طهاة يضيفون مفاهيم جديدة إلى المطبخ الفلسطيني

تنتشر رائحة المعجنات اللذيذة التي تخرج من فرن الطابون من أحد أزقة البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة التي ينطلق منها طهاة فلسطينيون إلى أنحاء العالم حاملين معهم ثقافة أكلاتهم اللذيذة التي يجمعون فيها بين مفاهيم طهو جديدة والتمسك بتقاليدهم.
وأدى هذا الاتجاه إلى فتح شهية دور النشر لإصدار كتب عن المطبخ الفلسطيني.
يقول رجل الأعمال الفلسطيني نصار عودة صاحب مطعم «طابون» الصغير وقد فاحت رائحة المخبوزات في الفرن: «أعتقد أن الأمر يتغير للأفضل، فالعديد من الفلسطينيين يحرصون على الترويج لأطعمتهم».
أمضى عودة الأشهر القليلة الماضية يتتبع الذواقة وهم يتجولون داخل وخارج مطعمه الجديد الذي سماه على اسم الفرن الطيني التقليدي «الطابون».
يتناول رواد المطعم معجنات كـ»اللحمة بعجين» أو «الصفيحة» أعدّت على الطريقة الأرمنية التي تتميز بعجينتها الرقيقة الأقل سماكة من تلك الفلسطينية، ويتذكر عودة «الصفيحة» عندما كان صاحب فرن أرمني يبيعها قبل عقود فيزدحم محله بحشود في ليل البلدة القديمة.
وقال عودة الذي يقدم البيرة والنبيذ من صنع فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة إن «اللحمة بعجين» الأرمنية «باتت جزءأً من ثقافة الأكل الفلسطيني».
مضيفاً: «هذا مهم للغاية لأنه يؤكد الوجود الفلسطيني وريادة الأعمال، نحن في حاجة إلى أن نفخر بمنتجاتنا».
بداية رائعة
افتتح «طابون» العام المنصرم فيما كان في السابق متجراً للهدايا التذكارية للعائلة، وهو جزء من سلسلة من الحانات والمقاهي والمطاعم الفلسطينية الصغيرة الجديدة اتخذت لها مواقع داخل القدس القديمة في الآونة الأخيرة.
وإضافة إلى هذه المواقع الصغيرة الموجودة داخل أسوار البلدة القديمة، انتشرت مطاعم أكبر في مناطق أخرى من القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل، مثل حي الشيخ جراح، أو أبعد من ذلك في مدينة رام الله .
وتتراوح تجربة المطاعم بين أطعمة راقية إلى قوائم مدمجة، ومزج المكونات الفلسطينية بالأطباق الأوروبية، وفقاً لعزالدين بخاري الذي ينظم جولات عن الطعام في القدس ودروساً في الطبخ.
وقال بخاري، الذي يعتزم تقديم خدمات استشارية لأصحاب الأعمال الراغبين في تنشيط مطاعمهم: «إنها بداية رائعة. نحن حقاً في البداية».
وأضاف: «كان الجميع يعدّون ويقدمون الشيء نفسه، لكنني بدأت أرى أخيراً الناس يتقدمون ويفكرون في مفهوم جديد وأفكار جديدة».
وأشار بخاري وهو مؤسس «مطبخ مقدس» إلى أن الإسرائيليين أثبتوا نجاحهم أكثر من الفلسطينيين في تسويق العلامة التجارية للمأكولات المحلية، فقد وضعوا صورة لعلم إسرائيل فوق صورة الفلافل في مطار تل أبيب».
واعتبر أنهم «جيدون جداً في تسويقه»، مضيفاً: «نحن الفلسطينيين نترك فجوة للإسرائيليين للتحدث عن طعامنا».
وبالنسبة إلى داليا دبدوب التي تدير مطعم «طابون» وهي تمتلك أيضاً حانات في مدينتي بيت لحم وأريحا في الضفة الغربية، فتقول: «يظل توسيع عرض نطاق الأطباق والمنتجات الفلسطينية أمراً محورياً».
وقالت: «نريد تغييراً في توجهات الطعام، من خلال تقديم المزيد من الأطعمة التي لا يعرفها الناس».
وأشارت إلى مجموعة «أكلات متنوعة من الباذنجان البتيري المشهور محلياً» ومصدره قرية بتير في محافظة بيت لحم والمدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو وقائمة التراث العالمي المهدد بالخطر» وستظهر قريباً في قائمة «طابون» بينما يتم استيراد بعض المنتجات من غزة».
وأضافت دبدوب: «أحاول دائماً اختيار البندورة، فعندما تأتي من غزة تكون حمراء حقاً وألذ، في حين الفلفل الأخضر في غزة حاد».
يرتبط الاهتمام المتزايد بالطعام الفلسطيني في الخارج بتحول أوسع بعيداً عن تقديم المأكولات الشرقية أو الشرق أوسطية كمجموعة واحدة من الوصفات.
وقال الشيف الفلسطيني سامي التميمي الذي نشأ في مدينة القدس وانتقل للعيش في لندن قبل أكثر من عقدين ولديه سلسلة من كتب الطبخ والمطاعم مع شريك الأعمال الإسرائيلي يوتام أوتولينغي: «في الوقت الراهن نرى المزيد من التركيز على البلد أو المكان ونوعية طعامه. أعتقد أنه شيء رائع».
وهو نشأ على الطهو المنزلي، وعلى وجبات الغداء المدرسية المكونة من فطائر القرنبيط (عجة قرنبيط). وقال: «أتذكر أنني كنت أحمل صحناً وأذهب لشراء الحمص من محل الحمص».
تحدث التميمي بشغف عن الأطباق المحببة إليه كورق الدوالي «ورق العنب» و»المحشي كوسا».
وجمع هذه الأطباق التقليدية وتلك المعاصرة في كتاب للطبخ أصدره عام 2020 وأطلق عليه عنوان «فلسطين».
وقال: «قبل عشر سنوات فقط، لو ذهبت إلى ناشر وقلت له «أريد أن أنشر كتاباً عن الطعام الفلسطيني» لكان أجابك «من سيشتريه؟».
ويعود التميمي لفترة وجيزة إلى القدس في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل للإقامة في فندق «أمريكان كولوني» التاريخي الذي سبق أن زاره وعمل على قائمة طعامه مدة أسبوعين لتكييفها مع التغيير في مشهد الطعام في المدينة.
وقال: «كانت هذه هي المرة الأولى التي أعمل فيها مع فريق كامل من الفلسطينيين». مضيفاً: «لم تكن الحال كذلك في الماضي ومن الجيد أن يحصل ذلك».
وبات الفلسطينيون يلحقون بركب العالمية في مجال الطهو، إذ يفتتح الشيف فادي قطان مطعم بيت لحم في لندن في وقت لاحق من السنة الجارية.
وقال «كانت هذه هي المرة الأولى التي أعمل فيها مع فريق كامل من الفلسطينيين»، مضيفاً «لم تكن الحال كذلك في الماضي، ومن الجيد أن يحصل ذلك».
وبات الفلسطينيون يلحقون بركب العالمية في مجال الطهو إذ يفتتح الشيف فادي قطان مطعم «بيت لحم» في لندن في وقت لاحق من السنة الجارية.
المصدر: أ.ف.ب