في عامها الثالث.. الحرب الروسية الأوكرانية إلى أين؟
كتب عوني الداوود, في “الدستور”:
اليوم 24 شباط/فبراير، نطوي فيه العام الثاني على بدء الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في مثل هذا اليوم من عام 2022، لندخل العام الثالث في حرب كان ولا يزال لها تأثير كبير على العالم برمته سياسيا واقتصاديا، مع اختلاف أثر تداعيات الحرب على كل دولة من دول العالم بحسب قربها أو ارتباطها مع الدولتين.. ولذلك نرى من المهم اجراء مراجعة سريعة لهذه الحرب التي اندلعت والعالم يحاول الانتقال لمرحلة التعافي الاقتصادي بعد جائحة كورونا في العام 2020 لتعيد الحرب الروسية الأوكرانية كثيرا من الأمور والملفات الى المربع الأول.. وفي ما يلي قراءة سريعة لأبرز تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الأردن والاقليم والعالم، مع دخول الحرب عامها الثالث:
1 -أردنيا : لم يكن هناك تأثير مباشر لهذه الحرب على الاقتصاد الأردني بوجه عام، وذلك لأن اعتماد الاقتصاد الأردني في مستورداته من السوقين الروسي والأوكراني قليل جدا في أهم صادرات الدولتين وهما: النفط والغاز والحبوب وتحديدا القمح والشعير والذرة وغير ذلك.. لأن الأردن ينتهج سياسة «التحوط» منذ جائحة كورونا بمخزونات تكفي لأكثر من 10 أشهر في المواد الأساسية، اضافة لسياسة «تنويع الخيارات» في المستوردات بحيث لا يتم الاعتماد على سوق بعينه، وهذا أدى لعدم وجود تأثير مباشر على الاقتصاد الأردني جراء تلك الحرب.
2 -أردنيا: كان هناك بالتأكيد تأثير غير مباشر- كما جميع دول العالم -من حيث انعكاس الحرب على الأمن الغذائي العالمي وأمن الطاقة وارتدادات تأثيرات الحرب على سلاسل التوريد العالمية وارتفاع أسعار المواد الأولية وكلف الشحن وانعكاس كل ذلك على ارتفاع أسعار عدد من السلع، نجح الأردن بتفاديها من خلال تنويع خيارات الأسواق، والتوجه نحو الاعتماد على الذات بدعم قطاعات الزراعة والصناعة الوطنية والصناعات الغذائية تحديدا.
3 -الأردن ورغم مواجهة العالم أخطار «التضخم» خلال العامين الماضيين نجح من خلال سياستيه المالية والنقدية وربط الدينار الأردني بالدولار الأمريكي في الحفاظ على استقرار سعر الدينار وسط اقليم انهارت فيه معظم عملات الدول غير النفطية على وجه الخصوص، فكانت نسبة التضخم في الاردن من النسب الاقل عالميا بين الدول المستوردة للنفط.
4 -عالميا: واجهت معظم دول العالم وتحديدا دول الاتحاد الاوروبي تحديات -ولا تزال – خصوصا في قطاعي الطاقة والغذاء، واتخذت الدول قرارات صعبة توجهت من خلالها نحو الاعتماد على الذات وخلق بدائل عن مصادر الطاقة الروسية وتحديدا الغاز الروسي ووضعت سقفا لسعر برميل النفط الروسي، وأبرمت صفقات لشراء الطاقة من الولايات المتحدة بأسعار مضاعفة ومن دول أخرى، وكل ذلك انعكس سلبا على اقتصادات معظم الدول الأوروبية بالدرجة الأولى.. علاوة على كلف «اللجوء الأوكراني».
5 -رغم جميع العقوبات التي فرضت على روسيا على مدى العامين الماضيين الا ان الاقتصاد الروسي أثبت قدرته على الصمود والمواجهة لسنوات قادمة، كما تؤكد الدراسات بأن روسيا قادرة عسكريا على مواصلة الحرب لسنوات قادمة.
6 -في المقابل صمدت أوكرانيا في مواجهة حربها مع روسيا بفضل الدعم الامريكي والاوروبي الذي بدأ يتراجع مع اندلاع الحرب على غزة تحديدا منذ 7 اكتوبر 2023، ورغم ذلك فقد أقر الكونغرس الامريكي مؤخرا مشروع قانون مساعدات خارجية بقيمة 95.3 مليار دولار منها 60 مليارا دولار لدعم أوكرانيا.
7 -عالميا -وبسبب الحرب الروسية الاوكرانية – زاد الانفاق الدفاعي العالمي بنسبة 9 % ليصل الى مستوى قياسي قدره 2.2 تريليون دولار في 2023، وباتت دول اوروبا تزيد من انفاقها الدفاعي وتعزيز حلف شمال الاطلسي.
8 -رغم أن أحد أهم أهداف الولايات المتحدة في دعم اوكرانيا في هذه الحرب هو استنزاف قدرات روسيا التي فقدت أكثر من 3000 مركبة قتالية مدرعة العام الماضي الا أن التقارير العالمية تؤكد بأن روسيا أثبتت مرونة في اقتصادها وزادت إنفاقها الدفاعي للعام 2024 بأكثر من 60 % على أساس سنوي، كما يتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي هذا العام في حدود 0.5 و1.5 %.
9 -من أهم النتائج لهذه الحرب: توجه كثير من الدول نحو الاعتماد على الذات في اقتصاداتها وخصوصا في الامن الغذائي وأمن التزود بالطاقة والمواد الأولية، اضافة الى تغير بموازين القوى العالمية ولذلك شهدنا توسعا في التحالفات الدولية ومنها «بريكس+» و«اوبك+» وتوقع ظهور تحالفات جديدة.
10 -أخيرا: يبقى السؤال الأهم -برسم الإجابة -كيف ومتى ستنتهي هذه الحرب؟؟ التي فقدت أولويتها مع بدء الحرب على غزّة، مع خطر ظهور بؤر ساخنة أخرى في الإقليم والعالم تشير إلى أن العالم يتجه نحو المجهول ومزيد من التداعيات السياسية والعسكرية والاقتصادية.. وقبل كل ذلك البشرية والإنسانية.