غزة السجن المفتوح.. والهدنة كذبة

كتب فخري هاشم السيد رجب, في “القبس” :
ولو افترضنا جدلاً أن الهدنة تحققت، فما الذي ينتظر فلسطينيو غزة؟ وهل محاولة التسلل اليوم تعني أن التوجه بات نحو الجنوب اللبناني؟
ماذا فعل السابع من أكتوبر العجيب؟!..التساؤلات كثيرة وعجيبة لغرابة الذي حصل، فمثلا «نيويورك تايمز» الأمريكية قالت حرفيا إن تكهنات مشككة في مصداقية القيادة (الإسرائيلية) ظهرت أخيرا، وتعتبر أنه لا يمكن تفسير هذا الفشل التاريخي في صد هجوم حماس بأنه مجرد اختراق أمني واستخباراتي، وأن وصول أكثر من ألف مقاتل من عناصر حماس وتوغلهم بالجرافات والطائرات الشراعية والدراجات النارية لم يكن طبيعيا، وكذلك قالت «نيويورك تايمز» إنه في العاشر من أكتوبر، اي اليوم الثالث للهجوم، نقلا عن احد أكبر مسؤولي الأمن (الاسرائيلي) قوله: قبل فترة قصيرة من تدفق المهاجمين إلى الشريط الحدودي، فجر السبت الماضي، اكتشفت المخابرات (الإسرائيلية) أن هناك شيئا غير عادي يحدث، وأرسلت تنبيها إلى الجنود الذين يحرسون الحدود في غزة، ولكن التحذير قوبل باللامبالاة، كذلك أكد مايكل مكاول رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، عقب اجتماعه المغلق مع مجموعة المشرعين حول هذا الهجوم، حيث قال: إن (إسرائيل) تلقت تحذيرات من مصر حول أعمال عنف متوقعة قبل ثلاثة أيام من الهجوم، لكن التحذير مر مرور الكرام.
أما فلسطينيا، فما هو تفسير تفاصيل أحداث وقائع مسلسل «قبضة الاحرار»، وهو من إنتاج حماس، المسلسل كما قيل اشرف عليه السنوار بصورة شخصية عام ٢٠٢٢، كل من شاهد العمل علم أن التفاصيل نفسها حصلت في عملية السابع من أكتوبر، فما هو التعليل اليوم؟ وماذا يحدث بالضبط؟ هل حقا دولة الاحتلال كانت لها مصلحة في التعامي عن الاختراق الفلسطيني ليتسنى لها تدمير غزة وتنفيذ خطة التهجير، بدليل إصرار نتانياهو على الحرب؟ وماذا لو توقفت الحرب؟ فماذا سيحصل؟
قبيل ساعات من كتابة هذا المقال قامت قوات الاحتلال بمحاولة تسلل إلى جنوبي لبنان، حيث حاول اللواء غولاني الدخول من جهة خربة زرعيت مقابل بلدة راميا، وقد تصدى لها حزب الله بعبوة ناسفة ثم استهدفها بعدة قذائف مدفعية، ونتج عن هذه المحاولة مقتل ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة. هذا، في الوقت الذي تتالى فيه التصريحات والاجتماعات والقيل والقال عن اقتراب الوصول إلى هدنة، والسؤال اليوم: هل هناك من يريد حقا وقف هذه الحرب؟ وهل المحاولات السابقة الفاشلة كانت جدية حقا بحق مدينة بات أكثر من ثمانين بالمئة من أهلها نازحين؟ ونصف المباني في حضن الأرض؟
الأكيد أن دولة الاحتلال ستستمر في ملاحقة اي شخص، وليس القادة فقط ممن ينتمون إلى حماس.. وستتكرم بعض الدول العربية وايضا الغربية لإعادة إعمار غزة.
غزة التي ستبقى اليوم تحت الحراسة الأمنية لدولة الاحتلال، وهو شرط لا يمكن التنازل عنه في حال حصلت الهدنة، وهو ما يعني أن احلى الأمرين أن غزة ستتحول إلى سجن بلا سقف، تشرف عليه دولة الاحتلال مباشرة، وتبقى الاحتمالات هذه المرة محدودة، إما حرب مباشرة أو حرب تشوبها خطط سياسية تُمرر دونما سؤال عن الضحايا، مهما كان الانتماء.