في الكواليس الفرنسية.. “طائف” أو “قاهرة” جديد يُحاك للبنان؟
اشار الخبير في الشؤون الأوروبية الصحافي تمام نور الدين في حديث لموقع “القوات اللبنانية” إلى أن هدف زيارة الموفد الفرنسي المكلف تنسيق المساعدات الدولية للبنان بيار دوكان لبنان هي لتنفيذ الآلية التي اتُّفِق عليها بين ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بموضوع مساعدة لبنان، وهذه الآلية تستثني الدولة، فلا مرور للمساعدات عبر الدولة اللبنانية طالما لم يتم تنفيذ الإصلاحات المطلوبة باعتبارهما أن لبنان مثل “السلة المثقوبة” وكل ما سيتم تقديمه إليها سيذهب هدراً من قبل المسؤولين.
وأوضح نور الدين ان المساعدات ستكون إنسانية، إذاً الشرط الأساسي بنظر الفرنسيين والسعوديين ألا تتدخل الدولة ولا أجهزتها في المساعدات، لذلك استطاع ماكرون خرق حائط الجليد وتم الاتصال بميقاتي من الرياض آنذاك.
كما اكد أن ماكرون كان مصرّاً على أن يحضر ميقاتي فور الاتصال به من الرياض، وقال الرئيس الفرنسي لبن سلمان، “بعد ساعتين بيوصل”، لكن الرفض جاء “في ساعة الساعة” من الجانب السعودي.
أما في ما يخص رفض زيارة ميقاتي السعودية قبل عودة التئام جلسات مجلس الوزراء، لفت نور الدين إلى أنه في حال قام ميقاتي بالزيارة، فستكون “سلّته فاضية”، مشيراً إلى أن الأزمة الحكومية أبعد من ملف تطيير بيطار، المعضلة هي: “أين لبنان الآن؟ ومن يمسك القرار الحكومي الآن؟ وهل اللبنانيون قادرون على القتال في كافة أصقاع الأرض ضد هذه الدولة أو تلك؟”.
واضاف : “لذلك ميقاتي لم يحل كل هذه الأمور بعد ولم يطبّق شروط المملكة بعد، إذاً لا يستطيع الذهاب إليها”
أما لماذا لا تفرض فرنسا عقوبات على المعطلين، أوضح نور الدين أن اتفاق الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ـ ماكرون والتلويح بالعقوبات وفرض عقوبات فرنسية من جانب واحد وإقرار إطار العقوبات الأوروبية أنتج حكومة ميقاتي، لكن في حال لم يتم تنفيذ الإصلاحات ووضع القوانين اللازمة لها ستلوح فرنسا مجدداً بالعقوبات، ولكن الفارق هذه المرة هو أن الإطار الأوروبي جاهز.
وفي ملف الانتخابات، شدد نور الدين على أن الجانب الفرنسي يدرك تماماً بأن التغيير عبر الانتخابات صعب جداً لأن النظام السياسي مركّب، لذلك ماكرون مصرّ على التعديل فيه لأن الصيغة الحالية لا تستطيع القيام بأي إصلاحات. ويكشف عن أن الجانب الفرنسي لا يؤمن بأي تغيير إلا من خلال عقد جديد على غرار “طائف جديد” أو “قاهرة جديد”.
وشرح، أنه قبل حدوث أي تغيير نظام في بلد ما، تندلع ثورة فعلية (وهذا ما يستبعده) أو تُقام حرب (مثلاً حرب التسعينيات أدت إلى قيام اتفاق الطائف) أو “ميني حرب” كما حدث عندما تم اتفاق الدوحة”.
في سياق متصل، كشفت مصادر فرنسية لموقع “القوات” عن أن زيارة دوكان تدلّ على استمرار اهتمام الإدارة الفرنسية بالمستجدات في لبنان وقلقها المتزايد من تدهور الأوضاع وانعكاسها على الاستقرار في البلاد، وامتداد لتحركات ماكرون الإقليمية واتصالاته أكان مع السعودية أو إيران.
وأشارت المصادر إلى أن مهمة دوكان تقنية لمتابعة بالتفصيل ملفات الإصلاح والخطوات العملية الواجب اتخاذها مع تحضير محادثات التفاوض مع صندوق النقد الدولي، أما الرسائل السياسية هي من مهمة السفيرة الفرنسية التي تنقلها إلى المراجع الرسمية اللبنانية.
واكدت أن الأولوية وضع قطار الإنقاذ الاقتصادي والمالي على السكة الصحيحة بسرعة لوقف تدهور الوضع الاجتماعي، وإبقاء الضغط على ضرورة إجراء الاستحقاقات الانتخابية النيابية والرئاسية في موعدها كمدخل حقيقي للتغيير ورسم معالم التوجهات الجديدة، والتأكيد على عدم إضاعة الوقت، فالمجتمع الدولي عامة والإدارة الفرنسية خاصة منهمكة بملفات كثيرة من دون أن يغيب عن البال أن فرنسا ستكون مهتمة بعد أسابيع بالحملة الانتخابية الرئاسية.