طوق نجاة سعودي للمنطقة

كتب حميد قرمان في صحيفة العرب.
الموقف السياسي السعودي طوق نجاة لإنقاذ شعوب المنطقة والعالم أجمع ومعالجة أسباب الصراع بشكل جذري بعيدا عن صيغ تهدئة هشة قائمة على مصالح يمينية إسرائيلية أو مراعية لأجندات ميليشيات إيرانية.
تواصل المملكة العربية السعودية تقديم مسارات سياسية تفضي إلى تسويات واقعية التطبيق، تنتشل المنطقة بأسرها من مستنقع الفوضى والصراع التي أوجدته تقاطع سياسات التكوين اليميني الحكومي الإسرائيلي مع مرامي ميليشيات المحور الإيراني.
البيان السعودي الأخير حول فرص تحقيق السلام السعودي – الإسرائيلي يأتي في سياق ثبات الموقف ردا على محاولات تحقيق اختراق سياسي من قبل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في زيارته للمملكة قبل أيام، حيث تم التأكيد العلني الحازم بأنه لن تكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة، وانسحاب كافة قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع، في سعي للحفاظ على حل الدولتين المدعوم دوليا في سياق دعوة بيان الخارجية السعودية باعتراف أممي بالدولة الفلسطينية.
فزخم الدبلوماسية السعودية الملتقط لجدية المساعي الدولية المتمثلة بإعلانات النوايا الأميركية والبريطانية والفرنسية والكندية بشأن الاعتراف بدولة للفلسطينيين في ظل جمود التسوية السياسية بينهم وبين الإسرائيليين، قد يحتاج إلى المزيد من الوقت للوصول إليه.
من قراءة المعطيات الإقليمية والدولية الراهنة، تدرك القيادة السعودية مدى حاجة الإدارة الأميركية الحالية لورقة المسار السياسي والاقتصادي السعودي – الإسرائيلي قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة، ومدى ثقلها كمكسب وإنجاز نوعي أمام حملة الرئيس السابق دونالد ترامب الذي ينال من إدارة جو بايدن بانتقادات قلبت عليه الشارع الأميركي بسبب إدارته للحرب في غزة وارتداداتها، مما سبب فقدان الإدارة تأييد فئات وشرائح مجتمعية أميركية تحتاج اليوم قبل الغد إلى منجز سياسي قائم على سلام عادل وشامل في منطقة الشرق الأوسط.
موقف المملكة متوازن ومنساق مع منحى مصالح شعوب المنطقة واستقرارها وأمنها، ومنطلق من رؤيتها المنهجية الشاملة لشرق أوسط خال من الصراعات والحروب، دون التماهي مع قصور الرؤى لدى أطراف الصراع الدائر، هذه الأطراف التي تعتمد مبدأ خلط الأوراق لرفع التصعيد العسكري الإقليمي لتبقى المنطقة في دوامات الفوضى والدمار هربا من استحقاقات سياسية.
مجددا، الموقف السياسي السعودي طوق نجاة لإنقاذ شعوب المنطقة والعالم أجمع من خلال معالجة أسباب الصراع بشكل جذري وعميق بعيدا عن صيغ تهدئة هشة ومؤقتة قائمة على مصالح يمينية إسرائيلية أو مراعية لأجندات ميليشيات إيرانية وأيدولوجياتها البالية.