صدى المجتمع

ظاهرة الأمن الذاتي يضرب صورة الدولة وأجهزتها الأمنية

الأمن الذاتي، هو عنوان المرحلة التي يعيشها اللبنانيون في ظل ارتفاع نسبة الجرائم والسرقات والنشل والسلب. بروز ظاهرة الأمن الذاتي يضرب تدريجياً صورة الدولة اللبنانية وأجهزتها الأمنية العاجزة عن ضبط التفلّت الأمني، وما يتخلّله من مظاهر تضرب الإستقرار الإجتماعي.

“جنود الربّ”، حالةٌ أمنية شهدتها شوارع منطقة الأشرفية أو ما كانت تُعرف ببيروت الشرقية. هي نموذج جديد يُعزِّز فكرة الأمن الذاتي، نقيض الأمن الذي يُعدّ من مهام ومسؤوليات الدولة اللبنانية وأجهزتها حصراً. وأخطر ما ينتج عن هذه الظاهرة، هو تعزيز مفهوم الأمن الذاتي في المناطق الشيعية برعاية “حزب الله” أولاً، وثانياً فتح المجال أمام ولادة خلايا مشابهة في مناطق أخرى.

بعد الضجة التي أثارتها ظاهرة “جنود الربّ” وتحديداً، عند وقوع الإشكال في الأشرفية مع مجموعة من الشبان من منطقة طريق الجديدة وأرض جلول الذين تجمهروا في ساحة ساسين، ظهرت بعض الدعوات التي تطالب بإنشاء فريق مشابه ل”جنود الربّ” في منطقة الطريق الجديدة وجوارها، والتي كانت تُعرف ببيروت الغربية.

حتى اللحظة لا يمكن القول أن بيروت دخلت مرحلة الأمن الذاتي، خصوصاً أن الأمن الذاتي يعني إغلاق مناطق وعزلها، وهذا يعتبر مشروعاً إنفصالياً. لكن ذلك لا يعني أن بيروت لم تشهد ولادة خلايا مسلّحة هدفها حفظ الأمن والإستقرار، إن كان في بعض الشوارع وفي محيط المنازل وبجانب بعض المؤسّسات الكبرى والمحلات التجارية.

إذاً، الأمن الذاتي موجود في بيروت الغربية على غرار الشرقية، لكنه غير مُعلن حتى اللحظة. لكن الأمن الذاتي بين البيروتين يختلف تماماً. فبيروت الغربية أكبر من الشرقية من حيث عدد السكان، وخضوعها للأمن الذاتي يتطلب تمويلاً ضخماً، وعدداً كبيراً من الشباب الراغبين بالعمل تحت مظلة الأمن. وإذا كانت الشرقية تحتاج 500 شاباً، فإن الغربية تحتاج 5000، ناهيك عن استحالة تطبيق الأمن الذاتي في الغربية إلاّ بصورة منفصلة، لضخامة حجمها الجغرافي وتنوّع أطيافها.

يبدو أننا مقبلون على أيامٍ سيصبح فيها الأمن الذاتي أكثر من ضرورة. من هنا، لا بدّ من الحفاظ على الأجهزة الأمنية وتعزيز دورها في كافة المناطق، كي لا تخسر ثقة المواطنين الذين يفتقدون الأمن والأمان، وباتوا ينادون بالتسلّح على غرار ما يحصل في بعض مناطق العاصمة.

وفي هذا السياق، أعلن النائب البيروتي وضاح الصادق، عدم تبنيه لفكرة الأمن الذاتي، مبدياً تخوّفه من أن يتحوّل إلى ميليشيا صغيرة لا يمكن ضبطها، أو أن يتحوّل الشباب غير المدربين من العمل ضمن إطار الأمن الذاتي إلى “فرض أمن من نوع معيّن على الناس”.

ولفت إلى أنه “بغياب الدولة والقوى الأمنية، يشعر المواطن بأن عائلته وبيته وممتلكاته بخطر، لذلك، لا يمكن أن نجزم رفضنا للأمن الذاتي في وقت الدولة مقصرّة عن تأدية واجباتها. وفي حال حصل الأمن الذاتي، يجب أن يحصل مع ضوابط كبيرة”. وتمنى الصادق، أن “تعود الدولة للقيام بواجباتها لحماية الناس، وبانتظار حصول هذا الأمر، يبقى الأمن الذاتي أمراً واقعاً وشرّاً لا بدّ منه”.

أما النائب نبيل بدر، فقال: “دائمًا ما كانت بيروت تحتضن الدولة وتعتبر أن السلطات الأمنية المنبثقة عنها هي الحاضنة الأولى والأخيرة لسكانها، وهي من يجب أن تحفظ الامن وارساء أسس الاستقرار”. واضاف “أما وبعد أن أخذ بعض أطراف العاصمة خيار الأمن الذاتي دون أن نتناسى وضعية حزب الله وحركة أمل الأمنية في بعض مناطق بيروت، تصبح الحالة السنية هي الوحيدة المؤمنة بخيار الدولة”.

وتابع بدر، “لكن اذا ما استمر الانهيار الاقتصادي وتفاقمت تداعياته على عمل الأجهزة الأمنية، يصبح السنّة في بيروت أمام خيارين، أما أن نكون.. أو لا نكون”. من جانبه، أكد النائب في جمعية “المشاريع الخيرية” في بيروت عدنان طرابلسي، إلتزامه خيار الدولة والمؤسّسات، لأن الدولة “هي المرجع في كل قضايا الشعب اللبناني بطوائفه وأحزابه كافةً، وغيابها يؤدي الى الخراب والفوضى والإنهيار، ولاحقاً إلى التقسيم”.

واعتبر أن “ظاهرة الأمن الذاتي تؤدّي إلى انتشار الميليشيات في كل المناطق، مؤكداً أن “الدولة موجودة، وعند أي حادث أو إشكال، تبادر الأجهزة الأمنية، سواء كان جهاز أمن الدولة أو مخابرات الجيش أو قوى الأمن، الإجراءات المطلوبة على كافة الأصعدة، لذلك، الدولة ليست غائبة وإن حصل بعض التأخير أو التقصير”. وأكد طرابلسي، أن ظاهرة “جنود الربّ مرفوضة والدولة تلاحقها، إذ لا يمكن تسليم البلاد للميليشيات ودعاة الأمن الذاتي”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى