طموح دروتموند يصطدم بخبرة ريال مدريد في نهائي أبطال أوروبا
تتجه أنظار محبي كرة القدم حول العالم، مساء غد السبت، إلى استاد “ويمبلي” بالعاصمة البريطانية لندن، لمتابعة نهائي دوري أبطال أوروبا بين ريال مدريد الإسباني وبوروسيا دورتموند الألماني، إذ يصطدم طموح الفريق الألماني ومغامرته الجميلة بخبرة العملاق الإسباني الفائز بالبطولة 14 مرة سابقة، والساعي إلى حصد الكأس الـ15 بقيادة مدربه الإيطالي المخضرم كارلو أنشيلوتي، الذي يتطلع هو الآخر إلى إضافة فصل آخر من علاقته المذهلة بالفعل مع أبرز الكؤوس الأوروبية للأندية.
ويسعى الفريق الإسباني إلى تعزيز رقمه القياسي والفوز باللقب للمرة الـ15 والسادسة خلال 10 سنوات، في تكرار لهيمنته على اللقب عند انطلاق البطولة إبان حقبة ألفريدو دي ستيفانو وفوزه بأول خمسة ألقاب منذ عام 1956 قبل أن يضيف بطولة أخرى عام 1966.
ولكن بعد أن أسس الفريق بقيادة دي ستيفانو وفرينس بوشكاش وباكو خينتو وريمون كوبا لهيمنة ريال مدريد على البطولة ليصبح “ملك أوروبا”، استغرق الأمر 32 عاماً مؤلمة لاستعادة عرشه عام 1998.
وغالباً ما يمزح منافسو ريال مدريد في شأن فوزه باللقب في حقبة النقل التلفزيوني باللونين الأبيض والأسود، لكن جيل راؤول غونزاليس وفرناندو هييرو وروبرتو كارلوس ساعد الفريق على التألق في زمن البث الملون بفوزه بثلاثة ألقاب لدوري الأبطال في خمسة مواسم، لكن الفريق الإسباني غاب لمدة 12 عاماً أخرى، مما جعل سعي ريال مدريد إلى حصد لقبه الـ10 هاجساً لرئيس النادي فلورنتينو بيريز الذي فشل بصورة مذهلة في التتويج باللقب على رغم تكوين تشكيلة مرصعة بالنجوم كلفته ملايين الدولارات.
وعلى رغم ذلك تعلم ريال مدريد من أخطائه وبدلاً من دفع أموال طائلة للتعاقد مع أسماء كبيرة انتهت فترة تألقها، حول انتباهه إلى اللاعبين الصاعدين في محاولة لتطويرهم وتشكيل فريقه الخاص.
وتعاقد مع توني كروس من بايرن ميونيخ وسيرخيو راموس من إشبيلية وكريم بنزيما من أولمبيك ليون وغاريث بيل من توتنهام هوتسبير وكريستيانو رونالدو من مانشستر يونايتد، وكان جميعهم دون 24 سنة ليبلغوا ذروة تألقهم خلال 10 سنوات في إسبانيا.
وبدأ النادي أيضاً في الاهتمام بالبحث عن اللاعبين الموهوبين صغار السن في البرازيل بطلة العالم خمس مرات.
وتعاقد مع مارسيلو وكاسيميرو مقابل ستة ملايين يورو (6.5 مليون دولار) وأصبحا من أساطير النادي.
وكانت هذه التشكيلة الشابة والموهوبة تحت قيادة هادئة من أنشيلوتي وزين الدين زيدان مترابطة ومتفاهمة في الملعب مثل الآلة، لتسيطر أخيراً وبصورة هائلة على دوري أبطال أوروبا في الحقبة الثانية بعدما أمضى ريال مدريد نصف قرن يبحث عن استعادة هذه الهيمنة.
وبعد الفوز باللقب الـ10 بقيادة أنشيلوتي عام 2014 فاز ريال مدريد بعدها بثلاثة ألقاب على التوالي بقيادة زيدان.
وبعد ذلك ومع عودة أنشيلوتي لقيادة الفريق حقق لقباً آخر عام 2022 متوجاً ببطولة رائعة مليئة بالعودة في المباريات قرب النهاية، ليثبت أن ريال مدريد أكثر من مجرد فريق تم تكوينه حول رونالدو بعد مغادرة قائد البرتغال إثر الفوز باللقب القاري في كييف عام 2018.
والآن وبعد عامين يعود ريال مدريد ليطرق الباب مرة أخرى بفريق يضم داني كاربخال وهو اللاعب الأساس الوحيد الذي لا يزال بالفريق الفائز باللقب العاشر قبل 10 سنوات، إذ يبحث اللاعبون الشبان عن إثبات جدارتهم وقيادة النادي نحو مواصلة النجاح.
ورحل رونالدو وراموس ومارسيلو وبنزيما وكاسيميرو منذ فترة طويلة. وأعلن كروس أنه سيعتزل بعد بطولة أمم أوروبا “يورو 2024” وأصبح لوكا مودريتش (38 سنة) لاعباً بديلاً في فريق شاب مليء بالمواهب.
ومع ذلك يكاد الفريق لا يفتقر إلى أي شيء في ظل تألق فينيسيوس جونيور وجود بلينغهام ورودريغو، وتطلعهم إلى تأسيس حقبة جديدة من سيطرة ريال مدريد.
وقال أنشيلوتي في مؤتمر صحافي الإثنين الماضي “لقد كان هذا الجيل نموذجاً للالتزام والسلوك الإيجابي، اللاعبون المخضرمون يقودون الطريق وسيواصلون ذلك، لكن عددهم أقل (الآن)، والشبان يتحملون مزيداً من المسؤولية، وصل كثير من اللاعبين الشبان الذين يملكون كفاءة فنية ولكنهم يفهمون أيضاً ما يمثله ريال مدريد”.
ومن المؤكد أن فريق دورتموند بقيادة إيدن ترزيتش لن يظهر كضيف شرف في حفل ريال مدريد.
ولا يمكن مقارنة الفريق الألماني بريال مدريد، إذ لم يفز إلا بلقب وحيد عام 1997 وخسر النهائي عام 2013، وهو قادم من موسم مخيب للآمال في الدوري المحلي.
لكنه لا يخشى أحداً ولا يقف كثيراً أمام التاريخ وهذا ما أظهره فوزه على أتلتيكو مدريد في دور الثمانية وباريس سان جيرمان في قبل النهائي.
وقدم دورتموند مستوى أكثر استقراراً في البطولة الأوروبية على رغم استحواذه على الكرة في دوري أبطال أوروبا بنسبة تقل بفارق 10 في المئة عن الدوري الألماني.
وحافظ دورتموند على شباكه نظيفة في ست من 12 مباراة خاضها في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم بفضل دفاعه القوي وهجماته المرتدة السريعة.
وشملت هذه المباريات الست مباراتي الذهاب والإياب في الدور قبل النهائي أمام باريس سان جيرمان الفرنسي اللتين فاز بهما الفريق الألماني بنتيجة (2 – 0) إجمالاً.
ويلعب ترزيتش في البطولة الأوروبية بتشكيلة مكونة من خمسة مدافعين في بعض الأحيان مما يمنحه خطاً خلفياً قوياً يمثل أساساً لطريقة لعبه.
وقدم المدافعان ماتس هوملز ونيكو شلوتربيك مستوى مذهلاً في الأشهر القليلة الأخيرة، واختير شلوتربيك في تشكيلة ألمانيا لبطولة أوروبا 2024.
وسيشكل الدفاع عاملاً أساساً إضافة إلى الهجمات المرتدة السريعة التي يقوم به الجناحان جيدون سانشو وكريم أديمي بهدف محاولة الضغط على دفاع ريال مدريد.
وستكون سرعة هذين اللاعبين في الجناحين مهمة في هجمات دورتموند المرتدة، مع العلم أن النسبة الكبرى من الاستحواذ ستكون لمصلحة ريال مدريد، وسينتظر الفريق الألماني اقتناص الفرص من خلال الهجمات المرتدة.
ويأمل ترزيتش في أن يتمكن أديمي وسانشو من خلق مساحة للاعب الوسط نيكلاس فولكروغ أفضل مهاجمي دورتموند في البطولة هذا الموسم بثلاثة أهداف.
وعلى رغم ذلك فلا يقتصر دور فولكروغ على إحراز الأهداف، إذ غالباً ما يسحب المهاجم الألماني قوي البنيان المنافسين معه، مما يتيح لزملائه في الفريق المساحة للحصول على بعض الفرص. ومن ثم ليس مفاجئاً أن يسجل 12 لاعباً مختلفاً من دورتموند هدفاً واحداً في الأقل في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم.
وقال ترزيتش “أقول لا تتعاملوا مع المواجهة كمناسبة بل كمباراة. هدفي ليس تجربة أمور جديدة أو الإفراط في إعطاء التعليمات، لكن الاستفادة من الخبرات التي اكتسبناها هذا الموسم وتحديد أي منها يناسب هذه المباراة”.
وأضاف “بالنسبة إلى التشكيلة لا تزال لدينا بعض الفترات التدريبية لمعرفة من سيثبت وجوده، لكننا نعلم أن تبديلاتنا يمكن أن يكون لها تأثير”.
ومن بين أولئك الذين من المحتمل أن يكونوا على مقاعد البدلاء ولكن من المتوقع أن يشاركوا في المباراة هو اللاعب المخضرم ماركو رويس الذي سيترك النادي.
وقال ترزيتش “لن يكون الأمر جيداً بما يكفي أن تعتمد فقط على التشكيلة الأساس في أداء المهمة، بل عليك الاعتماد على النوعية الإجمالية للفريق بالكامل”.