اقتصاد ومال

غزة بلا كهرباء منذ 9 شهور… وبدائل صعبة ومكلفة

دخل الفلسطينيون في قطاع غزة شهرهم العاشر على التوالي في ظل الانقطاع الكامل لمختلف مصادر التيار الكهربائي، الأمر الذي تسبب بخلق مجموعة من الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، نظرا للاعتماد الكامل على الكهرباء في العديد من المهام الصناعية والتجارية والصحية والمعيشية.
وحتى قبل الحرب الدامية والقاسية في غزة من جانب دولة الاحتلال، قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة في 28 يونيو/حزيران، 2006، ما أشعل فتيل أزمة الكهرباء الضارية التي تعيشها غزة منذ ذلك الوقت.
ووفق مصادر فلسطينية فإن الانقطاع الكامل للتيار الكهربائي بدأ منذ الأسبوع الأول للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بفعل قطع خطوط الكهرباء الإسرائيلية، إلى جانب إغلاق المعابر، ومنع دخول الوقود اللازم لتشغيل المحطة، أو لتشغيل المولدات الكهربائية التي من شأنها توفير الطاقة البديلة.


انقطاع الكهرباء وبدائل صعبة في غزة

وضمن سلسلة الأزمات التي تواجه الفلسطينيين خلال الحرب الحالية، يحاول أهالي قطاع غزة الاستعاضة عن الكهرباء عبر توفير ألواح الطاقة الشمسية، فيما يدفع تضاعف أسعار تلك الألواح الآلاف للتعامل مع الطرق البدائية التي تحاول توفير البدائل البسيطة التي تمكنهم من إتمام المتطلبات اليومية، والمتعلقة بالطبخ، وصنع الخبز، وشحن الهواتف وبطاريات الإضاءة، وغيرها من المهام اليومية.

وإلى جانب المُشكلة الحقيقية التي خلقتها أزمة الانقطاع الكامل للتيار الكهربائي في الواقع المعيشي المُتأزم بفعل انعدام مختلف مقومات الحياة نتيجة تواصل العدوان الإسرائيلي، فإنها تسببت كذلك بخلق تأثيرات سلبية على الواقع الاقتصادي والمصانع، والمحال والمصالح التجارية، التي تضررت بفعل انقطاع الكهرباء، فيما تضرر الجزء الأكبر من القصف والتدمير الإسرائيلي المباشر.



مشاريع صغيرة 

وأتاحت أزمة الانقطاع الكامل للكهرباء للبعض افتتاح مشاريع صغيرة تعتمد على الطاقة البديلة لشحن الهواتف، والبطاريات، وتبريد المياه، وصنع المثلجات، وبعض الأطعمة والمعجنات، كذلك طحن اللحوم وعجينة الفلافل الشعبية، والحِلاقة، وغسل الملابس، علاوة على تأجير المولدات الكهربائية الصغيرة بالساعة لرفع المياه للطوابق المُرتفعة، إلى جانب مجموعة من المشاريع التي تختص بتوفير طاقة محدودة لأداء المهام البسيطة.

ومع اتجاه الفلسطينيين إلى توفير البدائل بفعل انقطاع الكهرباء، والوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية تضاعفت أسعار ألواح الطاقة الشمسية خمس مرات، لتصل إلى ما يزيد عن ألف دولار أميركي للوح الواحد، إلى جانب غلاء أسعار الكوابل والمكابح، كذلك البطاريات ذات الأحجام الكبيرة والتي وصلت إلى عشرة أضعاف سعرها الطبيعي.
ويوضح الفلسطيني نضال السرحي، وهو تاجر أجهزة كهربائية، ولوازم الطاقة البديلة أن أزمة ألواح الطاقة كانت تلوح في الأفق قبل بداية الحرب، بسبب الإغلاق الإسرائيلي المتواصل للمعابر، وتذبذب دخول مواد الطاقة البديلة ضمن سياسة الحصار الإسرائيلي المفروضة على قطاع غزة منذ سبعة عشر عاما.

ويلفت السرحي بحديث لـ”العربي الجديد” إلى أن الحرب الإسرائيلية الشرسة على قطاع غزة، ضاعفت كافة الأزمات التي كانت موجودة أصلا، وفي مقدمتها أزمة الكهرباء والتي كانت تصل وفق جداول تتراوح بين 6 ساعات وصل و12 ساعة فصل، وفي أفضل الأحوال 8 ساعات وصل مقابل 8 ساعات فصل، حيث تم قطع إمدادات الكهرباء بشكل كامل، وإغراق قطاع غزة في الظلام الدامس، وتعطيل كافة المصالح المُرتبطة بالكهرباء، خاصة مع تزامن قطع الكهرباء، مع منع دخول الوقود.
ويوضح أن اتجاه نسبة من المواطنين إلى اقتناء ألواح الطاقة الشمسية ضمن الحلول المبدئية للتغلب على الأزمة ساهم بارتفاع سعرها، وفقا لقاعدة العرص والطلب، خاصة في ظل الكميات القليلة التي كانت معروضة، إلى جانب الاستهداف الإسرائيلي المُتعمد لألواح الطاقة الشمسية بهدف تعميق الأزمة، وعدم إتاحة العديد من البدائل أمام المواطنين.


أزمة طاقة ممتدة

من ناحيته، يرى الفلسطيني عثمان سعد الذي افتتح بسطة لبيع بطاريات الإضاءة والليدات (ألواح الإنارة ذات الأحجام الصغيرة) أن أيا من البدائل لا يُمكنها تعويض انقطاع التيار الكهربائي، خاصة في وضع قطاع غزة الذي يعاني من أزمة الطاقة منذ سنوات، إلا أنها تضاعفت بشكل كبير مع بدء العدوان الإسرائيلي على غزة.
ويُبين سعد لـ”العربي الجديد” أن الاعتماد الكامل على البطاريات ذات الأحجام الصغيرة في الإضاءة اليومية، وكذلك شحن الهواتف، إلى جانب شحنها عن طريق الطاقة غير المُنتظمة، تسبب في خسارة مُعظمها للعُمر الافتراضي، ما أثر سليا على جدوى عملها، في ظل الحاجة الماسة إليها، وعدم توفر البدائل، والارتفاع الكبير في أسعارها.

وإلى جانب تدمير البنية التحتية، وشبكات وأعمدة وقواسم الكهرباء فقد تسبب القصف الإسرائيلي بتدمير ما يزيد عن 70% من الأبراج والبيوت والمُربعات السكنية، وتهجير نحو مليوني فلسطيني قسرا من مُحافظتي غزة والشمال نحو المُحافظات الوسطى والجنوبية، بدون قدرتهم على اصطحاب أي من مصادر الطاقة، أو حتى بطاريات الإضاءة، لاعتقادهم بأن النزوح لن يستمر سوى لأيام، إلا أن طول أمد الحرب تسبب بأزمة حقيقية باتت تُلاحقهم، وتتفاقم يوما تلو الآخر.
وتدفع تلك الأزمة النازحين الفلسطينيين إلى مُحاولة التغلب عليها للإيفاء بالمتطلبات اليومية، حيث يعتمد البعض على ألواح الطاقة الشمسية وبكفاءات مُتفاوتة، فيما يشحن البعض الآخر الهواتف وبطاريات الاضاءة بمقابل مادي يتم تحديده حسب حجم البطارية المُراد شحنها، كذلك يتم تبريد المياه بمقابل 2 شيكل للزجاجة الواحدة، كما يتم صنع الخبز على الأفران الطينية، التي تعمل على إشعال الحطب الذي ارتفع ثمنه ليصل إلى 5 شواكل للكيلو الواحد، (الدولار = 3.68 شواكل تقريبا).
يذكر أن احتياج قطاع غزة للكهرباء يبلغ 400 إلى 500 ميغاواط، ويصل إلى 600 ميغاواط في ذروة الاستخدام خلال فصلي الشتاء والصيف، وما كان يتوفر للمحطة من مختلف الأطراف المصرية والإسرائيلية مع إنتاج محطة الكهرباء لا يتجاوز 250 ميغاواط، بعجز يتراوح بين 50 و70% عند تأثر عمل المحطة، الأمر الذي كان ينعكس على طبيعة جداول توزيع الكهرباء قبل الحرب، إلى أن تم إيقافها بشكل كامل منذ أكثر من 9 أشهر بفعل قطع إمدادات الكهرباء من الجهات كافة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى