رأي

عام حرب أم عام إستعادة الدولة؟

كتب طوني فرنسيس في صحيفة نداء الوطن.

يوم الأربعاء الماضي نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن قيادة الجيش الإسرائيلي إبلاغها الحكومة أنّ العام 2024 سيكون «عام حرب»، مع ما يعنيه ذلك من استدعاءٍ للاحتياط وإعادة لمستوطني غلاف غزة والحدود اللبنانية إلى مستوطناتهم، ومن تأثيرات على الوضعين الاقتصادي والتعليمي…

وفي تفاصيل نشرتها الصحيفة أنّ استمرار حالة الحرب خلال العام المقبل لا يتعلق فقط بالحرب على غزة، وإنما باحتمالات تطوّر القتال بين إسرائيل و»حزب الله» إلى حرب شاملة. وقالت إنّ التصعيد سيدفع السكان في لبنان إلى النزوح شمالاً، ما يزيد الضغوط على «حزب الله» الذي «حوّل جنوب لبنان إلى منطقة قتال ويواصل تشكيل خطر على مستقبل لبنان كله».

لا جديد في تقديرات الجيش الإسرائيلي ولا في نواياه، فالمعركة التي بدأها في غزة مستمرّة ولا أفق لوقفها. لا «حماس» في وارد رفع رايات الاستسلام، ولا المتعاطفون معها في وارد وقف جبهاتهم المساندة بالسلاح في لبنان واليمن، أو بالتصريحات في سوريا وإيران. وإسرائيل التي استثمرت في الكارثة التي لحقتها في «طوفان الأقصى» استفادت وتستفيد من دعم وتغطية الحكومات الغربية إلى أقصى الحدود من أجل مواصلة حربها التي يعتبرها قادتها حرباً حاسمة لا قيمة فيها لعشرات آلاف المدنيين الفلسطينيين الذين يقتلون في غزة والضّفة، باعتبار أنّ القتل هو الطريقة الوحيدة لإحداث شرخ بين الجمهور الفلسطيني وفصائله المسلّحة، ولسبب آخر يكمن في عمق الاستراتيجية الصهيونية وهو طرد الفلسطينيين من أرضهم من أجل تحقيق الدولة اليهودية الخالصة.

طوال سنوات وجود دولة إسرائيل كان ذلك جوهر سياستها العميقة، ومنذ 7 تشرين الأول وضعتها موضع التنفيذ صراحةً وبلا مواربة. والآن يقف نحو مليوني فلسطيني في القطاع أمام احتمال التهجير القسري إلى مصر فيما يخشى مئات الألوف من فلسطينيي الضفة مصيراً مماثلاً يهدّد بإلقائهم في الأردن.

عام الحرب الإسرائيلية يهدّد لبنان أيضاً. ليس في الأمر تكهّنات. التفاصيل يرويها مسؤولون إسرائيليون. طرد السكان وإفراغ جنوب الليطاني (على الأقل) ثم فرض واقع أمني جديد… يقول الإسرائيليون إنّ دوافعهم للعمل في هذا الاتجاه هو استمرار الحرب المفتوحة ضدهم على الحدود الجنوبية، وعلى المعنيين أخذ ذلك في الاعتبار، وطرح السؤال الوطني اللبناني المصيري: هل يمكن منع تهجير غزة من الامتداد إلى لبنان؟

في الجواب عن هذا السؤال الأحرى أن تستعاد الأفكار المطروحة على الفلسطينيين أنفسهم بعد طول انقسام، مثل ضرورة العودة إلى الوحدة في إطار منظمة التحرير وترشيق سلطة وطنية محاصرة وممنوعة وعاجزة…

في لبنان ليس ضرورياً الوصول إلى الحالة الفلسطينية لإعادة البحث في الدولة والحاجة إليها. إنها في متناول اليد الآن، وبدلاً من الذهاب بأيدينا وأرجلنا إلى عام الحرب الإسرائيلية، يمكننا سلوك طريق استعادة الدولة وحفظ البلد في زمن ضياع البلدان.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى