قليل من الإنسانية يا أعداء الإنسانية
صلاح سلام – اللواء”:
تردي الأوضاع في سجن رومية يختصر بشاعة الإنهيارات المستمرة في الدولة اللبنانية، وحالة العجز والفشل الذي تتخبط فيه السلطة المشلولة، نتيجةً حسابات شخصية، وصراعات سلطوية، لا قيمة لها أمام مهاوي السقوط السريع للسلطة ومؤسساتها الإدارية والمالية.
الواقع المأساوي لسجن رومية، أكبر سجون لبنان الذي أنشئ في السيتينيات من القرن الماضي، ليس وليد البارحة، ولا علاقه له بتشظي السلطة الراهنة وعجزها عن إتخاذ القرارات الفاعلة، بقدر ما مشكلته تعود إلى العشرين سنة الأخيرة، حيث بدأ الإكتظاظ يتراكم في عدد المساجين، بما يفوق طاقة السجن عشرات المرات، دون إتخاذ أية محاولة جدية لتسريع المحاكمات، أو حتى البت بمصير الموقوفين على ذمة التحقيق ، وبعضهم مضى على توقيفه خمس أو عشر سنوات وأكثر!
أكثرية الموقوفين هم من تجار المخدرات من منطقة بعلبك ــ الهرمل، أو من «الإسلاميين»، المتهمين بالتعاون أو الإنتساب إلى مؤسسات إسلامية متطرفة في الشمال. وزير الداخلية الأسبق مروان شربل حاول المساهمة في حل مشكلة الموقوفين، عبر إنشاء قاعة لهيئة المحكمة بعدما راجت المخاوف من إحتمال فرار المساجين أثناء نقلهم من السجن إلى العدلية، ولكن إستخدام هذه القاعة توقف مع خروج الوزير من الوزارة!
الوزير نهاد المشنوق بادر إلى جمع الأموال لپناء سجن جديد، وإدخال بعض التحسينات على السجن الحالي، ولكن التحسينات بقيت في إطار محدود جداً إزاء التزايد المضطرد في عدد المساجين ، أما السجن الجديد فغاب عن السمع مع خروج الوزير من الوزارة.
أما الحديث عن قوانين العفو، فإصطدم، من سخرية القدر، بالمعايير الطائفية حيث العدد الأقل من المسيحيين، مقابل الغالبية العظمى من المسلمين، سنّة وشيعة، وبالتالي بقي قانون العفو مشروع حبر على ورق، ويتم إستخدامه في المناسبات الإنتخابية فقط.
وهكذا بقيت تطل علينا المشاهد التي لا تقرها العيون البشرية من سجن رومية، وكأن المساجين ، مجرد قطعان من الغنم تنظر وصولها إلى سكانين الجزارين، والدولة وأهلها في خبر كان.
قليل من الإنسانية .. يا حكام يا أعداء الإنسانية!