أبرزرأي

عمالة الأطفال … الاستغلال يتزايد و مساعي المعالجة خجولة

كارول سلوم.

خاص رأي سياسي …


في الثاني عشر من حزيران من كل عام تحل مناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال ، ولأن الحاجة ضرورية لتحقيق التغيير وتنشيط العمل الدولي للقضاء على هذه الظاهرة، تقرر أن تحمل احتفالية سنة ٢٠٢٣ من الأمم المتحدة الشعار التالي ” تحقيق العدالة الاجتماعية للجميع . إنهاء عمل الأطفال “…

ويعد لبنان من الدول التي تنتشر فيه هذه الظاهرة بكثافة لاسيما بفعل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تدفع بالأطفال إلى التخلي عن الأمكنة المناسبة لهم في المدارس واللجوء إلى العمل لمساعدة عائلاتهم في سنوات مبكرة جدا .وقد أظهر المسح الذي أجرته ” اليونيسف” على الأطفال اللبنانيين وغير اللبنانيين أن واحدا من كل عشرة أطفال في لبنان التحق بالعمل وإن ١٥ في المئة من الأسر توقفت عن تعليم أطفالها. اما تقارير مراقبة الحماية الصادرة عن لجنة الانقاذ الدولية IRC ، فأشارت إلى ارتفاع نسبة الأسر التي لديها طفل واحد على الأقل يعمل، من ٩ في المئة في النصف الأول من ٢٠٢١ إلى عشرة في المئة في الفترة ذاتها من ٢٠٢٢، مع العلم أن العديد من الأسر ذكرت أن لديها أكثر من طفل يعمل .

وفي الوقت الذي دق المعنيون بملف عمالة الأطفال ناقوس الخطر جراء ارتفاع معدل هذه الظاهرة ، جاءت خطوة شركة إدارة التبغ والتنباك “الريجي” للحد منها وقد ذكرت في بيان لها أنه ” تمنع استخدام عاملين دون السن القانونية أو تكليفهم بمهمات خطرة كقيادة المركبات أو تشغيل الات أو التعامل مع المبيدات الزراعية أو حمل الأوزان الثقيلة أو الاستمرار بالعمل لساعات طويلة أو فى اجواء غير ملائمة كما أنها تعمل على توعية المزارعين بضرورة حظر الأستعانة بالأطفال للقيام بالأعمال الخطرة خلال زراعة التبغ أو التنباك.. واكتفت مصادر الريجي بالقول لموقع ” رأي سياسي” أنها ملتزمة بما صدر عنها في البيان.

في المقابل، لا تزال بعض المؤسسات والمحلات تلجأ إلى استخدام الأطفال في الأعمال والوظائف التابعة لها مهما كان نوعها . ويقول رامي البالغ من العمر ١٠ اعوام لموقعنا إنه يعمل في محل لبيع الخضراوات ويساعد في اختيار الخضار والفاكهة وانه يتوجه إلى منازل البعض لتوصيل طلبات الزبائن ، وغالبا ما تكون كثيرة ويذهب إليها سيرا على الاقدام ويتقاضى أقل من ٣ ملايين ليرة شهريا وهذا المبلغ لا يكاد يكفي لشراء الاحتياجات الأساسية لكنني المعيل الأساسي لعائلتي بعد وفاة والدي وفق ما يؤكد .

اما محمد البالغ من العمر ١٥ عاما فيقول إنه بدأ بالعمل في مجال ميكانيك السيارات منذ ثلاثة اعوام وهو يتقنها حاليا حتى أن الزبائن باتوا يطلبونه بالأسم ويشدد على أنه نادم على عدم تلقيه الدروس في المدرسة إنما في الوقت عينه يعتبر أن ” شغلتو بتطلع دهب ” في المستقبل . كما رامي ومحمد هناك أطفال نسوا معنى الطفولة وانخرطوا في أعمال أكبر بكثير من أعمارهم واختاروا عدة العمل وتوزعوا على الطرقات بدلا من الكتب والألعاب.

وتفيد رئيسة وحدة مكافحة عمل الأطفال في وزارة العمل نزهة شليطا أن عدد الاطفال العاملين قدر بأكثر من ٢٠٠ الف من مختلف الجنسيات وفي مختلف القطاعات على الأراضي اللبنانية وتتوقف عند غياب الإحصاء الرسمي الشامل لهذا الموضوع .
وتلفت شليطا ل”رأي سياسي” إلى استغلال الأطفال في النشاط الزراعي كما إلى استغلال الفتيات جنسيا في أعمال الدعارة والفتيان في ترويج المخدرات من خلال مجموعات تعمل في هذا المجال ، داعية إلى معالجة غياب الدعم الدولي لمراكز حماية الأطفال وتكثيف التعاون بين الوزارات المعنية ودعم اللجنة الوطنية لمكافحة عمل الأطفال.

وتقول الإخصائية النفسية جمانة عنتر لموقعنا إنه” لا بد الإضاءة أولا على الأسباب التي تدفع بالأطفال إلى العمل في سن مبكر وتؤدي إلى إدخالهم في مجموعة عمالة الأطفال، وهذه الأسباب متعددة وابرزها مشاكل أو صراعات عائلية تؤدي إلى تفكك عائلي وتشرد الأطفال وبقائهم على الطرقات واللجوء إلى العمل كي يتمكنوا من العيش ، والفقر والظروف الاقتصادية هي من الأسباب أيضا التي تدفع الأهالي إلى إرسال اولادهم إلى العمل في سن صغير وفي بعض الحالات تحصل وفاة لدى أفراد العائلة فيضطر الطفل إلى العمل، كما ان رفض الأهل للطفل وعدم تسجيله رسميا يؤدي إلى تشرده على الطرقات وقد يتعرض إلى الخطف أو قد يهرب من المنزل ويتعرض إلى عدة استغلالات خلال عمله على الطرقات”.

وتضيف عنتر : “هذا العمل له تأثيره النفسي السلبي بشكل كبير ويظهر من خلال الخبرات والأمور التي يتعرض لها على الطريق وتولد لدى الطفل صدمات نفسية لأنه يرى أمورا لا يفهمها سريعا ويتعرض لاستغلال أو تحرش أحيانا واغتصاب واذى نفسي وقد يظطر للنوم على الطرقات من دون اكل وقدرة على تحصيل مصروفه الكافي لشراء الحاجات الأساسية وهذه الأمور تخلق قلقا لدى الطفل جراء الظروف التي يعيشها وقد يؤدي هذا القلق إلى الاكتئاب كونه يعيش ظروفا غير متوقعة وجديدة ومفاجئة وتخلق صدامات نفسية لكل حادث يعيشه بمختلف أشكاله وأحيانا تدفعه إلى الأنتحار أو الحصول على مواد مخدرة نتيجة ما بعيشه ، و من هنا لا بد من ايلاء هذه الظاهرة الأهتمام كما يجب وتبليغ الجمعيات المعنية لحماية الطفل وتقديم المساعدة له “.

ظاهرة عمالة الأطفال في لبنان ليست جديدة لكنها تستدعي أعلى درجات التنسيق والتكاتف بين المعنيين ، كما اهتمام دولي للحد منها ، والا فالأرقام إلى تزايد والطفولة في مرمى الخطر الدائم…

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى