أبرزرأي

قمة البحرين.. سلاسة الترتيب.. ونعومة الترحيب

كتب عبدالله بشارة في صحيفة القبس.

كنت بين المدعوين لحضور قمّة دول مجلس التعاون في البحرين، التي بدأت في صباح يوم الأربعاء، الثالث من ديسمبر 2025، بحضور قادة أربع دول، ومشاركة دولتين بمسؤولين مفوضين من بلديهم، حيث بدأت جلسة الافتتاح الرسمية حاملة نقاوة الترحيب ومسرة المشاركة من المضيف الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، ثم تأتي كلمة الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، معبّرة عن تقدير الكويت والمشاركين للجهد السخي وصفاء الاستقبال، متطرقاً لأهمية اللقاء، وأخرى من الأمين العام السيد جاسم البديوي، وانتهت مراسم الترحيب، وتوجّه القادة الى اجتماع مغلق لمدة ثلاث ساعات تقريباً، وبعدها تنفتح القاعة للجلسة الختامية، التي اشتملت على كلمات من سمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، ناقلاً تقدير الدول لسخاء البحرين في جودة الترتيبات وعلو المشاعر، وخطاب الختام من الملك حمد، مشيراً الى أهمية الحصيلة، التي سيحصدها المجلس من لقاء البحرين.
ومن تجربتي الطويلة في مناخ القمم، فلا مفر من التأكيد على أهمية لقاءات القمم الخليجية في الوصول الى متطلبات التقدم في مسيرة المجلس عبر قرارات القادة، فلكل قرار تتم الموافقة عليه سيذهب مباشرة الى آليات التنفيذ عبر جميع المسارات، التي تعتمد عليها الدول في حياتها، ولا سيما السياسية والأمنية والثقافية والتعليمية، وأهم مسار هو تأكيد التناغم في إيمان الدول بأهمية هذه القرارات والاعتراف بدورها وفاعليتها في تعميق الأسس، التي تعتمد عليها مسيرة المجلس.

كان جدول أعمال قمة البحرين مجهزاً بما توصل إليه وزراء الخارجية، لتعظيم المسيرة وتعميق أساسياتها، ويتحقق هذه التعظيم من التعامل مع كل فروع الحياة، ولذلك تعاظمت ضرورات المشاركة، ليس بالحضور فقط، إنما بإعلان كل دولة عن تصوراتها عما يمكن أن تحققه هذه القمة لكل الأعضاء وفي كل الجوانب، وفوق ذلك الترحيب بأية أفكار أو مواقف تسهم في صلابة المجلس، وتضيف الكثير لحيويته، وتنعش آمال المواطنين برسالته وقدرته على إنجاز الطموحات.

ولا جدال في أن حصيلة قمة البحرين وثمارها على الدول الأعضاء، وعلى الآخرين من لهم علاقة مباشرة بدول الخليج، جاءت من خطوات سابقة اتخذتها دول المجلس في قمم سابقة، وفق منطق التراكم الايجابي، الذي يتشكل من قرارات كل قمة، وبودّي أن أشير الى وقائع تكوّنت من قرارات تم اتخاذها في مؤتمرات القمم السابقة:

أولاً: يتواجد مجلس التعاون في حياة كل الدول الأعضاء، وفي مسار جميع التوقعات التي يحملها المواطنون، وفي يقين هذه الشعوب أن المجلس عبارة عن هيئة مصيرها واحد في آمالها، وفي معاناتها، وبتوقعاتها وبأمنها، ويقينها بأن سلامتها محفوظة، ومصادر حياتها سالمة، وان المستقبل حافل بالعطاء وبالقدرة على الترقي للوصول الى أعلى المواقع، وفي كل جوانب الحياة.

ثانياً: أوضحت الوقائع التي برزت في حياة المجلس سياسياً ومعيشياً، وفي كل مجالات هذه الدنيا، حجم الحكمة المخزونة في سلوك هذه الدول تجاه شعوبها ومع الأسرة العالمية، فمن يملك الطاقة بالحجم الذي يتوافر لدول المجلس، فإنه يتحمل مسؤولية أثقال الندرة، التي تتمثّل بحاجة الكوكب الأرضي، بكل عالمه وسكانه، إلى الطاقة التي تملك دول الخليج الكثير منها. وقد نالت دول الخليج احترام العالم في مصداقيتها، وفي حكمتها بإدارة شؤون الطاقة، واضعة سلامة المجتمع العالمي فوق الاعتبارات المصلحية الذاتية، معلنةً أنها شريك كريم داخل شبكة الأسرة العالمية.

ثالثاً: التزمت دول مجلس التعاون احترامها لحاجة المجتمع العالمي إلى الطاقة بأسعار تمكّن الدول النامية وشعوبها من الحصول على الطاقة بالسعر المقبول، بحيث لا تكون الطاقة آلية دمار للاقتصاد العالمي، وبما يؤكد تقدير وتفهم دول المجلس لدورها في الحفاظ على عافية المجتمع العالمي.

رابعاً: منذ عام 1973 طوقت دول الخليج ملف الطاقة بحصانة شديدة، لكي لا تتسرّب إليه القضايا السياسية، ويبقى بعيداً عن متاعبها، فقد اتخذت دول الخليج منذ عام 1973 قرارها الجماعي بعزل الطاقة عن تلوثات السياسة، وتحصينها من أذى التباعدات السياسية بين الدول.

خامساً: كانت مؤتمرات القمة الخليجية تبقى ليليتن، وبما يتوافر للجميع الوقت المرضي للمناقشات الجماعية والثنائية، مع برامج ثقافية وترفيهية، وتم الاختصار وفق إملاءات التبدلات في الوقت، ورغم ذلك، فالمطلوب ان يسخّر اليوم المخصص لاجتماعات صباحية، وبعد الغداء لتأمين الوقت الكافي لمتطلبات جدول الأعمال.

سادساً: كان اللقاء في البحرين منظماً، مع تأمين عودة القادة الى بلدانهم في وقت مناسب للوصول، ولهذا جاءت مداولات القادة وفق إملاءات الوقت، مستفيدين من الاجتماعات التحضيرية لوزراء الخارجية.

سابعاً: غاب عن قمة البحرين ما اعتادت عليه اللقاءات السابقة في تولي الدولة، التي تستضيف قمة المستقبل، واجب الشكر باسم القادة للدولة المضيفة، وأتمنى إعادتها، وكالعادة كان التنظيم في البحرين دقيقاً وممتازاً وسهلاً في ترتيباته.

وتظل القمم الخليجية مصنعاً تخرج منه إضافات جوهرية لمسيرة المجلس، ونرفع مشاعر التقدير للبحرين المثيرة في جمال التنظيم.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى