رأي

فانس حارس وقف النار في غزة يثير قلق إسرائيل من دوره المتقدم

كتب سميح صعب, في النهار:

أثار تفهّم فانس للصعوبات التي تعترض عثور “حماس” على جثث ما تبقى من الأسرى الإسرائيليين قلقاً في إسرائيل.

عندما سئل الرئيس الأميركي دونالد ترامب على متن الطائرة الرئاسية “إير فورس وان”، التي كانت تقله في جولته الآسيوية، عما إذا كان سيترشح لولاية ثالثة عام 2028، أجاب بأن المسألة ليست بهذه السهولة، وبأنه يوجد مرشحون جمهوريون مؤهلون لذلك، مشيراً بالتحديد إلى نائبه جي. دي. فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو.
لا يعني هذا أن حلم الولاية الثالثة سيكف عن مداعبة مخيلة ترامب. وبالمناسبة، تلقى الرئيس الأميركي خلال جولته الآسيوية سؤالاً غير بريء، فحواه: هل من الممكن أن يلجأ إلى مناورة عبر فانس نفسه، بحيث يترشح الأخير للرئاسة، وبأن يترشح هو على لائحته نائباً للرئيس، ومن ثم يعمد فانس إلى الاستقالة، وتالياً يعود ترامب رئيساً؟ لم يكن جواب الرئيس بالنفي حاسماً، إذ قال إن الأميركيين قد لا تعجبهم هذه الطريقة.
الأمر شبه المحسوم هو أن ترامب يدفع دوماً بنائبه ليكون مشاركاً في تقرير السياسة الخارجية، من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، إلى آسيا، وطبعاً أميركا اللاتينية. ويتفكر الإسرائيليون الآن كثيراً في مقاصد ترامب من تكليف نائبه بدور الحارس لوقف النار في غزة.
تجلّى ذلك في مسارعة فانس، ليل الثلاثاء، إلى التعليق على انتهاك إسرائيل لوقف النار على نطاق واسع، بقوله إن صمود الهدنة لا يعني عدم اندلاع مناوشات من وقت إلى آخر. تصريح فانس سبق تصريح ترامب الذي كان منشغلاً بالتحضير للقمة مع الرئيس الصيني شي جينبينغ في كوريا الجنوبية أمس.

قوات إسرائيلية بالقرب من السياج الحدودي مع غزة. (أ ف ب)

وزار فانس إسرائيل عقب زيارة ترامب، والتقى رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين، وحرص على عقد مؤتمر صحافي في “مركز التنسيق المدني – العسكري” الأميركي في كريات غات قرب غزة، في حضور روبيو وجاريد كوشنر والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف. كانت هذه إشارة غنية بالدلالات إزاء الدور المتقدم لفانس.
معلوم أن “مركز التنسيق المدني – العسكري” ينتشر فيه 200 جندي أميركي، وانضم إليه ممثل دائم لوزارة الخارجية الأميركية، علاوة على جنود فرنسيين. ولا يحظى المركز برضا سياسيين إسرائيليين، لأنهم يعتبرونه انتقاصاً من سيادة إسرائيل، بوصفه أول قاعدة أجنبية تُقام في الدولة العبرية منذ تأسيسها.
أثار تفهّم فانس للصعوبات التي تعترض عثور “حماس” على جثث ما تبقى من الأسرى الإسرائيليين قلقاً في إسرائيل. وكذلك الحال عندما انتقد “المناورة الغبية” للكنيست الإسرائيلي، الذي وافق، في خطوة لا تخلو من الاستفزاز، في قراءة أولى، على تطبيق القانون الإسرائيلي في الضفة الغربية. القرار تزامن مع اليوم الأخير من زيارة فانس.
منذ الآن، يتحسب الإسرائيليون لاحتمال ألا يستطيع ترامب الترشح لولاية ثالثة، فيجدون أنفسهم أمام رئيس أميركي لا يحبذ، بالمبدأ، التدخلات الأميركية في الخارج، ويميل إلى سياسة “أميركا أولاً”.
الدور البارز لفانس في الشرق الأوسط الآن سينعكس بدوره على “احتفال اليمين” في إسرائيل، و”سيكون من المحظور إفساد العلاقات مع الولايات المتحدة” بعد الآن، بحسب ما كتب المحلل السياسي الإسرائيلي ران أدليست في صحيفة “معاريف” الأربعاء، ليسدي نصيحة إلى السياسيين الإسرائيليين “بالسير على الخط مع رجال فانس”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى