غياب الغطاء السعودي «يُكبّل» ميقاتي.. وتنازله أمام عون «يحرقه» سنياً
كتب علي ضاحي في “الديار”:
لا يزال «الجمود السني» على حاله وسط جو من الترقب والصمت، ومع غياب الوضوح السعودي بالتعاطي مع القيادات والاحزاب السنية والجمعيات بعد الانتخابات النيابية، وقد شهدت دار الفتوى سلسلة لقاءات واتصالات كان هدفها الوقوف على حقيقة الموقف السعودي وكيفية التعاطي السني مع المرحلة المقبلة.
وتكشف اوساط سنية رفيعة المستوى، ان اول المتصلين بمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان كان الرئيس فؤاد السنيورة، للتشاور في وضع الساحة السنية وكيفية لمّ الصفوف والتموضع خلف دار الفتوى، واللافت ان الاتصال بين الرجلين كان خلف الاضواء، رغم ان العلاقة بينهما واضحة، وسبق للسنيورة ان زار دار الفتوى قبل الانتخابات.
وبعد السنيورة، سجلت زيارة الى دار الفتوى للنائبين اشرف ريفي وفؤاد مخزومي، بعد تموضعهما في كتلة واحدة مع النائبين ميشال معوض واديب عبد المسيح. كما التقى المفتي دريان العديد من الشخصيات الاسلامية والسنية، وكان الهدف من اللقاءات ايضاً التشاور مع المفتي، والوقوف على حقيقة موقف السعودية من الساحة اللبنانية.
وتشير الاوساط الى ان دريان الذي يلتقي كل هذه الشخصيات، يؤكد ان دار الفتوى هي دار الجميع، وجامعة لكل المسلمين واللبنانيين، وان لا توجه لديه لأي اصطفاف او تصنيف فئوي او حزبي، وما يهدف اليه هو الحفاظ على الوحدة الوطنية والحفاظ على التنوع، وكذلك الحث على تشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس للجمهورية في المواعيد الدستورية الصحيحة.
في المقابل، تؤكد الاوساط ان العديد من القيادات السنية والحزبية والجمعيات والاندية، والتي «وعدت» من السفير السعودي وليد البخاري بمساعدات و»مكرمات» ودور سياسي فاعل في لبنان قبل الانتخابات وبعدها، تبلغت منه منذ فترة قريبة انه لم يتلق موافقة قيادته على اعادة «تسخين» الساحة اللبنانية، وتجميع السنّة وتأطيرهم في إطار داعم للرياض ويتبنى طروحاتها، بل تبلغ ضرورة «تجميد» كل حركته، ووضع كل حراكه «on hold» حتى إشعار آخر!
وتكشف الاوساط ان هذا التجميد، انسحب بدوره على ملف تشكيل الحكومة الجديدة، والحراك الذي قام به الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعد ايام من الاستشارات النيابية غير الملزمة وتقديمه تشكيلة لم تلاق قبول رئيس الجمهورية ميشال عون، ووضعت في إدراج المكتب الرئاسي، وتسببت فيما بعد بقطيعة بين الرئيسين عون وميقاتي حتى إشعار آخر.
وتقول الاوساط ان حركة ميقاتي الحكومية ، تبين انها مغطاة فرنسياً فقط، ولا يوجد غطاء او دعم سعودي لميقاتي للتأليف، رغم «غض النظر» في التكليف، وظهر ذلك عندما لم ينل السفير نواف سلام اصواتاً وازنة لينافس ميقاتي على التكليف، وفهم ان عدم تسمية «القوات» وحلفاء السعودية الآخرين لنواف سلام هي رسالة عدم ممانعة سعودية باعادة تكليف ميقاتي.
وتشير الاوساط الى انه وفي ظل وجود انقسام سني، وارباك على المستوى النيابي والحزبي والشعبي، وتجميد الرئيس سعد الحريري لنشاطه السياسي والحكومي والنيابي، ومع استمرار انكفاء السعودية عن لبنان وعدم تأمينها الغطاء لأي حكومة جديدة، يدفع هذا الوضع ميقاتي الى التشدد مع الرئيس عون والنائب جبران باسيل وعدم التنازل في ملف التأليف، كي لا يظهر الامر انه يتنازل عن صلاحيات الرئيس المكلف السني، او يعطي الرئيس عون وباسيل امتيازات حكومية جديدة ومنها ابقاء «الطاقة» في عهدة باسيل.
وبالتالي، تقول الاوساط، ان ميقاتي لن يفرط بورقة «الحقوق السنية» والصلاحيات في الملف الحكومي، وحتى لا «يحرقه» اي تنازل في الوقت الضائع، وما دام التشكيل غير متوافر لذلك يغدو اي تنازل مجانياً وبلا طائل!