فايننشال تايمز: مع قرب التوصل لاتفاق في فيينا.. خيارات إسرائيل محدودة مع إيران
نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا أعده ميهول سيرفاستافا قال فيه إن إسرائيل تواجه خيارات محدودة مع إيران. وقال إن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو هاجم القادة الغربيين في خطاب ألقاه أمام جلسة مشتركة بالكونغرس عام 2015 بسبب توقيع الاتفاقية النووية مع إيران، وهو خطاب كاد ينهي علاقة نتنياهو مع البيت الأبيض وإدارة باراك أوباما في حينه.
واليوم، حيث يحاول المفاوضون الغربيون والإيرانيون البحث عن طريقة للعودة إلى الاتفاقية التي خرج منها دونالد ترامب عام 2018، عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت عن مواقفه المعارضة من خلال القنوات السرية أو التصريحات الملطفة. وفي تصريح له هذا الأسبوع قال “نأمل أن تنتهي (محادثات فيينا) بدون اتفاق، فإلغاء العقوبات وتدفق مليارات الدولارات يعني مزيدا من الصواريخ ومزيدا من الطائرات بدون طيار وخلايا إرهابية، ومزيدا من الهجمات الإلكترونية والنشاطات الخبيثة”. وتعكس المواقف الأقل صدامية تقييما براغماتيا للخيارات المحدودة المتوفرة “للدولة اليهودية”، وذلك حسب مسؤولين إسرائيليين بارزين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم.
وبناء على الخطوط المحددة للصفقة، فقد تكون إسرائيل في وضع لقبولها. وقال يوسي كوبرفاسر، المدير السابق للأبحاث في وحدة الاستخبارات العسكرية “هناك تحول بسيط في النبرة، وأعتقد أن هذه الحكومة أقل صدامية مع الإدارة الأمريكية”. وأضاف “نحن لسنا ضد الاتفاق ولكننا نريد واحدا يضمن عدم قدرة إيران على إنتاج قنبلة نووية في أي وقت بالمستقبل”. وعلى إسرائيل افتراض أن توقيع اتفاقية بات محتملا في ظل رغبة الحكومة الأمريكية العودة إلى الاتفاق وحاجة إيران الماسة لتخفيف العقوبات عنها.
ويقول إفرايم أسكولاي الذي عمل مع هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية والوكالة الدولية للطاقة الذرية “لا أعتقد أن لدى إسرائيل أية خيارات حقيقية غير تقديم النصح للحكومة الأمريكية حول ما يجب أو لا يجب تضمينه في الاتفاقية”، مضيفا أن تأخير إيران العملية يجعل من الدور الاستشاري الإسرائيلي أقل فعالية “إيران تلعب بالوقت وباستثناء المعاناة من العقوبات فلديها اليد العليا هنا، الصواريخ وطموحات الهيمنة”.
وليس من الواضح فيما إن تم التوقيع على اتفاق جديد. ففي الوقت الذي عبرت فيه إيران عن التزامها بالتفاوض بفيينا مع بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، روسيا والصين ومحادثات غير مباشرة مع الولايات المتحدة وبوساطة الدول الأوروبية إلا أنها وضعت شروطا قاسية أمام أمريكا. وتقول إيران إنها ستتراجع عن كل التقدم الذي حققته منذ خروج ترامب من الاتفاقية وفرضه العقوبات من جديد، في حالة لم ترفع الولايات المتحدة العقوبات ولم تقدم ضمانات أن لا رئيس أمريكيا في المستقبل سيلغي الاتفاقية.
وعلى أي حال، ذكرت الحكومة الإسرائيلية الإسرائيليين أنها ليست ملزمة بما سيتم الاتفاق عليه في فيينا أيا كان. وهذا يعني أن يدها ستظل مطلقة في تخريب المنشآت النووية الإيرانية. ويشك أن إسرائيل هي وراء تفجيرات في المنشآت النووية والهجمات الإلكترونية. ويعتقد أنها وراء عملية اغتيال عالم ذرة إيراني مهم نهاية 2020.
وفي مقابلات مع عدد من المسؤولين الإسرائيليين اعترفوا أن عملية عسكرية شاملة لتدمير المشاريع النووية الإيرانية غير ممكنة من الناحية الفنية. وهذا بسبب المسافات البعيدة التي يجب على الطائرات الإسرائيلية قطعها وعدد المواقع النووية التي يجب أن تضربها، وبعضها أكثر من مرة. بالإضافة إلى وجود مواقع عدة تحت الأرض ووفرت لها الحمايات القوية. ويرى محللون أن إسرائيل ربما أخفت قدراتها للحفاظ على عنصر المفاجأة.
وخصص الجيش الإسرائيلي مئات الملايين من الدولارات لتجاوز التحديات التي ستواجهه في ضرب المفاعلات النووية الإيرانية. وذكرت الصحافة المحلية الإسرائيلية أن المسؤولين قدموا مجموعة من الخيارات للمسؤولين الأمريكيين في الأسابيع الماضية. وتظل فرص التأثير على الولايات المتحدة والقوى الدولية وسط المفاوضات ضئيلة، ولهذا يحاول بينيت ووزير خارجيته يائير لابيد تبني سياسة الأبواب المغلقة على أمل التأثير على النسخة النهائية للاتفاق عندما تصل إلى البيت الأبيض. وقال مسؤول “إنه وضع هلامي ومعقد، تقدم إسرائيل المعلومات الاستخباراتية لحلفائها، كي تمنحهم الوضوح حول طريقة المراوغة والانحراف” و”الولايات المتحدة تعي بشكل كامل مظاهر قلقنا، وهذا لا يعني قبولنا بكل شيء لمجرد أن الجميع يعرفون كل شيء”.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية إنه “لا حاجة لخسارة حسن النية وخلق خلاف علني” مع الولايات المتحدة في ظل دعم جوي بايدن القوي لإسرائيل. ودعت الاتفاقية الأولى المعروفة بخطة العمل المشتركة الشاملة للتركيز على 15 عاما بدءا من 2015، إلا أن مسؤولا تحدث مع بينيت قبل فترة أشار إلى أهمية التركيز على ما سيأتي بعد – أو ما سيطلق عليها خطة العمل المشتركة الشاملة 2، أي متابعة الاتفاقية بشأن الطموحات الإيرانية في مرحلة ما بعد 2030 والتي وعدت إدارة بايدن إسرائيل بأنها ستكون طويلة وقوية.
وبحسب شخصين طلبا عدم الكشف عن هويتهما فالموافقة التكتيكية على المحادثات الحالية إن لم تكن الصفقة النهائية قائمة على اعتراف مشترك من المجتمع الاستخباراتي الإسرائيلي أن الصفقة الأصلية التي رافقتها هجمات متكررة للموساد أعاقت في الحقيقة البرامج النووية الإيرانية. وتراجعت هذه المكاسب بتسريع إيران عمليات تخصيب اليورانيوم منذ خروج الولايات المتحدة من الاتفاقية.
وبحسب شخص مطلع على النقاشات داخل الحكومة الإسرائيلية، فقد أخبر الجنرال أهارون هاليفا، مدير الاستخبارات العسكرية مسؤولي الحكومة في كانون الثاني/يناير أن الاتفاقية كانت أفضل من الوضع الحالي الذي تتصرف فيه إيران بالطريقة التي يحلو لها. ومع استئناف المحادثات في فيينا قامت إسرائيل باستعراض قوتها الدبلوماسية، حيث زار الرئيس الإسرائيلي إسحق هيرتزوغ الإمارات العربية المتحدة وهي الأولى منذ توقيع اتفاقيات التطبيع عام 2020.
وقالت نجاة السعيد، الأستاذة بالجامعة الأمريكية في دبي إن الاتفاقية التي قامت على الشك بإيران سمحت لإسرائيل وحلفائها الجدد بزيادة الضغط على إيران. ومع ذلك فخيارات إسرائيل تظل محدودة، دبلوماسية أو عسكرية. وبحسب مسؤول عسكري “يظل الخيار العسكري قائما ولكنه قد لا يكون خيارا عظيما”.