رأي

قائد الجيش والرئاسة… نعمة أم نقمة؟!

كتب الان سركيس في “نداء الوطن”:

يدخل كلّ ماروني نادي المرشحين إلى رئاسة الجمهورية بالفطرة، فكل من يتعاطى الشأن السياسي أو الإقتصادي أو المالي يعتبر نفسه مرشحاً، فكيف الحال بالنسبة إلى قائد الجيش؟

منذ تكوين الجيش اللبناني، بات كل قائد للجيش بعد رحيل الإنتداب الفرنسي مرشحاً طبيعياً لرئاسة الجمهورية، إذ إنّ اللواء فؤاد شهاب كان فاتحة الرؤساء المتخرجين من المدرسة الحربية ولن يكون العماد ميشال عون خاتمتهم.

أدّى الموارنة الدور الأول في قيام لبنان الكبير، وأسندت قيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان إليهم، وفي ظل الإنقلابات العسكرية في المنطقة وحكم العسكر، حافظ لبنان على نظامه الديموقراطي مع تداول للسلطة وانتخابات نيابية ورئاسية.

وشكّل عام 1958 المنعطف الأساسي في دخول أي قائد جيش كمرشّح طبيعي للرئاسة، فبعد الثورة المدعومة من الرئيس المصري جمال عبد الناصر على الرئيس كميل شمعون، أدّت التسوية حينها إلى انتخاب شهاب، فاستغلّ شهاب هذا الإنتخاب وعمل على مأسسة الإزدهار والتطوّر الذي خلقه شمعون وبنى المؤسسات التي تدمّرها الطبقة السياسية الحالية.

وإذا كان شهاب قد نجح بحكمه، إلا أنّ المعضلة كانت في تدخل العسكر بالسياسة وخصوصاً «المكتب الثاني» ما أدّى إلى رفض قسم من الشعب اللبناني مجيء العسكر إلى الرئاسة.

وبعد شهاب إنتخب 4 رؤساء سياسيين، إلى أن عُيّن العماد ميشال عون رئيساً لحكومة إنتقالية عندها حلّت الكارثة على لبنان ودخل بحروب عبثية دمّرت المجتمع المسيحي، وأتت التجربة المريرة التي تمثّلت بانتخاب العماد إميل لحود رئيساً للجمهورية، فأدخل العسكر إلى الحكم، والقضية لم تقف عند العسكر اللبناني بل السوري الذي يمثّل الإحتلال، فكان عهده من أسوأ العهود وحدث خلال ولايته الممدّدة زلزال اغتيال الرئيس رفيق الحريري وبقية الإغتيالات وانتهت ولايته بفراغ.

وعلى رغم التجربة اللحودية السيئة، فقد تمّ إنتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية في 25 أيار 2008، وشهد عهد سليمان إزدهاراً مالياً واقتصادياً وسط أزمة مالية ضربت العالم ووصل النموّ إلى حدود 8 في المئة، لكن وجود لبنان على خطّ الزلازل والبراكين الإقليمية خفّف من الإندفاعة التي انطلق بها العهد، وعلى رغم الحرب السورية و»الربيع العربي»، فإن سليمان ترك قصر بعبدا وهناك اقتصاد قوي ومؤسسات دولة صامدة على رغم العواصف. ويبقى العهد الحالي برئاسة عون من بين الأسوأ على الإطلاق باعتراف الجميع، فقد عاد عون إلى بعبدا بعد 26 سنة، فحلّت الكارثة الكبرى المستمرة والتي يعيشها اللبناني كل يوم، فانهارت العملة وضُربت المصارف وانقطعت المحروقات والدواء والخبز ويعيش الشعب على العتمة.

يبقى نحو 70 يوماً على رحيل عون، وهو الرئيس العسكري الثالث بعد «إتفاق الطائف»، في حين أن اسم قائد الجيش الحالي العماد جوزاف عون مطروح بقوة للرئاسة بعدما اجتاز كل الحواجز التي وضعت في دربه ونجح في الحفاظ على مؤسّسته وجاب دول العالم باحثاً عن إنقاذها بعدما فشلت الطبقة الحاكمة بإنقاذ المؤسّسات، وهناك رهان إذا انتخب أن يكون عهده شبيهاً بعهد شهاب وسليمان وليس لحود وعون، فأربعة رؤساء جمهورية أتوا من قيادة الجيش، إثنان نجحا واثنان فشلا، فهل ينضم جوزاف عون إذا انتُخب إلى «نادي الناجحين»؟… الآمال كبيرة وكبيرة جداً.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى