رأي

عهد جديد… و”باريتو” مفيد للحكومة والبلد

كتب أحمد الدوّاس في صحيفة السياسة.

توصل أحد الاقتصاديين الإيطاليين إلى حقيقة، وهي أن الأشياء والأمور ليست كلها مهمة، إنما بعضها.
لنضرب أمثلة على ذلك: ليس كل موظفي الدولة مخلصين في عملهم، إنما بعضهم، وفي المدرسة ليس كل الطلاب أذكياء، إنما بعضهم، حتى المعلمون ليسوا كلهم يشرحون بسهولة، إنما بعضهم يفعل ذلك، كما أنك لا تتصل بجميع أصدقائك، إنما بعضهم، ويمكن ان نقول: ليس كل الناس طيبين، إنما بعضهم.
وحول ارتداء الملابس فأنت لا ترتدي كل ملابسك الموجودة في الخزانة، إنما بعضها، كما ان ليس كل البلدان راقية، إنما بعضها.
وعندما تقرأ كتاباً ستجد ان ليس الكتاب كله مهماً، بل فقرات منه، وحتى الوقت، يكفي أن تنشغل فيه قليلا كالعمل، ثم اقض الساعات الأخرى مع عائلتك وهكذا، وهذا التفكيرأوالمفهوم يُسمى “مبدأ باريتو”.
هذا الفكر ينفع الإنسان والبلد، فالجزء أو البعض هو الأهم، ومن المؤسف ان الوزراء والنواب لم يركزوا على هذا الجزء المهم حتى اليوم، إنما انشغلوا بالأمور الأخرى، فالنواب عندما باشروا عملهم في المجلس بعد نوفمبر 2016 سرعان ما تحدثوا عن الرياضة ثم الرياضة، وانحدر مستوى حوارهم، بل تشاجروا وتبادلوا الألفاظ النابية، وتركوا حل مشكلات مهمة مثل: البطالة بين الشباب الكويتي، وانتشار العنف بينهم، وزيادة الجرائم بشتى أشكالها، وانخفاض مستوى التعليم، العدد الهائل للوافدين، ومعاناة المواطن المعيشية، وازدحام السير، البنية التحتية للدولة، والمتقاعدين، والأموال المسروقة.
وكان الأجدر بالوزراء ونواب الأمة ان يبذلوا جهدهم في سبيل حل هذه المسائل المهمة في بادئ الأمر.
يـُعد تحليل”باريتو” وسيلة إبداعية للنظر في أسباب المشكلات لعلاجها، وبدأت هذه الفكرة عندما توصل الاقتصادي الإيطالي فيلفريدو باريتو في عام 1906 الى فكرة البعض هو الأهم، وذلك عندما لاحظ ان بعضاً من الإيطاليين يملكون معظم الثروات في بلاده، ثم طُبق المفهوم على الناس، والوقت، والأصدقاء، والأشياء والأمور الأخرى.
لذلك ينبغي على الناس وأعضاء الحكومة ونواب البرلمان ان يركزوا جهدهم على “المسائل المهمة”، لخير الوطن والمواطن، ويتركوا المسائل الثانوية.
مثلا ان يركز هؤلاء على إصلاح الوضع الداخلي في الكويت فوراً، كحل مشكلات المواطنين المعيشية، فالأقربون أولى بالمعروف، وخفض عدد الوافدين، وتقوية الأمن الداخلي، فقد انتشر العنف وتفشت الجريمة.
والاهتمام بشباب الكويت، وتحسين شبكات الطرق، وإنشاء صناعات دوائية، وتشجيع المشروعات السياحية، ووقف المساعدات المالية للخارج، ولو لبضع سنوات، لا ان ينشغلوا بأمور أخرى.
ويا حبذا لو تم إنشاء جهاز خاص لعلاج الأزمات، يتبع مجلس الوزراء، ويقترح الدراسات والأفكار المفيدة، فالنمسا، مثلا، تتبع نظاما تشترك به الحكومة مع مجموعة من المفكرين الأكاديميين والعمال والصناعة، ويناقش هؤلاء المسائل المتعلقة بالمجتمع، ثم يرفعون التوصيات المناسبة الى البرلمان، والى الوزارات المختصة.
نُعـيد نشر هذا الفكر مجددا، عسى أن ينفع البلد، في العهد الجديد.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى