قدامى “المستقبل” والخط الفاصل بين رئيس سيادي وحليف الأسد و”الحزب”!؟
كتب الان سركيس في “نداء الوطن”:
من بين الأمور التي تُعتبر من غرائب السياسة اللبنانية أنّ تيار «المستقبل»، بجناحه الإداري الحالي، أو الذي عصى أوامر رئيسه سعد الحريري وخاض غمار الإنتخابات النيابية، لا يزال يترحّم على تطيير فرصة وصول رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية إلى كرسي الرئاسة، وكأنّ فرنجية مغاير للعماد ميشال عون أو النائب جبران باسيل.
في الحقيقة أنّ الحريري وبعد انتخاب عون رئيساً، بات الحليف الأول لباسيل وخاضا معاً مشوار الصفقات والتنازلات حتى بات الحريري في «جيبة» باسيل، في حين أنّ انتفاضة 17 تشرين 2019 قضت على هذه الثنائية التي لم تصبّ في خدمة البلاد. اليوم، وبعد تبدّل الواقع السياسي وعزوف الرئيس الحريري عن خوض الإنتخابات النيابية، تشكّلت كتلة خفيّة تتحرّك بإيحاء منه وقوامها النواب وليد البعريني ومحمد سليمان وسجيع عطية وأحمد الخير وعبد العزيز الصمد وأحمد رستم، وهذه الكتلة مطّاطة وقد ينضم إليها عدد من النواب، أمثال نبيل بدر وعماد الحوت وبلال الحشيمي وإيهاب مطر وبعض النواب المستقلّين، وبالتالي فإن لهذه الكتلة تأثيراً في الإستحقاق الرئاسي. ويأتي تأثير هذه الكتلة كبيراً في حال قرّر الحريري دعم فرنجية، ما يساعد على تأمين النصاب أولاً وتخطّي رقم فرنجية النصف زائداً واحداً ثانياً، أما الأمر الثالث فيتمثّل بإعطاء فرنجية و»حزب الله» الغطاء السنّي المطلوب.
ومن جهة ثانية، فإن سير هذا التكتل بخيار فرنجية الذي هو خيار «حزب الله» شبه النهائي يعني خسارة المعارضة للمعركة الرئاسية ومنح «الحزب» الموقع الأول في الدولة مجدداً، واللافت أن تيار «المستقبل» بنى سياسته منذ العام 2005 على مهاجمة النظام السوري والرئيس بشّار الأسد وهو الذي يقول عنه انه نظام مجرم يقتل المدنيين، في حين أن فرنجية يتفاخر بعلاقته بالأسد والذي يصفه بأنه أخ له. وفي المعلومات أن السفير السعودي وليد البخاري قام بجولة ولقاءات بعيداً من الإعلام مع نواب سنّة، وذلك من أجل توحيد الموقف وعدم الذهاب بخيارات «إنتحارية» تكون نتائجها كارثية على أهل السنّة والبلد، وتعطي «حزب الله» فرصة جديدة من أجل الإمساك بزمام الحكم، وقد نجح مع بعض النواب السنّة ويحاول مع نواب آخرين. وينتظر عدد من قدامى نواب «المستقبل» موقف الحريري من الإستحقاق الرئاسي، فإذا أراد السير بفرنجية ضمن تسوية يبرمها الحريري مع «حزب الله» ومحور «الممانعة» فسيكونون جاهزين لانتخاب فرنجية، لأنها تعتبر فرصة مناسبة لعودة الحريري إلى اللعبة السياسية وإلى السرايا ضمناً.
ومعلوم ان الإنتخابات الرئاسية في لبنان تتأثر بشكل كبير باللعبة الخارجية، فالمرشّح سليمان فرنجية على علاقة جيدة بالسعودية، لكن هذا لا يعني أن الرياض تسير به مثلما يحاول هو الإيحاء، بل إنّ ما يهمّ المملكة هو عدم خطف «حزب الله» الرئاسة مجدداً، لذلك فان قدامى «المستقبل» أمام تحدٍّ كبير هذه المرة يتعلّق بمصير الرئاسة والبلد، فإما يسلمونه مجدداً لـ»حزب الله»، أو يسيرون بالخطّ السيادي وفق مبادئ شارعهم الذي كان رافعة 14 آذار منذ العام 2005.