رأي

عن التهدئة جنوباً… والضربات في سوريا

كتب وليد شقير في صحيفة نداء الوطن.

بينما تبقى جبهة غزة مشتعلة، مع كل ما تنتجه من كوارث إنسانية يعجز المجتمع الدولي عن وضع حد لها، يستمر اللعب على حافة الهاوية على جبهة جنوب لبنان باعتباره الميدان الذي يمكن أن تنطلق منه عملية توسيع الحرب التي يحذر منها الفرقاء الدوليون كافة.

في الأيام الماضية شهدت المواجهات في الجنوب نقلة جديدة في مستوى الصدام حملت معها مؤشرات عدة:

– القصف الإسرائيلي الجوي لمواقع تابعة لـ»حزب الله» في عمق جديد هو منطقة البقاع، بما يؤشر إلى أن التفوّق الإسرائيلي الجوي يسمح له بأن يتجاوز المساحة المحدودة ضمن قواعد الضبط للعمليات القتالية مع «الحزب». كما أنّ العدو يدل بقصفه أنه يلاحق مخازن أسلحة ومواقع وأنه قادر على تجاوز فعالية أسلحة امتلكها أو يمكن أن يمتلكها «الحزب»، وهذا يضاف إلى نجاح إسرائيل في اصطياد عدد لا بأس به من القياديين في قوات «الرضوان» والتشكيلات العسكرية الأخرى في «الحزب».

– إسقاط الأخير طائرة إسرائيلية مسيّرة بصاروخ أرض جو قبل أيام طرح السؤال عما إذا كان الأمر رسالة للجيش الإسرائيلي بأن تطوير «الحزب» ترسانته العسكرية شمل امتلاكه أسلحة تعيق حرية حركة الطيران المعادي بحيث يمكن أن يواجه مفاجآت في حال توسيع الحرب ولا تكون عربدة طيرانه في الأجواء اللبنانة مأمونة. هذا فضلاً عن أنّ إطلاق الصواريخ الدقيقة التي عرض «الحزب» نماذج منها في قصف العمق الإسرائيلي مثل صفد وغيرها وتهديده ببلوغ إيلات، قد يستهدف أيضاً مطارات عسكرية إسرائيلية فيعطل إقلاع الطيران الحربي المعادي.

زخرت الأسابيع الماضية بنماذج عما سيكون عليه أي توسيع للحرب عن طريق جبهة الجنوب، آخرها تحريك الجيش الإسرائيلي أمس لأرتال من دباباته نحو الحدود مع لبنان.

قد يكون كل ذلك في إطار لعبة حافة الهاوية من جانب الطرفين، لكن أوساطاً لبنانية تنقل عن حاملي الرسائل التحذيرية الغربية، من الجانب الإسرائيلي للبنان، بأنها «ليست للمناورة»، وأن على لبنان ألا يكتفي باعتبارها «لبلف» المسؤولين فيه. ناقلو هذه الرسائل يعتبرون أن هناك تل أبيب مختلفة عن السابق بعد عملية 7 تشرين الأول الماضي التي نفذتها «حماس»… وأكثرية حكامها ومجتمعها باتت لا تأبه لعواقب الحرب، وهي تصر على وجوب ابتعاد «حزب الله» مسافة 10 كيلومترات عن الحدود، ومعه أسلحته الثقيلة، لضمان أمن المستوطنات الشمالية، وإلا ستلجأ القيادة الإسرائيلية مدعومة من أكثرية شعبها للخيار العسكري إذا لم تنجح الجهود في الحل الدبلوماسي، حسبما يقول ناقلو الرسائل هؤلاء. وهم يستدلون إلى ذلك من طريقة خوض حرب الإبادة الوحشية التي يخوضها الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين في غزة…

صحَّ ذلك أم لم يصح، وسواء كان تهويلاً أم لا، فإنّ المغامرة بإساءة التقدير من الجانبين، تأخذ البلد والمنطقة إلى دمار قل نظيره. لذلك تصبح الخشية من أن لا تؤدي الهدنة المؤقتة في غزة، في حال التوصل إليها قبل بداية شهر رمضان المبارك، إلى ضمان التهدئة ووقف العمليات الحربية على جبهة الجنوب.

فضلاً عن أن وزير دفاع العدو يوآف غالانت قال إنّ جيشه سيواصل ملاحقة «الحزب» في ظل الهدنة في غزة، ما يطرح السؤال عما إذا كان «حزب الله» سيبقى مكتوف الأيدي في حال استمر الجيش الإسرائيلي في ضرب قواته ومراكز «حرس الثورة» الإيرانية في سوريا، مثلما حصل في قصفه ليل أول من أمس ريف دمشق ومراكز إيرانية في محيط مقام السيدة زينب حيث تنتشر مكاتب ميليشيات تابعة لطهران، ومن ضمنها «الحزب». فبعض العمليات التي قامت بها المقاومة في الأشهر الماضية انطلاقاً من لبنان، كانت رداً على استهداف محور المقاومة سواء في سوريا، أو في العراق وليس فقط لإسناد غزة… قد لا تمنعها هدنة غزة من تكرار ذلك.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى