عودة لبنان الى الأمم المتحدة

خاص رأي سياسي – نائلة حمزة
عاد لبنان للعب دوره الطبيعي وحضوره في أعمال ومناقشات الأمم المتحدة ولجانها المتخصصة، بعد دفع مستحقات عامي 2022 و2023، وذلك بعد أن كان قد خسره للمرة الثانية خلال ثلاث سنوات، بعدما تخلفت الدولة عن سداد ديونها بالعملة الأجنبية في عام 2020 وأصبحت عاجزة إلى حد كبير منذ ذلك الوقت مع تقليص الإنفاق في جميع المجالات.
وسارعت الحكومة اللبنانية إلى البحث عن حلول، وتكثفت الاتصالات بين وزارة الخارجية ووزارة المال ولجنة الشؤون الخارجية والمغتربين لتأمين المدفوعات التي تناهز المليون و800 ألف دولار، بعدما كانت مساهمات لبنان للمؤسسات الدولية ترد في موازنة المالية العامة سنوياً، ومن بينها المساهمة للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وصندوق النقد الدولي واليونيسيف والأونيسكو والفاو واتحاد البرلمانات العربية وغيرها الكثير من المؤسسات، وقد أدت الأزمة المالية التي تعصف بلبنان إلى تأخير في تسديدها.
رئيس لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النائب فادي علامة، عزا “التأخير إلى تقصير مصرف لبنان في هذا الاطار”، ولفت ل”رأي سياسي”الى “الدور الاساسي الذي يلعبه المصرف في إطار تأمين الاعتمادات بالعملة الاجنبية والتحويلات الخارجية، ومسؤوليته عن التأخير في دفع هذه المستحقات.
وفيما شدد علامة على أن “لبنان مهتم كثيراً بالحفاظ على علاقات مميزة مع الأمم المتحدة وسمعته الخارجية “، حذر من أن “عدم انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة تُسأل عن الأخطاء، يهدد بأن يقود إلى أمر مشابه”، مؤكداً أن هذا المثل هو من الأمثلة التي تحتم علينا إعادة إنتاج سلطة تنفيذية جديدة، والدخول في حوار وتفاهم واسعين لانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة.”
ولا يمر الأمر من دون أن نعود الى ما قاله حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والذي كان أشار في أكثر من مناسبة إلى أن “حكومة الرئيس السّابق حسان ذياب أصرّت على توقف لبنان عن دفع الدَّين الخارجي، ومصرف لبنان كان معارضًا لعدم سدادا اليوروبوندز، وأن لبنان توقف عن دفع المستحقات على الديون الخارجية للسندات اللبنانية المشترية بالعملة الاجنبية دوليا، فحالة التعثر وضعت الدولة في مكان العاجز على تمويل احتياجاته.
سداد اشتراكاته المالية
قرار المنظمة الدولية بتوقف لبنان عن التصويت جاء، بحسب المادة (19) من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على أنه “لا يكون لعضو الأمم المتحدة الذي يتأخر عن سداد اشتراكاته المالية في المنظمة حق التصويت في الجمعية العامة إذا كانت قيمة المتأخر عليه مساوية لقيمة الاشتراكات المستحقة عليه خلال السنتين الكاملتين السابقتين أو زائدة عليها.”
وسبق للبنان أن خسر حق التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة ربطاً بالأزمة المالية التي تمرّ بها البلاد منذ أواخر عام 2019، والتي حالت دون تسديده المساهمات المالية المطلوبة، الأمر الذي أدى عام 2020 إلى تعليق حقه بالتصويت، قبل أن يستعيده بعد ثلاثة أيام، مع تسديد اشتراكاته.
ويمكن قراءة العجزعن سداد المستحقات، عبر آلية السندات الدولية، نتيجة لعدة أمور، على رأسها إهمال القضية منذ سنوات، واعتماد الحكومات المتعاقبة على الاستدانة من الخارج، لتمويل إنفاقها الجاري بالموازنة العامة للدولة، والتي ظلت على مدار الفترة ما بين العام 2005 و2015 مجمدة، ولا تناقش أو تعتمد من قبل البرلمان بالاضافة الى الأزمة التي يمر بها لبنان منذ العام 2019.
آثارالأزمة المالية التي يعيشها لبنان لم تقتصر على ذلك بل امتدت إلى الحضور الديبلوماسي للبنان في الخارج وتأخر صرف رواتب السفراء والعاملين في السلك الديبلوماسي ومصاريف السفارات ، ما يهدد استمرارية العمل في سفارات لبنان وقنصلياته في الخارج التي تقدم الخدمات لنحو 15 مليون لبناني مغترب ومنتشر.