رأي

علم التجهيل!

كتبت د. نادية الخالدي في صحيفة الراي.

سمعنا أن العلم نور وبوابة للتطور وأن من يملك المعرفة فُتحت له بوابات النجاح والتميز ولكن لم نسمع يوماً أن العلم ذاته قد يكون ظلاماً وتدليساً وتشتيتاً وبوابة لصناعة الجهل وترويجه وتقنينه لتلقين الأفكار وتشويه المعتقدات.

وهذا ما نسميه علم التجهيل (أغنوتلوجي) أي نشر الجهل بطرق علمية، والاستفادة من العلم في نشر الجهل. وهذا العلم هو ضمن علم اجتماع المعرفة، وصاغ هذا المصطلح روبرت إن بروكتر عام 1995 وهو أستاذ بجامعة ستانفورد، جنباً إلى جنب مع اللغوي إيان بوال، وكلمة (أغنوتلوجي) مبنية على الكلمة اليونانية الكلاسيكية الجديدة أغنوسيس (عدم المعرفة) ومن ثم إضافة لوجيا، وبدأ بروكتر العمل مستنداً إلى ما حدث من تشويه وتضليل الناس في دراسات تثبت أن التدخين غير مرتبط بالسرطان، واللعب في نتائجها حتى يتم تشتيت الانتباه فيحتار الناس بين الدراسات المتناقضة، فلا يعرفون إن كان التدخين مرتبطاً بالسرطان أم لا، ولو طرحت هذا السؤال في هذه المقالة لسمعت إجابات متناقضة جداً، ومرفقة بدليل في بعض الأحيان، وهذا ما يفسر إن تم استخدام نور العلم في تشويه مخرجاته ووضعها حسب مصالح شخصية أو تجارية، أو ما شابه، بهدف التشتيت والتضليل، ولأن هذا العلم يعتمد على دراسة عميقة لسلوك الإنسان وصحة نفسيته فهو متطور على الدوام وباستمرار، ليتوافق ويتناسب مع حاجات الوقت واستيعاب المجتمع وثقافته فنحن لا نبحث عن صحة المعلومة، الموضوعة بل نأخذها على منهج التسليم، خصوصاً إذا تم إرفاقها بدراسة لا نعلم مدى قوة المجلة التي نشرتها، ومدى مصداقية الدراسة ذاتها بالنتائج، ولأن هذا ما يحدث لعقولنا على كل الأصعدة،


في مجالات شتى في حياتنا. تبدأ من مسلسل لقنوات في الانترنت، ملغّمة بقيم خاطئة وعادات مسيئة وأفكار سامة تزرع في عقول أبنائنا وعقولنا، إلى نمط لبس يتم تلقينه إما بصورة غير مباشرة ولغة يجب أن تتحدث بها للقضاء على لغتك الأم.

وعادات تصبح أكثر حرية اذا فعلتها، حيث تم بيعها لنفقد الكثير من عاداتنا الجميلة والثرية، والكثير من التفاصيل التي دخلت بيوتنا، وشتتت أسرنا، بهدف تفككها، وزيادة الإقبال على منتج أو فكرة أو حتى نمط حياة، لذلك عزيزي القارئ احذر… خذ ورقة وقلماً ولاحظ حياتك الآن.

لاحظ ماذا تشتري، ماذا تفعل،كيف تعامل الناس، نظرتك لذاتك هل هي مُلقنة أم أنت حقيقي مع نفسك، اكتب رغباتك وقسها على ما تريده حقاً، وتأكد إن كانت ناتجة من تأثير شيء عليك…هل عدم راحتك في حياتك حقيقي ؟ أم نتيجة ضغط «السوشيال ميديا» عليك؟… احذر من المعلومات المغلوطة علمياً، وخذها من مصادرها الحقيقية، وراجع خلف كل من يعطيك معلومة.

فحقك أن تتأكد من صدقها وحقك على نفسك البحث والتقصّي منها، وأخيراً اسأل نفسك هل انت مُلقن أم حقيقي؟

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى