تيريز القسيس صعب
خاص_ رأي سياسي
انطلقت امس قمة مجموعة “بريكس” في جوهانسبرغ في حضور اعضائها الخمس الصين، البرازيل، الهند، جنوب افريقيا، وروسيا وعدد كبير من رؤساء دول وحكومات، ووزراء خارجية، اضافة الى منظمات دولية واقتصادية.
وتعتبر مجموعة “بريكس” البديل الاقوى عالميا للمنتديات المالية والسياسية الدولية القائمة خارج إطار الدول الغربية الاقوىG7، باعتبارها أسرع الاقتصادات نموًا في العالم.
وتُعقد هذه القمة تحت عنوان “بريكس وأفريقيا شراكة من أجل النمو المتسارع والتنمية المستدامة والتعددية الشاملة”.
هذه القمة التي تستمر لثلاثة ايام، ستركز مناقشاتها حول قبول طلب انضمام ٢٣ دولة جديدة إليها من مختلف القارات.
ويؤكد متابعون ديبلوماسيون لحركة اتصالات هذه المجموعة انه في حال توصلت هذه القمة الى انضمام العديد من الأعضاء الجدد، فسيتم تسمية “بريكس” كاكبر كتلة عالمية مهمة، مع تعزيز القوة السياسية والاقتصادية لها، وهذا الامر سيؤثر بطبيعة الحال على الجغرافيا السياسية والجيواقتصادية العالمية بشكل كبير.
فمع وجود الصين في عضويتها والتي تعتبر ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم، فان هناك امكانية في احداث تغيرات وتحولات في خريطة المنطقة، اضافة الى ان دول البرازيل والهند والصين وجنوب أفريقيا قد شهدوا خلال الأعوام الماضية نموا وتقدما لافتا، مما اتاح لهم حجز مواقع على الخريطة الاقتصادية العالمية على الرغم من ان الحرب الروسية على أوكرانيا ارخت بظلالها على المشهدية الدولية، لكنها لم تؤثر على دول الاعضاء، ولم يتخذوا اي مواقف مناهضة ضد روسيا.
قلق اوروبي واميركي
هذا التطور السريع وغير المتسرع اقلق بشكل لافت دول أوروبا والولايات المتحدة، وذلك خوفا من ان تتحول مجموعة “بريكس” الى نادي اقتصادي للقوى الصاعدة التي تسعى للتأثير على النمو والتنمية العالميين.
ويعتقد متابعون ان الصين وروسيا يسعيان إلى القبول بتوسيع مجموعة البريكس نظرا لتدهور علاقاتهما مع دول الغرب، وبالتالي يحاولان الضغط على الاعضاء لتكبير حجم هذا التكتل خصوصا وان الدول التي تقدمت للانضمام إلى هذا التكتل، مثل إيران والسعودية والإمارات والكويت ومصر وغيرهم… لهم موقعهم وحجمهم وثقلهم على الساحتيين الدولية والعربية.
ويؤكد ديبلوماسيون ان انضمام بعض الدول الخليجية مثل السعودية والامارات والكويت الى مجموعة بريكس، يكسبها دفعا اقتصاديا قويا نظرا لامتلاكهم الذهب النفطي، اضافة الى تحسين علاقاتهم الاقتصادية مع الصين والهند لاستهلاكهما النفط ايضا.
كذلك الامر فإن الفتور او البرودة في العلاقات الاميركية السعودية دفع بالرياض الى التقرب من الصين وروسيا من خلال هذه المجموعة بهدف إضعاف القوة الدولية المسيطرة على العالم.
كما تعدّ دولة الإمارات من أوائل المساهمين، من خارج دول بريكس في “بنك التنمية الجديد” الذي يسعى لمنافسة “صندوق النقد الدولي” و”البنك الدولي” في تمويل المشاريع التنموية.
ويلاحظ مراقبون ان انضمام دول عربية إلى هذه المجموعة خطوة متقدمة ومهمة في تحوّل موازين القوى الاقتصادية العالمية.
كما يتبين ان الجزائر ومصر والسعودية والإمارات، مرشحة لتكون دولاً رائدة في إنتاج وتصدير الطاقات النظيفة خلال السنوات المقبلة.
ويرى مرجع ديبلوماسي رفيع في القاهرة لموقعنا ان مشاركة عدد كبير من رؤساء دول عربية وافربقية وغربية في أعمال هذه القمة ستكون مناسبة ليتمكن القادة المشاركين من عقد لقاءات ثنائية وموسعة تتناول الاتصالات والجهود الدولية والديبلوماسية التي تجرى بين الدول الفاعلة على الساحة الدولية لإنهاء الصراعات والازمات التي تحيط بالخليج العربي والمتوسطي وصولا الى الحرب الروسية الاوكرانية والتي بدت توجهاتها واتجهاتها تقترب اكثر فاكثر من ابواب أوروبا.
عملة منافسة للدولار
اما ماليا فهناك توجه او احتمال في ان تنجح مجموعة “بريكس” في انشاء عملتها الخاصة، مما سينعكس سلبا على طلب الدولار ويضعفه كعملة عالمية قوية.
وتتحدث مراجع اقتصادية عن ان دول بريكس هي من أقوى الاقتصادات العالمية. وتشير بيانات صندوق النقد الدولي أن مساهمة التكتل بلغت ٣١،٥% في الاقتصاد العالمي نهاية 2022، مقابل ٣٠،٧% للقوى السبع الصناعية.كما تسيطر بريكس على ١٧ % من التجارة العالمية، وفق بيانات منظمة التجارة العالمية.