قائد الانقلاب في الغابون يعد بمؤسسات “أكثر ديمقراطية” وتجنب أخطاء الماضي.
وعد الجنرال بريس أوليغي نيغما، قائد الانقلاب العسكري في الغابون، أمس الجمعة بـ”إعادة تنظيم” المؤسسات ضمن توجه “أكثر ديمقراطية” وأكثر احتراماً “لحقوق الإنسان”، وذلك في خطاب أمام أعضاء السلك الدبلوماسي نقله التلفزيون.
وقال نيغما إن “حل المؤسسات” الذي أعلن الأربعاء خلال الانقلاب “هو أمر موقت”، موضحاً أن الهدف “إعادة تنظيمها بحيث تصبح أدوات أكثر ديمقراطية وأكثر انسجاماً مع المعايير الدولية على صعيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والديمقراطية ودولة القانون، وأيضاً مكافحة الفساد الذي بات أمراً شائعاً في بلادنا”.
وأضاف أن المجلس العسكري يسعى إلى “التحرك على نحو سريع لكن بثبات” وتجنب إجراء انتخابات “تكرر أخطاء الماضي”.
لكن قائد الانقلاب لم يحدد فترة زمنية للمرحلة “الانتقالية” التي يؤدي اليمين الإثنين في ليبرفيل رئيساً لها.
وفي خطاب آخر أمام ممثلين للمجتمع المدني، وعد أيضاً بـ”دستور جديد يلبي تطلعات الشعب الغابوني الذي ظل لوقت طويل أسير المعاناة”، وبـ”قانون انتخابي جديد”.
لكنه تدارك قائلاً “انطلاقاً من الظروف، علينا ألا نخلط بين السرعة والتسرع، فمن يسر ببطء يسر بأمان”.
حلول دبلوماسية
قال البيت الأبيض اليوم الجمعة إنه ما زال يسعى إلى “حلول دبلوماسية قادرة على الصمود” للأوضاع في الغابون والنيجر.
جاء هذا التعليق من جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض رداً على سؤال من أحد الصحافيين حول تبعات الانقلابين اللذين وقعا في غرب ووسط أفريقيا هذا العام.
وقال كيربي “ما زلنا نسعى إلى ما نعتقد أنها حلول دبلوماسية قد تستطيع الصمود هنا لضمان احترام المؤسسات الديمقراطية في البلدين”.
مكان غير معلوم
من ناحية أخرى قال محامو زوجة رئيس الغابون المخلوع علي بونغو الجمعة إن نجله نور الدين بونغو فالنتين محتجز في مكان غير معلوم، وإنهم يشعرون بالقلق على سلامته.
دعا حزب المعارضة الرئيس في الغابون “البديل 2023” المجتمع الدولي اليوم الجمعة إلى حث المجلس العسكري الذي أطاح الرئيس علي بونغو على إعادة السلطة للمدنيين.
واستولى ضباط من الجيش على السلطة في انقلاب الأربعاء الماضي بعد دقائق من إعلان فوز الرئيس علي بونغو بولاية ثالثة في الانتخابات، ووضعوه قيد الإقامة الجبرية واختاروا الجنرال بريس أوليغي نغيما قائداً لمرحلة انتقالية.
ولم يوضح المجلس العسكري كثيراً من خططه الحالية بعد إنهاء حكم أسرة بونغو الذي دام ستة عقود تقريباً، في خطوة خرجت حشود إلى شوارع ليبرفيل لتأييدها.
طرح بديل
ويحكم بونغو البلاد منذ عام 2009 خلفاً لوالده الذي توفي بعدما ظل رئيساً للبلاد منذ عام 1967، ويقول معارضون إن الأسرة لم تفعل شيئاً يذكر لجعل ثروات الغابون النفطية والتعدينية تعود بالنفع على سكان البلاد البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، ثلثهم تقريباً فقراء.
وقالت المتحدثة باسم زعيم الحزب ألبرت أوندو أوسا، ألكسندرا بانغا، لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، “سعدنا بالإطاحة بعلي بونغو لكننا نتمنى وقوف المجتمع الدولي في صف النظام الجمهوري والديمقراطي بالغابون من خلال مطالبة الجيش بإعادة السلطة للمدنيين”.
وقال الحزب إنه يريد إجراء فرز كامل لأصوات الناخبين في انتخابات الثلاثاء التي قال إنها ستظهر فوز أوندو أوسا.
وقالت لجنة الانتخابات في الغابون إن بونغو أعيد انتخابه بعد فوزه بنسبة 64 في المئة من الأصوات، بينما حصل أوندو أوسا على 31 في المئة تقريباً.
وعبرت بانغا عن أمل المعارضة في تلقي دعوة من المجلس العسكري لمناقشة الخطة الانتقالية للبلاد والعودة للنظام الجمهوري، لكنها قالت إن المعارضة لم تتلق أي شيء بعد.
وقال المجلس العسكري إنه من المتوقع أن يؤدي نغيما، قائد الضباط الذين نفذوا الانقلاب، اليمين رئيساً انتقالياً الإثنين المقبل، وسيلقي أول خطاب رئاسي له.
وأضافت بانغا “نعتقد أنه من العبث أن يؤدي الانقلابيون اليمين الإثنين”.
من جهة أخرى، علق الاتحاد الأفريقي أمس الخميس عضوية الغابون في أول رد إقليمي على ثامن انقلاب في غرب ووسط أفريقيا منذ عام 2020.
وينهي الانقلاب سيطرة عائلة بونغو على السلطة التي استمرت لقرابة ستة عقود، ويخلق معضلة جديدة لمنطقة تكتسحها موجة انقلابات وصفها الرئيس النيجيري بولا تينوبو بأنها “عدوى الاستبداد”.
ويسعى القادة العسكريون في الغابون إلى تعزيز سلطتهم على رغم الإدانات الدولية، مثل غيرهم من المجالس العسكرية الأخرى التي استولت على السلطة في المنطقة.
اجتماع وشيك لـ”إيكواس”
من جهتها، ذكرت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس”، بعد اجتماع طارئ، أنها حثت الشركاء بقيادة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي على دعم العودة السريعة إلى النظام الدستوري، وقالت إنها ستجتمع مرة أخرى الإثنين.
كما دعت جماعة المعارضة الرئيسة في الغابون، “حزب البديل 2023″، الذي يقول إنه الفائز الشرعي في الانتخابات، المجتمع الدولي إلى حث المجلس العسكري على إعادة السلطة إلى المدنيين.
انعدام الأمن الغذائي
من ناحية أخرى دقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر الجمعة في شأن انعدام الأمن الغذائي في النيجر، حيث يدفع أكثر من ثلاثة ملايين شخص ضريبته، وفي مالي حيث يواجه 200 ألف طفل خطر الموت جوعاً إذا لم يحصلوا على مساعدات إنسانية.
في النيجر حيث استولى العسكريون على السلطة في نهاية يوليو (تموز)، يعيش أكثر من 3.3 مليون شخص (13 في المئة من السكان) في حالة خطرة من انعدام الأمن الغذائي، بحسب ما أفادت وكالات أممية في بيان.
وحذرت الأمم المتحدة من أن هذا الوضع قد يزداد سوءاً مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية منذ شهر بنسبة 21 في المئة.
تعطيل المساعدات الإنسانية
وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية، مضيفة أن “أكثر من سبعة ملايين شخص (نحو 28 في المئة من السكان) قد يقعون في حالة انعدام خطر للأمن الغذائي بسبب ارتفاع الأسعار وخسائر الدخل الناجمة عن الأزمة السياسية الحالية”.
أكثر من 7300 طن من مساعدات برنامج الأغذية العالمي عالقة بسبب إغلاق الحدود، إضافة إلى أن الخطة الأممية الإنسانية للنيجر لعام 2023 التي تقدر قيمتها بـ584 مليون دولار، ممولة بنسبة 40 في المئة فقط.
وأعربت الأمم المتحدة عن “قلقها البالغ من أي تعليق أو انقطاع لتمويل المانحين” بسبب انقلاب العسكريين الذين أطاحوا رئيس النيجر محمد بازوم في 26 يوليو.
تداعيات النزاع المسلح
في مالي المجاورة، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن “النزاع المسلح الطويل تضاف إليه حركات النزوح الداخلي والقيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية، تهدد بدفع نحو مليون طفل دون سن الخامسة نحو سوء تغذية حاد بحلول ديسمبر (كانون الأول) 2023، مع ما لا يقل عن 200 ألف طفل مهددين بالموت من الجوع إذا لم توفر لهم مساعدة أساسية”.
وأشارت الوكالة الأممية إلى أن نحو ربع سكان مالي يعانون انعداماً في الأمن الغذائي معتدلاً أو شديداً. وقالت “للمرة الأولى في البلد، أكثر من 2500 شخص مهددون بالمجاعة في منطقة ميناكا بينهم أطفال كثر”.
انسحاب أممي
وتأتي التحذيرات الصادرة عن الأمم المتحدة فيما بدأت بعثتها لحفظ السلام في مالي (مينوسما) تنسحب من البلد، مما يقلق المنظمة الأممية من تأثير هذا الانسحاب الذي طالبت به باماكو، في العمليات الإنسانية التي كان يحميها حتى الآن الجنود الدوليون.
وقال نائب المديرة التنفيذية للعمل الإنساني وعمليات الإمداد في “يونيسف” تيد شيبان “تمر مالي بأزمة إنسانية معقدة وتحتاج إلى دعم عاجل لتجنب كارثة مع الأطفال الذين يدفعون مرة أخرى ثمن أزمة ليسوا مسؤولين عنها”.