على هذا الأساس يخوض الشيوعي غمار الانتخابات… غريب لـ”النهار”: نتعامل معها على أنها محطة نضالية
كتب ابراهيم بيرم في “النهار”:
بأقل قدر من الضجيج والضوضاء يخوض #الحزب الشيوعي غمار المعركة الانتخابية خلافاً لأداء غالبية القوى، وهذا ليس بمستغرب، فالحزب يقارب هذه المعركة من منطلق أنها محطة من محطات المواجهة المفتوحة مع المنظومة الحاكمة بكل الألوان المشاركة في إنتاجها السياسي منها والمالي والحزبي.
وبناءً على ذلك يجد الحزب أن أعضاء هذه المنظومة يبدون متحمّسين لخوض غمار هذا الاستحقاق بغية بلوغ هدف أساسي وهو كما يقول الأمين العام للحزب حنا غريب لـ”النهار”، “العمل على تجديد الثقة بنفسها أمام الذين أطلقوا سيل التشكيك فيها وحمّلوها مسؤولية خراب البصرة في الداخل والخارج على حد سواء وخصوصاً بعد انطلاق حراك 17 تشرين الثاني”.
على أساس هذا اليقين المبدئي لا يحمل الحزب وهم القدرة والرهان على خرق لوائح المنظومة، فهو وفق ما يضيف غريب “يعي تماماً موازين القوى ورجحان كفتها لمصلحة مرشحي المنظومة السلطوية ولوائحها وهي التي فصلت أساس قانون الانتخاب الهجين بما يخدم مصالحها ويمهّد لإعادة قبضتها على زمام السلطة ومغانم الحكم”. ويستطرد غريب “ثمة حافز آخر ملحّ يجعل مكوّنات هذه السلطة، يبدون في حالة مضاعفة الجهود ورفع منسوب الاستنفار والتعبئة، وهو المحافظة على مقاعدهم في المجلس محاولة منهم لدحض كل الاتهامات التي لاحقتهم بالعجز والتقصير واتباع السياسات الخاطئة بعد انطلاق الحراك وانفتاح الأبواب على مصاريعها للانهيار الحاصل”. ويكشف غريب عن “استنتاج تكوّن لدى الحزب والقوى الديموقراطية والعلمانية ومفاده أن الأمور في هذه الانتخابات تبدو أسهل بما لا يقاس منها في الانتخابات السابقة ويتجسّد ذلك في ارتفاع نسبة الترشيح وهو تعبير جليّ عن رغبة عارمة من شرائح واسعة في اقتحام جدران مؤسسات السلطة والسعي لتحريرها من قبضة المنظومة الحاكمة المشكوك في شرعيتها وقدرتها، فضلاً عن أن الجهد الذي قدّمته القوى والمجموعات المنخرطة في الحراك وفاعلياته منذ 17 تشرين حتّى اليوم “حاصر” هذه المنظومة وجعلها في حال وهن وإن كانت لا تزال في حال إنكار ومكابرة”.
وفي رأيه أيضاً “إن هذا الارتفاع في أعداد المرشحين في دوائر بعينها كانت حكراً على جهات بعينها، هو أيضاً مثال على جرأة الناس وقرارهم بالمواجهة والتحدي”.
وبناءً على ذلك يؤكد غريب أن “الحزب يطمح الى أن تكون محطة الانتخابات فرصة ومناسبة تستغلها كل قوى التغيير والإصلاح الحقيقيين وقوى الاعتراض الديموقراطي مقرونة بالزخم الذي بلوره الحراك الشعبي والاندفاعات الشبابية، بهدف خلق إطار جامع يمسي تدريجاً قيادة سياسية تأخذ على عاتقها لاحقاً قيادة المواجهة المفتوحة مع المنظومة السلطوية”.
ورداً على سؤال أجاب غريب: “لقد حاولنا استهلالاً أن نشكل لائحة واحدة من 15 لائحة في 15 دائرة انتخابية إنفاذاً لمطلبنا المزمن بجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة أو على الأقل تكون هذه اللوائح موحّدة مترابطة، وذلك بلوغاً لهدف أساسي هو إشعار المنظومة التي تعيش الآن أسوأ أوضاعها بأن ثمة حراكاً جدياً في وجهها وأنها ليست وحدها سيدة الميدان تفعل ما يحلو لها وما يناسب مصالحها ويؤبّد هيمنتها. وبمعنى آخر، لا نخفي أننا نسعى الى إطار تأسيسي يضمّ بين جناحيه كل القوى التغييرية العلمانية والديموقراطية انطلاقاً من عناوين برنامجنا الانتخابي الذي سبق أن قدّمناه للرأي العام والهادف الى بناء دولة علمانية واقتصاد منتج بدل الدولة الطوائفية والاقتصاد الريعي الذي أوصل البلاد الى الهلاك. وبذا نكون نحن شرعنا بالتفكير في المحطة التي تلي الانتخابات”.
وأوضح غريب أن الحزب الشيوعي يخوض الانتخابات مباشرة في 6 لوائح أساسية في كل الدوائر، لافتاً الى أن الحزب وضع 3 مستويات لمشاركة فاعلة في الانتخابات:
الأول ترشيح حزبيين حيث أمكن.
الثاني تزكية أصدقاء وحلفاء والعمل لدعمهم وكأنهم مرشحون حزبيون أي بالزخم نفسه.
الثالث دعم مرشحين نراهم وفق معاييرنا أهلاً للدعم والمساندة نظراً لقربهم الفكري ولأدوارهم النضالية.
ويخلص غريب “من حيث المبدأ نحن ضد مقاطعة الانتخابات ونحض رفاقنا على التوجّه الى صناديق الاقتراع في اليوم الموعود، على أن تُستغل مرحلة الحملات الانتخابية في إلقاء الأضواء على الثغر الموجودة في بنية النظام السياسي والاقتصادي الكسيح والدعوة الى ضرورة وضع مقاربات جديدة للأوضاع”.
ومع أن الشيوعي لم ينجح يوماً في العبور الى مجلس النواب بمرشح أو أكثر فإنه يُشهد له أنه يخوض غمار الانتخابات بجدّ منذ مطالع عقد الخمسينيات وربما قبل ذلك بمرشحين تاريخيين من رعيل الآباء المؤسّسين في الحزب. ففي طرابلس مثالاً ترشّح رئيس الحزب الراحل نقولا الشاوي لأكثر من دورة وكان يحصل على نسبة يعتدّ بها من الأصوات. وكذلك كان يفعل القائد النقابي مصطفى العريس في بيروت والنقابي إلياس الهبر في عاليه والقيادي عادل الصبّاح في النبطية وليندا مطر في العاصمة والمفكّر حسين مروة في بنت جبيل.
ومنذ انتخابات عام 1964 قرر الحزب رفع عدد مرشحيه وتكثيف جهوده لإنجاحهم وأبرزهم الدكتور أحمد مراد عن بنت جبيل والنائب السابق حبيب صادق قبل أن يختاره الرئيس نبيه بري على لائحته في أول انتخابات جرت بعد اتفاق الطائف.
أما بعد اتفاق الطائف فكان للحزب أيضاً مرشحون من رموزه القيادية وفي مقدّمهم أمينه العام السابق فاروق دحروج الذي ترشح في 4 دورات عن البقاع الغربي – راشيا، والدكتور غسان الأشقر في عكار إضافة الى المرشح وليد بركات عن عاليه فضلاً عن مرشّحه لأربع دورات متتالية عن بنت جبيل القيادي في الحزب سعد الله مزرعاني.
والحزب “استبسل” في عقدي الستينيات والسبعينيات لإيصال ولو مرشحاً واحداً له الى البرلمان، إذ كان المناخ اليساري حينها في ذروة صعوده فضلاً عن أن ثمة قوى أخرى يسارية وقومية نجحت في تلك الحقبة في خرق جدار البرلمان مثل مرشح البعث العراقي عبد المجيد الرافعي وعضو القيادة القومية في البعث (أيام كان موحّداً)، الدكتور علي الخليل الى مرشحي التيار الناصري معروف سعد ونجاح واكيم ومرشد الصمد القريب من التيار القومي.
وإن كان الحزب يحمّل في أدبياته سلطة “المارونية السياسية” مسؤولية “إسقاط متعمّد” لمرشّحيه إنفاذاً لإيحاءات خارجية فإن الحزب أيضاً يحمّل سلطة الوصاية السورية سدّ السبل أمام مرشّحيه لبلوغ ساحة النجمة وأبرزهم المرشّح دحروج.