غوتيريس يُشجع لبنان على ترسيم الحدود

كتب غسان حجار في “النهار”: لن تكون دعوة أبناء العرقوب ومزارع شبعا غريبة عن زيارة الامين العام للامم المتحدة انطونيو #غوتيريس الى لبنان، بل على العكس من ذلك، فان غوتيريس سيُسرّ إذا ما بادر اركان الحكم في لبنان الى طرح الموضوع للنقاش معه مما سيسهّل مهمته، او لنقل احد ابواب مهمته، التي لا تقتصر حكماً على التضامن مع الشعب اللبناني، لان التضامن الحقيقي لا يتحقق بزيارات يطغى عليها الطابع البروتوكولي.
وليس واضحاً ما اذا كانت دعوة هيئة ابناء العرقوب ومزارع شبعا من عندياتها ام انها تدخل في سياق خطة منسّقة، تشكل الهيئة أداتها ليس اكثر.
فقد أصدرت الهيئة بيانا مما جاء فيه: “يتكرم علينا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بزيارة للبنان للاطلاع على أوضاع اللبنانيين في ظل الأزمات المتراكمة، وللبحث في قضايا عديدة مع المسؤولين اللبنانيين. اننا اذ نرحب بهذا الجهد المشكور، فاننا نتمنى على سعادته وضع قضية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا على جدول اعماله، تنفيذا للقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار 425 الذي ينص صراحة على ضرورة الانسحاب الاسرائيلي من جميع الاراضي اللبنانية المحتلة من دون قيد أو شرط، وهذا ما ينطبق على المزارع والتلال”.
هذه الدعوة التي سيتلقفها مبدئياً الرئيس نبيه بري ستكون مقدمة لبحث جدي في كل الحدود مع اسرائيل، البحرية منها والبرية، وربط ذلك بالحدود مع سوريا ايضاً في ضوء الإشكال القانوني حول لبنانية مزارع شبعا او سوريتها. وسيحض الامين العام لبنان على المضي في المفاوضات الآيلة الى ترسيم الحدود البحرية القائمة حالياً برعاية اممية واميركية، لان التقدم في هذا الملف سيُستتبع بملفات اخرى، وربما يقول غوتيريس ان اسرائيل لا تمانع في الترسيم البري بعد البحري، لانها تضع الحدود البحرية في مرحلة متقدمة، وهي تسعى الى انجازه قبل آذار المقبل، الموعد المتفق عليه لبدء التنقيب عن الغاز في مناطق صارت متنازعا عليها في وقت سابق عندما طالب لبنان بمساحات اضافية وفق خرائط علمية دقيقة. وتعلم اسرائيل، ومعها الولايات المتحدة، أن لبنان اعتمد سياسة “اطلب الكثير حتى تحصل على القليل”، وهو في حاجة ملحّة الى ترسيم الحدود حتى لا ينهي هذا الملف متأخراً جداً بعد ان تكون العقود والاتفاقات الاقليمية وبين الدول انجِزت، ويصبح خارج دوائر التنقيب والاستخراج والتجارة.
سيدفع غوتيريس لبنان الى الترسيم البحري، على ان تكون الحدود البرية في مرحلة لاحقة، وتستمر رعاية الامم المتحدة لها، لان المنظمة الدولية ومعها الدول المعنية تدرك جيداً ان اسرائيل الساعية الى “اسرائيل كبرى اقتصادية” لا جغرافية لم تعد تهتم لأمتار عند “الخط الازرق”، بل انها ستوافق على تعديلات في هذا الخط في ما عدا مزارع شبعا ومحيطها، التي ستتركها لرعاية اممية، تحدد هويتها، وتسلّم ادارتها، بعد ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، وهو امر معقد الى حد كبير، ما يحوّل المواجهة الى امكنة اخرى، ويحشر المقاومة، اي “حزب الله”، التي تعلن تكرارا استعدادها للدفاع عن اي شبر او متر من ارض لبنان، لاستعادته من المحتل او الوصي او واضع اليد، لا فرق. كما انه يضع سلاح “حزب الله” امام تحدي الاستمرار، اذ ان مبرر وجوده هو مواجهة الاحتلال، ومتى زال الاخير، بحراً وبراً، يُمحى هذا المبرر، وتصير المطالبة بإزالته مبرَّرة قانوناً وشرعاً.




