كارول سلوم.
خاص رأي سياسي …
عندما وقع اختيار الفئة الأكبر من الشباب الانخراط في مؤسستي الجيش وقوى الأمن الداخلي، غمرت الفرحة عائلات هؤلاء وبدا كل شيء زهريا ، فأن يسمى الاب أو الزوج أو الاخ ” ابن دولة ” كان وحده كفيلا بالشعور بالفخر .
مضت الأيام وساد الاطمئنان، فالعسكري “مضمون صحياً ولديه راتب شهري يستطيع من خلاله تغطية متطلباته اليومية”..هي الصورة التي ارتسمت في أذهان كثيرين كانوا يرغبون بالانضمام إلى المؤسسات العسكرية والأمنية ، حتى أن البعض ردد عبارات ” نيالكن انتو مأمنين” . لم يدرك مطلقوها أن الظروق ستتبدل وراتب العسكري الذي كان يقدر ب٦٠٠ دولار شهريا قبل العام ٢٠١٩ سيصل إلى ما دون الستين دولارا ، وان طبابته معرضة للتوقف وإن احتياجات اولاده لن تكون متوفرة.
لم تعلم الام أو الزوجة ، أن ابنها أو زوجها سيقرران الفرار من الخدمة ليس خشية من الذود عن الوطن إنما بسبب الضائقة المادية . كذلك لم يدرك العسكريون المتقاعدون أن جنى أموالهم ستتبخر وان رواتبهم صارت ب ” تراب المصاري” وانهم عندما يطالبون ، لا يفعلون ذلك ندما على نضالات شاركوا فيها ونسجت عنها حكايات ، إنما بفعل “حرقة” على امان فقدوه ، وعلى دواء اصبح يكلف نصف الراتب اذا وُجد.
وسط كل ذلك، ظلّ قائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان على تأكيدهما الوقوف إلى جانب ضباط وعناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي في احلك الأوقات ، أي السماح للعسكري ضمن خدمته أن يقوم بعمل آخر .
ومن هنا لا بد من الاشارة الى ان القوانين اللبنانية واضحة لسائر موظفي الدولة ومن بينهم القوى الأمنية لجهة الالتزام بالوظائف وعدم اللجوء إلى أعمال أخرى، إنما تسير الأمور اليوم بشكل مغاير إذ يسمح لهؤلاء باتقان عمل نظراً للأزمة الاقتصادية الصعبة التي يعيشها البنانيون بشكل عام والعسكريون بشكل خاص بالتوازي معاموظفي القطاع العام .
وفي هذا الاطار، يقول العميد المتقاعد جورج نادر” إن الزيادة التي أقرتها الحكومة لا تفي بالغرض وكل ما كان مطلوبا تأمين الطبابة لقوى الأمن الداخلي والمساعدات المدرسية.وهذه الأسباب تدفع العسكر إلى التفتيش عن مهن أخرى إلى جانب وظيفتهم الأساسية ،وفق ما هو ظاهر “.
المؤهل الأول في قوى الأمن الداخلي ج . س ، يؤكد ل ” رأي سياسي ” أن وظيفته الأمنية مقدسة الا ان الراتب لا يكفي ، ومن هنا عمد الى منح دروس خصوصية في محاوة منه لتأمين مبلغ اضافي ، مشيراً إلى أن هذه المهنة لا تتعارض مع مهامه الأمنية لأنها تبدأ في فترة بعد الظهر في حين أن دوامه الوظيفي محدد في الصباح وينتهي ظهرا .
ويؤكد أن هناك زملاء له توجهوا إلى التفتيش عن فرص للحصول على رواتب إضافية ، وهناك ممن قرر مجبرا التخلي عن وظيفته العسكرية .
من جهته يروي العسكري في الجيش اللبناني م . ق لموقعنا أنه يعمل ميكانيكي سيارات منذ العام ٢٠٢١ إلى جانب خدمته العسكرية ، وإن هذا العمل يؤمن له مدخولا أكثر من جيد لمواجهة أعباء الحياة اليومية ، معلنا أن مسألة الوظيفة الثانية كانت موجودة منذ فترة لاسيما بالنسبة إلى العسكريين الذين يخضعون لدوامات عمل متفاوتة ، لكنها أصبحت رائجة أكثر بفعل انهيار سعر الليرة اللبنانية .
ويلاحظ أن هؤلاء العسكريين كانوا يخشون من خرقهم القانون أو تعرضهم لعقوبات ، أما اليوم فثمة مراعاة نوعا ما لأحوالهم.
وفي السياق عينه، توضح مصادر عسكرية لموقع ” رأي سياسي ” أن هناك عددا من الضباط والعسكريين لاسيما في قوى الأمن الداخلي يعملون إلى جانب وظيفتهم العسكرية ، وقد تسلموا برقية تمنحهم الاذن بذلك إنما في المقابل تمنعهم من مزاولة أي عمل يؤثر على خدمتهم داخل السلك ، ويعرّض هيبة قوى الأمن الداخلي للخطر، فضلا عن منعهم من أية أعمال مخالفة للقانون أي انه من غير المسموح لهم القيام بمهام تتصل بمواكبة شخصيات كحارس شخصي أو غير ذلك ، أما بالنسبة إلى الاسلاك العسكرية الأخرى فالأمر مختلف انطلاقا من الأنظمة التي تخضع لها.