رأي

فورين بوليسي: اتهامات لمصر بقمع الناشطين قبل قمة المناخ العالمية في شرم الشيخ

قال المحرر الدبلوماسي والأمني في مجلة “فورين بوليسي” روبي غريمر إن مؤتمر المناخ الذي ستنظمه الأمم المتحدة في مصر سيلقي الضوء على ممارسات القمع لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي. وأضاف أن مصر وفي الأشهر التي سبقت انعقاد القمة الـ27 حاولت التأكيد على جهودها في الحد من الانبعاثات الكربونية وتأطير نفسها كرائدة في دعم العالم النامي للتكيف مع الصدمات المناخية الجديدة. وخلف الستار، قمعت الحكومة ناشطي البيئة من خلال التحرش والتخويف والاعتقالات، بحسب مقابلات مع خبراء في مجال البيئة وتقرير جديد لمنظمة رقابة حقوقية. ولكن قمة المناخ أو COP27 هي مناسبة للكشف عن عمليات القمع التي تمارس ضد منظمات المجتمع المدني وناشطي البيئة، بشكل يمثل تحديا مزعجا في السياسة الخارجية للدول الديمقراطية التي تحاول دعم أهداف البيئة وطموحات الدفع بسياسات لحماية الأرض، حتى لو عنى هذا التعامل مع أسوأ نظام قمعي وديكتاتوري في العالم. وبالنسبة للرئيس جو بايدن فالقمة المقبلة في شرم الشيخ ستضع سياسته في مجال حقوق الإنسان في حالة تصادم مع سياساته من البيئة. وقال ريتشارد بيرزهاوس، مدير البيئة وحقوق الإنسان في منظمة “هيومان رايتس ووتش” “هناك توتر أساسي بين عالمين يفترض أنهما مختلفان، حقوق الإنسان من جهة وتحرك قوي في مجال حقوق الإنسان على الجانب الآخر” و “نرى هذا التوتر واضحا الآن”. واتهمت جماعات حقوق الإنسان بايدن بالتخلي عن التزاماته لدعم حقوق الإنسان عندما سافر في تموز/يوليو إلى السعودية بعدما تعهد بمعاقبتها بسبب جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي. وتعرض بايدن لانتقادات من الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي لمقاومته قطع جزء من المساعدات السنوية إلى مصر بسبب سجل نظام السيسي في حقوق الإنسان، وبعد انتقاده سلفه دونالد ترامب بمنحه النظام “صكا مفتوحا”. وقال ناشط مصري في مجال البيئة رفض الكشف عن هويته “هناك قدر من النفاق الظاهر من الديمقراطيات الغربية والدول القوية في العالم عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان في مصر بشكل عام”.
وقبل شهرين من انعقاد القمة، تقوم جماعة حماية البيئة بالضغط على مكتب البيئة الذي يترأسه جون كيري من أجل انتقاد علني لنظام السيسي وسجله في حقوق الإنسان وإثارة قضية المعتقلين والناشطين أثناء القمة، وذلك حسب ثلاثة أشخاص على معرفة بالأمر، مع وزارة الخارجية لم ترد على أسئلة للتعليق. وأصدرت منظمة هيومان رايتس ووتش تقريرا هذا الأسبوع انتقدت فيه حكومة السيسي بتقييد حرية جماعات البيئة لكي تقوم بعملها واستهدافها بالتحرش والاعتقالات والتخويف وإجبار بعض الناشطين على الفرار من البلد. وعبرت منظمات حقوقية أخرى عن قلقها من حد مشاركة جماعات البيئة المصرية في القمة وتقييد الاحتجاجات المقرر عقدها في أثناء انعقادها. وسمحت فقط لتظاهرات محدودة خصص لها مكان محدد على هوامش القمة التي ستعقد في 6- 18 تشرين الثاني/نوفمبر. وقال ديفيد واسكو، من معهد المصادر العالمية في مبادرة المناخ الدولية “من المهم بشكل كبير لمنظمات المجتمع المدني أن يكون لها منفذ على لقاء مؤتمر المناخ والاستماع لمنظورهم في داخل وخارج المؤتمر ودفع الحكومات لاتخاذ تحرك قوي من التغيرات المناخية”. ورفضت الحكومة المصرية تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش، ووصفه المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد “من المؤسف صدور هذا التقرير المضلل في وقت تبذل فيه الجهود لعقد قمة مناخ ناجحة تضمن تنفيذ الالتزامات الدولية من المناخ”. ولا يعرف إن كان القادة من الولايات المتحدة وبقية الديمقراطيات سيثيرون قضية حقوق الإنسان في أثناء القمة وينتقدون علنا حقوق الإنسان أو عمليات القمع ضد المدافعين عن البيئة. وقال الناشطون إن هناك “فرصة لم تظهر من وقت طويل” لكي تحقق جماعات البيئة في مصر مكاسب والتركيز على حكومة السيسي قبل قمة المناخ وأن هناك مجالا للحكومات الغربية من أجل أن تثير سجل حقوق الإنسان وقمع منظمات العمل المدني خلال القمة. وقال الناشط: “يجب أن يعملوا هذا، وليس بطريقة تقود أجندة العدالة البيئية أو المفاوضات المهمة”. ويخشى المسؤولون الأمريكيون في حواراتهم الخاصة أن يخيم ملف حقوق الإنسان والقمع على رسالة القمة أو تخرب المفاوضات حول أهداف أخرى تتعلق بتخفيض مستويات الانبعاثات الكربونية، وبدون تحقيق مكاسب على صعيد حقوق الإنسان. وتكشف آراؤهم عن سر غير مريح في سياسة المناخ العالمية والتي لا يريد أحد قولها بصراحة: لا تستطيع معالجة المناخ بدون ترضية الأتوقراطيين.
ويشير المسؤولون والخبراء إلى الصين التي تعهدت بأن تكون رائدة في مجال الطاقة المتجددة ولكنها قامت بما وصفته الولايات المتحدة بحملة إبادة ضد المسلمين الإيغور. وفي الوقت نفسه فلن ينجح بدونها أي اتفاق أو تعاون في مجال المناخ. وفي النهاية فالصين هي أكبر دولة من ناحية الانبعاثات الكربونية ومصدر كبير للتكنولوجيا الضرورية لصناعة الطاقة المتجددة. وأعلنت مصر بعد قمة المناخ 26 في غلاسكو العام الماضي أنها ستعمل على تخفيض الانبعاثات الكربونية ردا على الكوراث الطبيعية والتغيرات المناخية وتبعتها تركيا والمكسيك وإندونيسيا. وفي النقاش حول من يتقدم التغيرات المناخية أم حقوق الإنسان، يرى بيرزهاوس أنك لا تستطيع الحصول على واحد بدون الآخر. فالأنظمة القمعية لا تسمح للصحافيين والناشطين والعلماء لتوعية الرأي العام حول السياسات التي مارستها ضد البيئة، وبخاصة تلك الدول التي تكسب أرباحا على حساب البيئة مثل الدول النفطية والمصدرة للغاز أو تلك التي تعتمد على المناجم والتنقيب و “أنت بحاجة إلى حماية قوية لحقوق الإنسان من أجل أن تحصل على تحرك قوي بمجال البيئة”. ولا يوجد لدى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيرات المناخية التي تشرف على تنظيم قمم المناخ المعيار الذي تقيم من خلاله صلاحية أي دولة لاستضافة القمة بناء على سجلها في مجال حقوق الإنسان.
وقال المتحدث باسم المؤسسة إن السكرتارية العام لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيرات المناخية إنها ستواصل الحفاظ على معايير عالية من ناحية تسجيل وتسهيل مشاركة المنظمات غير الحكومية في القمة كما في المؤتمرات السابقة. وأكد في الوقت نفسه أن لقاءات المناخ مفتوحة لمن يسجل وليس للمشاركة العامة. وقال إن الهيئة لديها 10.000 مشارك مسجل للمشاركة من بين 2.000 منظمة. وتعقد القمة على خلفية الصيف الحار في شمال الكرة الأرضية الذي رافقته كوارث وفيضانات، ويرى باحث في مركز الأبحاث المشتركة في المفوضية الأوروبية أن الحرارة الشديدة ربما لم تشهد القارة مثلها منذ 500 عاما. وكان الفيضان غير المسبوق في باكستان وقتل فيه حوالي 1.400 وشرد الملايين وترك خسائر بقيمة 18 مليار دولار تذكيرا بالتغيرات المناخية وما يمكن أن تجلبه من كوارث.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى