فضيحة غياب المسؤولين عن استقبال «ميّاس»..
كتب صلاح سلام في “اللواء”: استقبل اللبنانيون صبايا فرقة «ميّاس» بدموع الفرح والزغاريد وباقات الزهور، فيما كان المسؤولون يغرقون في نقاشاتهم السخيفة حول مشروع الموازنة المحزنة، ويتراشقون بتهم التقصير والزعبرة على الناس، بأرقام وهمية لا تمت إلى الواقع بصلة.
الإستقبال الحافل الذي لقيته الفرقة التي رفعت إسم لبنان عالياً، في واحدة من أهم المناسبات الإعلامية والفنية العالمية، كان مفعماً بعفويته الحارة، واللقاءات المؤثرة مع الأهل والأصدقاء، وبروز مشاعر الفخر والفرح بإنجاز إنتصار غير مسبوق في المسيرة الفنية اللبنانية.
ولكن الإستقبال الأهلي الذي تحول إلى مهرجان وطني بإمتياز، غابت عنه الدولة العلية بكل المسؤولين الذين من المفترض أن يكونوا معنيين بهذا الحدث الوطني الكبير. غاب وزير الثقافة عن الإستقبال، ويبدو أن وزير السياحة لم يسمع بالفرقة، ولا يدري ما حققته في فوزها العالمي في برنامج America’s Got Talent على العشرات من المشتركين القادمين من أنحاء العالم.
تواري المسؤولين المعنيين عن الإنظار في مثل هذه المناسبة الوطنية، وعدم الإهتمام الرسمي بمشاركة اللبنانيين فرحتهم في عودة فرقة الإبداع والتغلب على التحديات إلى أرض الوطن، يُعتبر فضيحة جديدة كشفت مرة أخرى، هذه الغربة المتجذرة بين الشعب والسلطة الفاشلة، ومدى سطحية الإهتمامات التي تشغل كبار المسؤولين والوزراء عن المناسبات المهمة التي تُحلق بسمعة ومكانة لبنان عالياً، وتحاول أن تمحو البصمات السوداء التي شوهت بها المنظومة السياسية الفاسدة الجسد اللبناني، وأهدرت رصيد عشرات السنين من التألق والإشعاع والإبداع الذي راكمته أجيال من المبدعين وأصحاب المبادرات الخلاّقة.
ألا يخجل أهل السلطة من تقصيرهم المعيب بحق النخب المتنورة التي تُكافح باللحم الحيّ، ليبقى علم الأرز خفاقاً في المحافل الدولية، ولتبقى مكانة لبنان محفوظة على خريطة الإبداع العالمية.
تغيب الدولة عن دعم النشاطات الثقافية والفنية الإبداعية بحجة العجز المالي والإفلاس، ولكن عندما تحضر الصفقات والسمسرات يختفي حديث الإفلاس، وتزداد جيوب المسؤولين إنتفاخاً.
لقد كرست فرقة «ميّاس» من جديد أهمية المبادرة الفردية في لبنان، والتي أكدت، منذ فجر الإستقلال، أن المواطن اللبناني، لا الدولة، هو الذي صنع ما كان يُسمى «المعجزة اللبنانية»، والتي أطفأت السلطة الحالية جذوتها في سلسلة الإنهيارات التي أوصلت البلاد والعباد إلى الإفلاس.
أما إنتفاضة المودعين ضد المصارف فلها حديث آخر.