ضعف الاستثمار في الطاقة التقليدية يهدد باندلاع أزمة إمدادات عالمية

يدق ضعف الاستثمار في مشاريع الطاقة التقليدية (الفحم والنفط والغاز) ناقوس الخطر، مهدداً بأزمة إمدادات حادة يعيش العالم جزءاً منها الآن ومن شأنها أن تنافس أو حتى تتجاوز أزمات الطاقة في سبعينيات القرن الماضي.
وتجيء تلك الأزمة المتوقعة بالتزامن مع معاناة الاقتصاد العالمي بالفعل من نقص إمدادات الطاقة، إلى جانب الارتفاع القياسي في الأسعار على وقع الغزو الروسي لأوكرانيا.
وبينما يضع هذا النقص في الاستثمار مصلحة مستهلكي الطاقة على المحك، ويفتح باب التحديات أمام صانعي السياسات لا سيما مع رفعه للأسعار، فإنه يساعد أيضاً في زيادة المخاوف المتعلقة بشُحّ الإمدادات العالمية.
وتراجعت الاستثمارات في قطاع النفط والغاز إلى 341 مليار دولار فقط في العام الفائت، أي أقل بنسبة 25 في المئة من مستوى ما قبل جائحة كورونا. كما أنه أقل بكثير من الذروة الأخيرة في عام 2014 البالغة 700 مليار دولار، وفق التقرير السنوي الصادر عن «منتدى الطاقة الدولي، ، أكبر منظمة دولية لوزراء الطاقة يضم 71 دولة، في يونيو/حزيران الماضي، ومؤسسة «آي.إتش.إس ماركِت» في ديسمبر/كانون الأول 2021.
وفي حينه حذر المنتدى من أن ارتفاع الأسعار وتكاليف الاقتراض والغزو الروسي لأوكرانيا، جميعها عوامل تعرقل الاستثمارات الجديدة للنفط والغاز. وكان العام الماضي هو الثاني على التوالي الذي يسجل فيه قطاع التنقيب عن النفط والغاز تراجعا بعد هبوط بنسبة 30 في المئة في 2020. وتتجه استثمارات النفط والغاز للهبوط للعام الثالث على التوالي في 2022، مقارنة مع عام 2019.
ويأتي هذا التراجع المتوقع في استثمارات النفط والغاز، على الرغم من التدفقات النقدية القياسية مع تسجيل برميل النفط لسعر فاق 100 دولار. فهذه التدفقات تم تخصيصها من أجل الدفع أكثر لحاملي الأسهم، سواء في صورة إعادة شراء الأسهم أو زيادة مدفوعات أرباح الأسهم بدلاً من الإنفاق على المشاريع الجديدة وزيادة الاستثمارات في أنشطة الحفر والتنقيب.
وظهر هذا جلياً في توجه قطاع النفط الصخري الأمريكي نحو إعادة الإيرادات للمستثمرين، والتخلَّي عن عمليات الحفر واستثمار كل التدفقات النقدية بل وحتى الاقتراض من أجل الاستثمار في آبار جديدة.
فبعد سنوات من العوائد الضعيفة، تختار كبريات شركات الطاقة العالمية مكافأة المساهمين بدلا من الإنفاق على المشاريع الجديدة، حيث زادت «إكسون»، و»بي بي»، و»توتال» من عمليات إعادة شراء الأسهم، كما أعادت «شيفرون» بالفعل شراء كميات قياسية من الأسهم.
وإلى جانب تفضيل توزيع العوائد، تواصل شركات الطاقة عمليات الانضباط في الإنفاق.
أدى منح الاهتمام من جانب الشركات للمُناخ وضغوط حاملي الأسهم، لتخفيض الانبعاثات الكربونية في عملياتهم إلى تراجع الاستثمارات في أنشطة النفط والغاز. يأتي ذلك، في ظل استمرار الزخم العالمي المحيط بجهود مكافحة التغير المناخي والحد من الانبعاثات الكربونية، وذلك تزامنا مع تعافي الاقتصادات العالمية من آثار الجائحة إلى جانب البرامج الاقتصادية التحفيزية الموجهة نحو المشاريع الخضراء.
وكان «منتدى الطاقة الدولي» قد دعا في التقرير الصادر ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى زيادة استثمارات النفط والغاز لتكون أعلى من مستويات ما قبل وباء كورونا عند 525 مليار دولار، بحلول عام 2030، لضمان توازن السوق. وحسب التقرير، فإن الاستثمار غير الكافي في الاستكشاف والتنقيب والتكرير، قد يؤدي إلى مزيد من التقلبات في الأسعار ويفضي إلى عواقب اقتصادية وخيمة.
المصدر : الاناضول