم غد الخميس في العاصمة البحرينية المنامة، هي الموقف العربي الموحد والمؤكد والثابت والصريح والداعم لصمود الأهل في غزة وفلسطين كلّها، ومواصلة الضغط الدبلوماسي في سبيل وقف العدوان على غزّة، وايصال المساعدات انقاذا للأبرياء من حرب إبادة إجرامية، راح ضحيتها حتى الأمس أكثر من 35 ألف شهيد وأكثر من 78 ألف جريح ومصاب، عدا من قضوا تحت الركام، وأكثر من 1.5 مليون في رفح معظمهم ممن نزحوا من شمال ووسط غزّة، يواجهون اليوم خطر اجتياح المدينة أو الموت عطشا وجوعا.
« قمة المنامة « تأتي في ظرف صعب ودقيق للغاية، يتطلب فيه موقفا عربيا موحدا تجاه العدوان الاسرائيلي، الذي أجرم، ولا يزال يتمادى في إجرامه تجاه الأهل في غزة وعموم فلسطين، وبات يهدّد المنطقة بتوسيع الصراع فيها وتهديد أمنها وزعزعة استقرارها.
المتوقع اليوم من «قمة المنامة» موقف موحّد، مع مواصلة الجهد العربي المشترك، وادامة التنسيق بما اتّفق عليه سابقا في «القمة العربية الإسلامية الاستثنائية « في الرياض تشرين الثاني الماضي، وما انبثق عنها من تكليف لجنة عربية إسلامية مشتركة (من بينها الأردن) قامت بجهد دبلوماسي مهم ومقدّر زارت خلاله عواصم صنع القرار في العالم وقدّمت السردية العربية لحقيقة ما يجري ولخطورة الموقف.
«القمة العربية» اليوم، من المهم أن تثمّن وأن تدعم الجهود السياسية المتواصلة من قبل القادة العرب، وفي مقدمتهم جلالة الملك عبدالله الثاني في زياراته ولقاءاته واتصالاته المستمرة مع القادة بمختلف دول العالم – كان آخرها زيارته لواشنطن ولقاء الرئيس الأمريكي بايدن -..لقاءات واتصالات وجهود أثمرت عن تغير ملحوظ في المواقف الدولية، تجاه ما يجري من عدوان على غزّة وتجاه القضية الفلسطينية، وأهمية إيجاد حل عادل وشامل لها وتحقيق سلام حقيقي يؤدي لحقن دماء الفلسطينيين وإعادة حقهم المسلوب،..وقد شاهدنا مؤخرا هذا التغير في مواقف الدول، حين صوّتت 143 دولة لصالح قرار قبول عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة.
القضية الفلسطينية اليوم، والحرب على غزّة.. على رأس جدول أعمال القمّة العربية غدا في المنامة، ونحن اليوم وفي ذكرى الـ15 من أيار حيث نستذكر «النكبة» في وقت يواجه فيه الشعب الفلسطيني أخطار «نكبة» جديدة – لا بل «إبادة» متواصلة – بما يؤكد أن الحكاية لم تبدأ منذ 7 أكتوبر 2023، بل منذ 1948، وقبل ذلك بكثير، فالمأساة تاريخية.. ولكن «ما أشبه اليوم بالبارحة».
القادة العرب، قادرون بعلاقاتهم الوثيقة مع مختلف القادة في العالم، ومن خلال جهد عربي مشترك، والتنسيق الدائم.. قادرون على إحداث ضغط مؤثّر من أجل التوصل الى وقف العدوان على غزّة، ومنع الكارثة الانسانية في رفح وعموم غزّة وفلسطين، واستمرار الضغوط والتنسيق المشترك لإيصال المساعدات الإنسانية بشكل كاف.
في المقابل فإن القادة العرب أيضا، قادرون على زيادة التعاون العربي المشترك اقتصاديا واستثماريا لزيادة منعة اقتصادات دولهم، من خلال التعاون والتكامل الاقتصادي، والمشاريع الاستثمارية الكبرى المشتركة، لأن قوة العرب في كل الامور، وتحديدا الاقتصادية، تمنحهم قوة ومنعة في مواجهة تكتلات اقتصادية اقليمية وعالمية، وفي عالم باتت القوة فيه، عسكرية كانت أو سياسية أو اقتصادية، هي الأقدر على الضغط ومواجهة التحديات والخطوب التي تتعرض لها المنطقة.
منطقتنا العربية، والشرق الاوسط تحديدا، يواجه اليوم تحديات كبيرة، جرّاء العدوان على غزّة يهدّد أمن المنطقة ويذكي الإرهاب بصوره المختلفة، ومن المهم تكاتف الأيدي لمساندة كل دولة عربية بما تواجهه من تحديات، فالأردن – على سبيل المثال – يواجه تداعيات العدوان على غزّة، والانتهاكات الاسرائيلية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ويواجه حرب المخدرات على حدوده الشمالية، ويواجه مع الشقيقة مصر مؤامرات ومخططات التهجير.. والدول العربية الأخرى في المنطقة تواجه أخطارا في مقدمتها سيناريوهات امتداد رقعة الحرب الى أماكن أخرى، سواء جنوب لبنان أوباب المندب، أو جراء تبادل الهجمات بين اسرائيل وايران.. وغير ذلك.
«القمة العربية» التي تعقد غدا للمرّة الأولى في البحرين الحبيبة، وبقيادة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، تعدّ محطّة مهمّة في العمل العربي المشترك، وتأتي في وقت تمرّ فيه المنطقة والعالم بتحديات وظروف استثنائية تزيد من أهميتها، وتزيد من تطلعاتنا لـ«قمة المنامة».

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى