طهي الطعام بشكل صحيح يقلل من مقاومة الجسم للمضادات الحيوية.
اقترحت دراسة جديدة أجريت في المملكة المتحدة على الأطباء أن يقدموا نصائح غذائية للأفراد – بما فيها تلك المتعلقة بطريقة طهي الطعام الصحيح وتجنب تناول بعض الخضراوات والسلطات – عند وصف مضادات حيوية لهم، وذلك تجنباً لبناء مقاومة ضد تلك الأدوية.
فقد توصل باحثون من “جامعة نوتينغهام” البريطانية إلى أن هذه الإجراءات يمكن أن تمنع الجينات الحاملة للبكتيريا من الوصول إلى الأمعاء.
ومعلوم أن الجينات المقاومة للمضادات الحيوية توجد في جزيئات الحمض النووي للبكتيريا، ويمكن نقلها من خلية إلى أخرى، الأمر الذي يسمح للجراثيم ببناء مقاومة ضد تلك الأدوية.
وأشارت الدراسة التي نشرت في مجلة “بلوس وان” Plos One إلى أنه فيما ركزت الجهود العالمية للتصدي للمقاومة المتزايدة للمضادات الحيوية، على الاستخدام المسؤول للأدوية وممارسات النظافة الجيدة بشكل أساسي، فإنه يمكن أن تنشأ لدى بعض الأشخاص بعض أنواع العدوى من “الوجود المطول للجينات المقاومة للمضادات الحيوية وبقائها” داخل أمعائهم، مما قد يؤدي إلى الإصابة بالعدوى المقاومة للمضادات الحيوية.
وقد درس فريق البحث 14 فئة مختلفة من المضادات الحيوية، واستخدم النمذجة الرياضية لمحاكاة تفاعل جينات المقاومة لدى مجموعة مكونة من ألف شخص، بناءً على استخدام المضادات الحيوية بوتيرة قليلة ومتوسطة ومرتفعة.
وخلص إلى أن عدد جينات المقاومة في أمعاء الشخص يعتمد على مستوى استخدام المضادات الحيوية، لكن يمكن تقليل عدد الجينات المكتسبة من خلال اعتماد بعض التغييرات في تحضير الطعام واستهلاكه.
وأضافوا أن الحد من ممارسة استهلاك الأطعمة التي تقلل احتمال احتوائها على الجينات التي تسهم في مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، له “تأثير خاص” أثناء استخدام المضادات الحيوية. واقترحوا أن يتلقى المرضى إرشادات غذائية إلى جانب وصفاتهم الطبية.
البروفيسور دوف ستيكيل أستاذ البيولوجيا الحاسوبية في “جامعة نوتينغهام” – الذي قاد الدراسة – أشار إلى أن “الفترة التي يتناول فيها الأفراد المضادات الحيوية هي أمر بالغ الأهمية بشكل خاص، بحيث يكونون أكثر عرضة للمساهمة في تطوير مشكلات طويلة الأجل، مرتبطة بالبكتيريا المقاومة للأدوية التي يكون مصدرها الطعام”.
وأضاف “إذا كنت تستهلك طعاماً يحتوي على بكتيريا ليست ضارة لك لكنها تحمل جينات مقاومة للأدوية، في وقت صودف أنك تتناول فيه مضادات حيوية، قد يكون من المحتمل أن تنشأ هذه المقاومة في النظام البيئي لأمعائك وتترسخ فيه. ونتيجة لذلك، إذا كنت في حاجة إلى مضادات حيوية في المرة المقبلة، فقد لا تكون فعالة”.
يأتي هذا البحث بعدما أعلنت الحكومة البريطانية عن استثمار 210 ملايين جنيه استرليني في مكافحة مقاومة المضادات الحيوية على نطاق عالمي.
وكان وزير الصحة البريطاني ستيف باركلي قد وصف خلال زيارة قام بها للهند هذه المسألة بأنها أشبه بـ”قاتل صامت”، وبأنها “تشكل تهديداً كبيراً لصحة الناس في مختلف أنحاء العالم، لا سيما في المملكة المتحدة”.
وستدعم أموال مخصصة من موازنة المساعدات البريطانية، “صندوق فليمنغ” Fund Fleming كي يواصل عمله في قارتي آسيا وأفريقيا على مدى السنوات الثلاث المقبلة، كما ستدعم أكثر من 250 مختبراً في نحو 25 دولة.
واعتبر البروفيسور ستيكيل أن “مستوى الفائدة التي يمكن تحقيقها من التغييرات في العلاج الطبي والتعديلات الغذائية، يعتمد بشكل كبير على مستوى استخدام المضادات الحيوية، الذي يختلف اختلافاً كبيراً بين الدول”.
وختم بالقول: “بينما يظهر النموذج العام المتبع مزايا عدة في سيناريوهات الوصفات الطبية المختلفة، فإن اعتماد نهج أكثر دقة وتفصيلاً – يأخذ في الاعتبار الممارسات الإقليمية الخاصة بكل منطقة وبلد، وأنواع المضادات الحيوية وجينات المقاومة المرتبطة بها – من شأنه أن يوفر وسيلة أفضل لتحديد الفوائد المحتملة لهذه التعديلات”.