فشل وزارة الإعلام في مشكلة خور عبدالله.

كتب عبد العزيز محمد العنجري في صحيفة القبس.
رغم أهمية حكم المحكمة العراقية بشأن بطلان التصويت على التصديق على اتفاقية «خور عبدالله» بالنسبة للكويت، فإن العالم خارج منطقتنا لا يعتبر هذا الموضوع «أزمة»، بقدر ما هو مشكلة بين طرفين. فالأزمة بنظر المجتمع الدولي توصف للوضع باليمن والسودان مثلاً.
عبّر بعض النواب في مجلس الأمة أخيراً مشكورين عما يدور في خواطرهم حول القضية، ورغم تحفظاتنا على بعض جوانب البيان، ندرك حرصهم وصدق نواياهم. وهم معذورون في اجتهادهم؛ لأن أغلبهم لا يملكون خبرة دبلوماسية كافية في مخاطبة المجتمع الدولي، وهذا مفهوم في ظل وضع سياسي قائم على التركيز بالشأن المحلي لعقود.
وبما أن رؤية المجتمع الدولي وتكييفه لأي مشكلة بيننا وبين العراق هما ما يعنياننا بالأساس، فلا بد لنا من التركيز على هذه النقطة، حتى لا نضيع أوقاتنا في ما لا يفيد قضيتنا، بل وربما يضرها. جزء كبير من المشكلة يدور على الساحة الإعلامية. فلنا الحق أن نتساءل: أين وزارة الإعلام مما يحدث؟ ولا نقصد هنا ما ينقله تلفزيون الكويت أو وكالة الأنباء الرسمية من تصريحات، سؤالنا حول الدور الأوسع لوزارة الإعلام، باعتبارها المفترض صوت الكويت القوي في الداخل والخارج، أين هي من هذه المشكلة؟ اين حراكها الديناميكي في المحافل الدولية؟
في خضم ما تعاملت معه الحكومة واعتبرته «أزمة» على أعلى مستوى، نجد أن أولويات وزارة الإعلام على مدى أسابيع، لم يكن حشد الجهود لإثبات الحق الكويتي في الساحة الدولية، وليس لتفنيد المزاعم العراقية، بل لدعم مشروع وزيرها من أجل تعديل قانون الإعلام لغرض فرض المزيد من التشدد والتضييق على الحريات ورصد ومراقبة الناس، ناهيك عن تقييد العمل الصحافي الحرّ. فهل هذه حقًا هو أولوية مَن يستشعر الخطر؟ هل جاءت في توقيتها المناسب؟ هل هذا هو أفضل استغلال لطاقاتنا ومواردنا؟ ولماذا تخشى «الإعلام» الكلمة الحرّة في بلد ينظّم الدستور علاقاته الرسمية والشعبية؟
على سبيل المثال لا الحصر، انتقد عدد من الكتاب العراقيين قرار حكومتهم وأنصفوا الحق الكويتي في مقالات منشورة، هل تعلم عنهم وزارة الاعلام؟ لماذا لم تُبرز هذه الأصوات؟ ألا يوجد نظام رصد إخباري في زمن البرمجيات السهلة لهذه الأمور؟ أين الحصافة المطلوبة لإدارة هذا الموضوع بفن؟ هل هدف الوزارة تثبيت حقنا من خلال الأدوات المتاحة؟ أم المراد هو الجعجعة بدون طحين لإثبات موقف شعبي للتكسُّب المحلي؟
بالنظر إلى الساحة الدولية، التفاصيل تغيب في كثير من الأحيان من الجانب الكويتي عندما يتعلق الأمر بنزاعات المنطقة. وتبرز هنا أهمية دور الإعلام في نقل الحقيقة وفهم التفاصيل. لكن صوت الاعلام الكويتي الرسمي غائب تماما عن الساحة الدولية. هل هناك خوف من التفاعل مع الإعلام الدولي، أم ضعف قدرات، أم غياب إمكانات؟ أم أن السبب هو تجمع كل هذه الأسباب بعضها مع بعض؟
لنأخذ وكالات الأنباء الأجنبية الموجودة في الكويت مثلا، وهي قليلة وأصبحت أقل خلال السنوات الماضية، تشكو هذه الوكالات من عدم التواصل معها، ولا أحد يجيب بشفافية عن أسئلتهم، ولا أحد يلتقيهم ليطلعهم على حقيقة الوضع بالكويت. ثم نشكو بعد ذلك من تجاهل الاعلام الاجنبي لنا وبأن الساحة الدولية لا تلتفت للكويت!
للأسف، نحن أضعف مما نتصور ونأمل بتغيير عاجل غير آجل يرى الإعلام الكويتي من منظور الخائف على بلده لا الخائف على منصبه، فالتقصير الإعلامي الكويتي واضح وينذر بالخطر، لأن ما نمر به الآن من مشكلة، كشفت لنا عن ضعف قدرات هذه المؤسسات، فماذا لو باغتتنا أزمة حقيقية؟
وَمَنْ يتهيب صُعُودَ الجِبَـالِ
يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَر
والله الحافظ والمستعان.