اقتصاد ومال

عجز مودي في الانتخابات الهندية يترك “وول ستريت” في حال تعثر

أدت الانتكاسة السياسية الكبيرة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى إجراء مديري الأعمال في البلاد اتصالات غاضبة، في محاولة لفهم تأثير ذلك في الاقتصاد الهندي والمشهد الاستثماري بصورة أفضل بعد فشل مودي في تأمين غالبية ساحقة لحزبه.

إلى ذلك، كتب المدير الإداري للشركة العالمية لإدارة الأصول “إيه بي بيرنستين”  فينوغوبال غاري، للعملاء في رسالة عبر البريد الإلكتروني” الناخبون الهنود معلمون عظماء، لقد فاجؤوا بالتأكيد السياسيين ومنظمي استطلاعات الرأي ومراقبي السوق”.

وعلى مدى الأعوام العدة الماضية، استثمر الرؤساء التنفيذيون لبعض أكبر الشركات في الولايات المتحدة الوقت والمال في العلاقات مع مودي، إذ سلطوا أنظارهم على السوق الهندية.

“جي أي إيروسبيس” و”أبل” و”ستاربكس” و”إن فيديا”، من بين أبرز الشركات التي أبرمت صفقات رفيعة المستوى لتوسيع وتصنيع وبيع منتجاتها داخل الهند.

وقال رئيس “أوراسيا” لمنطقة جنوب آسيا براميت تشودري، إلى “سي أن بي سي”، إنه “مع تباطؤ الصين، أصبحت الهند الوجهة المفضلة لعمالقة التكنولوجيا الأميركيين”.

وبعد إعلان نتائج الانتخابات المفاجئة مباشرة الإثنين الماضي شهدت سوق الأسهم الهندية عمليات بيع مكثفة، مسجلة أكبر انخفاض لها منذ عام 2021.

من جهته، قال مدير محفظة الأسواق الناشئة في شركة “شيفر كولين” راهول شارما إن “النتيجة سلبية واضحة من المرجح أن تخلق عبئاً على السوق في المدى القريب”، وعلى رغم  ذلك “لا يزال شارما متشدداً على المدى الطويل في الهند، مستشهداً بالوضع الديموغرافي القوي للبلاد”، وأضاف “لا تنسوا الإمكانات الهائلة للبلاد، إذ لا يزال نصيب الفرد من الدخل عند مستوى منخفض ومزايا ضخمة مثل القوى العاملة الكبيرة والشبابية والمتعلمة نسبياً”.

أجندة مودي الاقتصادية

في الأثناء، يثير فشل مودي في تأمين الغالبية المطلقة لحزبه تساؤلات جديدة حول الأجندة الاقتصادية الأوسع لحكومته، وعلى وجه التحديد، ما إذا كان ستقر إصلاحات اقتصادية موعودة سريعاً كما تعهد مودي أثناء حملته الانتخابية.

وكتب فريق الهند التابع لجمعية “آسيا” في مذكرة إلى العملاء، “تواجه الحكومات الائتلافية دائماً مشكلات، خصوصاً عند وضع الخطط الاقتصادية”.

وقال مسؤول حكومي سابق لـ”سي أن بي سي”، الذي طلب عدم الكشف عن هويته “معظم الإصلاحات الاقتصادية ستتطلب من الزعيم الهندي العمل مع الأحزاب الأخرى، مما يمكن أن يطيل الجدول الزمني لإنجاز الأمور”.

والسؤال الآن هو ما إذا كان مودي قادراً على التحول من الحكم باعتباره زعيماً للغالبية العظمى إلى الحكم باعتباره صانعاً للإجماع.

وهدف مودي هو جعل الهند ثالث أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2027ـ إذ تحتل حالياً خامس أكبر اقتصاد في العالم، وحققت نمواً 8.2 في المئة في السنة المالية المنتهية في مارس (آذار) الماضي.

لكن الناتج المحلي الإجمال المذهل في الهند العام الماضي يخفي معدل بطالة مرتفعاً يشل الآفاق المهنية للعمال الأصغر سناً ويدفع الملايين إلى خارج المدن والعودة إلى المجتمعات الريفية.

وقال تشودوري من “أوراسيا”، إنه “من المؤكد أن حال البطالة في البلاد أسهمت في انتخابات أكثر صرامة”. بينما كتب محللو شركة “تي أس لومبارد” في مذكرة للعملاء أن “نقص الوظائف هو أكبر مصدر قلق للناخبين لأن انتعاش سوق العمل لم يكن واسع النطاق بعد”.

وكان من شأن الإصلاحات التي اقترحها مودي أن تعمل على تبسيط القوانين المتعلقة بتعيين وفصل العمال وإزالة الحواجز الأخرى التي تحول دون سوق العمل الأكثر مرونة.

ويقول محللون آخرون إن الإصلاحات الرئيسة المرتبطة بالزراعة وحيازة الأراضي قد تستغرق أيضاً وقتاً أطول مما كان متوقعاً في السابق، وينبغي أن تستمر مشاريع البنية التحتية، ولكن مثل القطاعات الأخرى ربما بوتيرة أبطأ.

الاستثمار الأميركي

وعلى المدى القصير، من المحتمل أن تتطلب ديناميكيات الحكم الجديدة في البرلمان الهندي إعادة ضبط توقعات الشركات في الولايات المتحدة، في حين قد تستغرق بعض الإصلاحات مزيداً من الوقت في ظل حكومة ائتلافية.

لكن المتخصصين يقولون إن الشركات الأميركية لا تزال تنظر إلى الهند بوصفها جزءاً أساساً من إستراتيجياتها طويلة المدى لتنويع سلاسل التصنيع والتوريد بما يتجاوز مجرد الاعتماد على الصين.

من جانبه لا يعتقد أستاذ التمويل في كلية “بوث” للأعمال بجامعة “شيكاغو” والمحافظ السابق لبنك الاحتياط الهندي راغورام راغان، أن توسع الشركات الأميركية في الهند يجب أن يتأثر في نتائج الانتخابات، مضيفاً أن الاستثمار الأميركي لم يأت قط بسبب الإصلاحات التي من شأنها أن تؤثر في هذا الاستثمار.

تخفيف التوترات الاجتماعية

وتوقع شارما من “شيفر كولين” أن يخف الخطاب القومي الهندوسي العدواني لحزب “بهاراتيا غاناتا” من حدة ما بعد الانتخابات، مما سيقلل الانقسام والتوتر في البلاد.

وواجه الزعيم الهندي انتقادات في شأن معاملته للأقليات بما في ذلك السيخ والمسلمون، وجهود حكومته لإسكات المعارضة السياسية.

وكتب المحلل في شركة “غافيكال” للأبحاث توم ميلر الأربعاء الماضي، أن نتائج الانتخابات “يمكن أن تترك الهند في مكان أكثر أماناً اجتماعياً إذا أثنت حزب “بهاراتيا جاناتا” عن اتباع سياسات قومية هندوسية متشددة”.

وقالت رئيسة أبحاث الاقتصاد الكلي في فريق أسهم الأسواق الناشئة في “مورغان ستانلي” غيتانيا كانداري، إنه “بمجرد تشكيل الحكومة الجديدة سيكون الحدث الكبير التالي هو إصدار الموزانة السنوية في الأول من يوليو (تموز) المقبل. وأضافت “سيحدد هذا نغمة ورد فعل الحكومة الجديدة في ما يتعلق بأولويات الإنفاق”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى