فرنجية رئيسا وسلام نحو الحكومة
منذ ٣٠ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله يؤكد ان في تصريحاته أن حزب الله لا يقبل بفراغ السلطة في لبنان بعد مغادرة الرئيس ميشال عون القصر الرئاسي ، وأنه يدعم بقوة ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية لمنصب الرئاسة، معبراً عن ذلك بجملة “حين نفعل ذلك لا نناور ولا نتراجع.”
لا نناور ولا نتراجع
ضم نصر الله صوته إلى صوت رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أعلن صراحة قبل يوم من خطاب نصرلله تأييده لفرنجية، معتبرا أن المواصفات المطلوبة في الرئيس تنطبق عليه، في حين أنه كان سابقاً يتجنب طرح اسم فرنجية كونه يشكل استفزازا لغالبية الكتل الحزبية في البلاد.
هذه هي المرة الأولى منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في الواحد والثلاثين من أكتوبر من العام 2022 التي يعلن فيها حزب الله بوضوح عن المرشح الذي يدعمه، والمرة الأولى أيضاً التي يكشف فيها بري عن ما وراء الكواليس.
لا يملك فرنجية حالياً العدد الكافي من الأصوات ليتم انتخابه حيث يعارض الحزبان المسيحيان الرئيسيان ترشيحه بقوة، ويرفضان شخصيته التي تشكل استفزازا لهم.
وبالرغم من إن منصب الرئاسة مخصص طائفيا للموارنة، فإن نصر الله ثابت على موقفه في مساندة فرنجية رغم الاعتراضات داخل الطائفة المارونية، واذا دلت عبارة “لن نناور ولا نتراجع” على شيء فإنما تدل على أن طرح اسم فرنجية في السباق الرئاسي لم يعد أحد سيناريوهات الأوراق الضاغطة التي سمح الراعي لكل من بري ونصر الله بالإفصاح عنها، بل أصبح خيارا أصيلا سيمضي به الثنائي الشيعي إلى نهاياته.
ففي الوقت الذي تشكل فيه إيران من خلال ترشيح فرنجية ملفاً استراتيجيا أول لحل الأزمة السياسية في لبنان، فإن قرب طهران من إنتاج “القنبلة النووية” وكونها على مسافة اثنا عشر يوماً من انهائها، وكون مخزون إيران من اليورانيوم المخضب أصبح أكثر من عشرة أضعاف المسموح به بموجب اتفاق فيينا، بالإضافة إلى التقارب الروسي الإيراني، تضافرت جميعها لتثير قلقا غربي، أميركياً وإسرائيلياً، وترفع منسوب التوتر لدى واشنطن و”تل أبيب” وتدفع بملف إيران إلى قائمة الأولويات مجددا.
في المقابل، حثت المجموعة التي تضم الولايات المتحدة والعديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ودول الخليج، روسيا والصين السياسيين على انتخاب رئيس جديد دون مزيد من التأخير، قائلة إنها “تشعر بقلق بالغ إزاء تداعيات الفراغ الرئاسي المطول.”
وقال مصدر دبلوماسي مطلع طالباً عدم الكشف عن هويته نظرا لسرية المناقشات، أن الاتفاق تمحور حول “ضرورة أن يكون رئيس لبنان المقبل شخصية قادرة على استعادة ثقة المجتمع الدولي بما يخدم مصلحة ايران التي تفضل أميركا أن تتعامل معها دبلوماسياً من خلال تكتيك العقوبات التي تصب في خانة “التجميل” الدولي.
ومع انسحاب واشنطن من الشرق الأوسط استراتيجياً، تولت كل من السعودية وإيران حل مشكلة الفراغ الرئاسي في لبنان من خلال دينامية جديدة للبلاد تتضمن توظيف أدوات إيران الاقتصادية، والدبلوماسية، والعسكرية والأمنية، من أجل المحافظة على ما تبقى لها من مصالح في لبنان النفطي.
ماذا يقابل انتخاب فرنجية رئيساً للجمهوية؟
يصر حزب الله على نصاب الثلثين لانعقاد مجلس النواب وانتخاب رئيس جديد. وقال “نحن نرفض رفضا قاطعاً أي إملاءات خارجية لفرض رئيس على لبنان.”
وفي الوقت الذي تم فيه تهميش رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في الملف الرئاسي والتحول باتجاه دعم فرنجية، بدعوة من نصرالله وبري. ومن الواضح أن حزب الله يخوض معركة شبيهة بمعركة دعم الرئيس ميشال عون وإيصاله لسدة الرئاسة.
يذكر أنها ليست المرة الأولى التي يرشح فيها حزب الله رئيس تيار المردة فرنجية في بازار الرئاسة الأولى، إذ سبق له أن طرح اسم فرنجية للترشيح عام 2016، فهل بات فعلا فرنجية ورقة نصر الله الضاغطة التي يريد أن يصل من خلالها إلى مبتغاه؟
أفاد مصدر مطلع ل”رأي سياسي” أن ” نصر الله لن يتخلى بأي شكل من الأشكال عن فرنجية، وجزم لموقعنا بأن “الحزب متمسك بفرنجية رئيساً، وكل كلام آخر مطروح عن إعلان التسمية من أجل المقايضة وتغيير المسار فيما بعد هو غير صحيح.”
ومع ترشيح نصر الله لفرنجية صراحة، نقلب صفحة الغموض الرئاسي ونفتح ورقة مقايضة بيضاء تكتبها السعودية حكومياً، بتأكيد المصدر المطلع بأن ” نواف سلام مصيره معلق بمصير فرنجية.”
وفي المعلومات، أن البخاري باشر اتصالاته مع الدول المشاركة في اجتماع باريس في سبيل تأكيد سيناريو فرنجية-سلام الثنائي الذي سيشكل رافعة جديدة لكل من إيران وأميركا. ما يعني أن نواف سلام سيكون رئيسا للحكومة، وفرنجية رئيسا للجمهورية في القريب العاجل.