رأي

ضبابية النظام العالمي القادم

كتب إميل أمين في ” الإتحاد”: بالقرب من نهاية عام، وبداية عام جديد، يتسابق المؤرخون والمحللون السياسيون على التساؤل: أي عالم نمضي في طريقه، وهل البنية التكتونية للنظام العالمي مستقرة، أم أنها قلقة مضطربة وحائرة، بل ومعرضة للمزيد من المخاطر في العام التالي؟
المؤكد بشكل قاطع أن عالمنا متشظٍ بصورة غير مسبوقة، ولم يعد منقسماً ثنائياً، كما الحال من قبل، في زمن الحرب الباردة، حيث الكرة الأرضية وقتها كانت تدور عبر قطبين كبيرين، وحلفين متضادين وارسو والأطلسي.
الناظر للخريطة الجغرافية، بل والإيديولوجية، يدرك أن عالم متعدد الأقطاب يولد، لكن الولادة عسيرة، مرهقة ومكلفة، ويخشى الجميع من أن تكون الأكلاف عالية وغالية.
تبدو البشرية في أواخر خريف النظام العالمي الجديد، ذاك الذي بشرت به الولايات المتحدة الأميركية، قبل ثلاثة عقود، حين إنهار الاتحاد السوفييتي.
لم تعد واشنطن قابضة على جمر القيادة العالمية، حتى وإنْ ظلت الأول بين متقدمين، لكن المسافة بينها وبين تجمعات سياسية واقتصادية، عسكرية وأمنية، تضيق يوماً تلو الآخر، بل وتختصم من نفوذها العالمي. فقدت الولايات المتحدة الأميركية الكثير من الألق الذي عُرفت به في نهاية الحرب العالمية الثانية، ويكاد يضمحل زيت قنديل المدينة فوق الجبل.
في المقابل لا تبدو موسكو القطب المرشح للتطورات التي لا تصد ولا ترد، فقد جاءت الحرب الأوكرانية، لتطرح العديد من علامات الاستفهام حول فكرة القوة الخشنة، والتي يتمترس وراءها سيد الكرملين، وإنْ كان بعضهم يجد لها تفسيرات من منطلق الدفاع عن الذات، لكن قد لا يكفي هذا.
على عتبات عام جديد، تقول الأنباء المتواترة، إن القيصر بوتين قد يجد نفسه عند نقطة بعينها، من سخونة الرؤوس، أمام اختيار صعب، قد يشعل العالم برمته، ما لم تصلح عروضه للتهدئة، وطالما ظل العم سام ماضياً في طريق إدارة الصراع بدلاً من حله. في الأثناء، تبدو أوروبا ممزقة على أكثر من صعيد، فمن جهة تعاني من تبعات التحالف البراغماتي مع الولايات المتحدة الأميركية، فقد وجدت نفسها مدفوعة دفعاً في طريق المكايدة السياسية لروسيا، وإن كلفها هذا ضياع الحلم الأوراسي.
ومن ناحية ثانية تجد نفسها تدفع أكلافاً اقتصادية عالية وغالية، فيما الشركات الأميركية تحقق أرباحاً طائلة، وبخاصة شركات الطاقة، بينما هي تكاد تهلك من جراء قسوة الجنرال الأبيض.
لم يعد التحالف الأميركي – الأوروبي، على شاكلة ما جرت به المقادير في زمن الحرب العالمية الثانية، أو غداة مشروع مارشال وحتى سقوط جدار برلين. اليوم تمضي ألمانيا في طريق، وفرنسا في طريق مغاير، ما يعني أن أوروبا تعاني من انقسامات داخلية، ولم تعد على قلب رجل واحد.
على عتبات العام الجديد تبقى هناك تساؤلات غائمة حول مستقبل المناخ العالمي، والاقتصاد الأممي، وأزمة الغذاء، ثم حال ومآل العالم العربي…ماذا عن ذلك؟

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى