قصة الجنود الكوريين الشماليين ودورهم المحتمل في الحرب الأوكرانية
روسيا تعاني نقصاً بالقوى العاملة العسكرية وبيونغ يانغ تستفيد من دعم موسكو لتجاوز العقوبات الدولية
كتب ذكي بن مدردش, في “اندبتدنت عربية” :
تشير بعض التحليلات إلى أن التحالف الروسي-الكوري الشمالي يمثل جزءاً من استراتيجية أوسع لمواجهة ما تعتبره روسيا وكوريا الشمالية “عدواناً غربياً”، فالولايات المتحدة، من خلال إرسال الصواريخ بعيدة المدى، تدفع حدود النزاع إلى مستويات جديدة من التصعيد، مما يعزز من حاجة روسيا للبحث عن دعم عسكري إضافي من شركاء غير تقليديين.
كتبت هذه المقالة عبر “تشات جي بي تي” وأجريت عليها تعديلات لغوية بما يناسب أسلوب “اندبندنت عربية”
تشير التقارير المتزايدة إلى تحركات دبلوماسية وعسكرية تربط بين كوريا الشمالية وروسيا في سياق الحرب الأوكرانية المستمرة، مع ورود أنباء عن إرسال جنود كوريين شماليين إلى روسيا لدعم العمليات الجارية.
تأتي هذه الخطوة في ظل تقاطع المصالح بين البلدين، إذ تسعى موسكو إلى تعزيز قدراتها في مواجهة الضغط الغربي المتزايد، بينما تستفيد بيونغ يانغ من دعم روسيا لتجاوز العقوبات الدولية وتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.
ومن المعروف أن روسيا تعاني نقصاً في القوى العاملة العسكرية نتيجة للصراع الممتد في أوكرانيا، وتشير تقارير إلى أن موسكو لجأت إلى توسيع مصادر دعمها عبر تعزيز التعاون مع دول مثل كوريا الشمالية التي تتمتع بتاريخ طويل من العزلة الدولية والمواقف العدائية تجاه الغرب.
ويرجح بعض المحللين أن يكون إرسال جنود كوريين شماليين إلى روسيا جزءاً من اتفاق أوسع يتضمن تبادل المساعدة العسكرية والاقتصادية. وعلى رغم عدم الإعلان الرسمي عن هذه الخطوة من قبل الطرفين، فإن المؤشرات تتزايد حول احتمالية نشر هؤلاء الجنود في مناطق خلفية، مثل خطوط الإمداد والبنية التحتية العسكرية، مما يتيح للجيش الروسي تخصيص مزيد من قواته لمهمات القتال المباشر.
وبالنسبة إلى كوريا الشمالية، يمثل هذا التحالف مع روسيا فرصة ذهبية لتعزيز علاقاتها مع حليف قوي في مجلس الأمن، خصوصاً في ظل الضغط الغربي المتصاعد. ويعتقد بعض المحللين بأن بيونغ يانغ تسعى إلى مقايضة دعمها العسكري لروسيا بتكنولوجيا عسكرية متقدمة، بخاصة في مجال الصواريخ والأسلحة الحديثة. فالتعاون مع موسكو يتيح لكوريا الشمالية الوصول إلى قدرات تقنية جديدة قد تعزز برنامجها النووي وبرامج الصواريخ بعيدة المدى، مما يثير قلق المجتمع الدولي.
على الجانب الآخر من المعادلة، أعلنت الولايات المتحدة أخيراً عن إرسال صواريخ بعيدة المدى إلى أوكرانيا في إطار الدعم المستمر لكييف ضد الهجوم الروسي. وتعتبر هذه الخطوة تحولاً نوعياً في مستوى الدعم العسكري الأميركي، إذ تمثل الصواريخ بعيدة المدى فرصة لأوكرانيا لضرب أهداف استراتيجية في عمق الأراضي الروسية، مما قد يؤثر في زخم العمليات العسكرية الروسية. وأثار هذا التطور تساؤلات حول مدى ارتباطه بتعزيز العلاقات الروسية-الكورية الشمالية، وما إذا كان الدعم العسكري المتبادل بين موسكو وبيونغ يانغ جاء كرد فعل على التوسع في تسليح أوكرانيا.
أول دفعة من الجنود الكوريين الشماليين تتعرض للقصف في كورسك الروسية
وتشير بعض التحليلات إلى أن التحالف الروسي-الكوري الشمالي يمثل جزءاً من استراتيجية أوسع لمواجهة ما تعتبره روسيا وكوريا الشمالية “عدواناً غربياً”، فالولايات المتحدة، من خلال إرسال الصواريخ بعيدة المدى، تدفع حدود النزاع إلى مستويات جديدة من التصعيد، مما يعزز من حاجة روسيا للبحث عن دعم عسكري إضافي من شركاء غير تقليديين. وفي الوقت نفسه، فإن تعزيز التعاون العسكري بين موسكو وبيونغ يانغ يبعث برسالة إلى الغرب بأن الحلفاء غير الغربيين مستعدون لتوحيد الجهود لمواجهة الضغط الدولي.
ومع ذلك، يبقى السؤال حول ما إذا كان الجنود الكوريون الشماليون سيحدثون تحولاً حاسماً في مجريات الحرب الأوكرانية، فعلى رغم الانضباط العسكري المعروف عن قوات كوريا الشمالية، فإن طبيعة الصراع في أوكرانيا تختلف جذرياً عن أي خبرة قتالية قد يمتلكها هؤلاء الجنود. والحرب في أوكرانيا تعتمد بصورة كبيرة على التكنولوجيا المتقدمة والطائرات من دون طيار والهجمات السيبرانية، وهي مجالات قد لا تكون للجنود الكوريين خبرة كافية فيها. ومن ثم، قد يقتصر دورهم على دعم العمليات اللوجستية أو حماية المنشآت الحيوية، بدلاً من المشاركة في المعارك المباشرة.
من جهة أخرى، فإن دخول كوريا الشمالية على خط النزاع يعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي بصورة كبيرة، فمن المتوقع أن تثير هذه الخطوة ردود فعل غاضبة من الولايات المتحدة وحلفائها، وتدفع ربما إلى فرض عقوبات إضافية أو حتى تسريع وتيرة الدعم العسكري لأوكرانيا، وقد يؤدي التعاون العسكري الروسي-الكوري إلى تعزيز المحور المناهض للغرب الذي يضم دولاً مثل الصين وإيران، مما يضيف تعقيدات جديدة إلى النظام الدولي.
أما في ما يتعلق بالصواريخ بعيدة المدى التي سترسلها واشنطن إلى أوكرانيا، فإن تأثيرها المحتمل في ساحة المعركة قد يكون كبيراً، إذ إن هذه الصواريخ قد تمكن أوكرانيا من استهداف مستودعات الذخيرة الروسية وقواعد الإمداد، وحتى مراكز القيادة، مما قد يؤدي إلى تقويض القدرات الروسية على شن هجمات واسعة النطاق. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة تأتي أيضاً بأخطار تصعيد النزاع، فقد تعتبرها موسكو تجاوزاً للخطوط الحمراء، مما يدفعها إلى اتخاذ خطوات أكثر عدائية، بما في ذلك تعزيز تحالفها مع كوريا الشمالية على نحو أكبر.
في المجمل، يمثل دخول الجنود الكوريين الشماليين في الحرب الأوكرانية تطوراً جديداً يعكس تعمق التحالفات الدولية في هذا النزاع. وبينما تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز قدرات أوكرانيا العسكرية من خلال الصواريخ بعيدة المدى، فإن روسيا تعتمد على شركاء مثل كوريا الشمالية لسد الثغرات وتعزيز موقفها.
ويبقى المستقبل مفتوحاً على احتمالات عدة، لكن المؤكد أن هذا النزاع يتجاوز كونه حرباً إقليمية ليصبح مواجهة مباشرة بين محاور دولية متصارعة، إذ تقوم كل خطوة، سواء كانت إرسال جنود أو أسلحة، بدور في تحديد ملامح المرحلة المقبلة.