صور أقمار اصطناعية من الحرب الباردة تكشف عن 400 حصن روماني.
اكتشف عدد من علماء الآثار قرابة 400 حصن روماني لم تكن معروفة سابقاً، يرجع بناؤها إلى ما قبل نحو 1900عام مضت، ولكنها دُفنت في أنحاء العراق وسوريا الحديثتين، وتحقق هذا الكشف من طريق إعادة تفحص صور التقطتها أقمار اصطناعية تعود لحقبة الحرب الباردة.
ويلقي البحث المنشور في مجلة “أنتكويتي” Antiquity مزيداً من الضوء على الحصون الموجودة شرق الإمبراطورية الرومانية التي كان يعتقد أنها بمثابة خط دفاع ضد التوغلات من الحدود الشرقية للحضارة القديمة.
وخلال مسح جوي للشرق الأدنى في عشرينيات القرن الـ 20، سجل الكاهن اليسوعي الفرنسي أنطوان بواديبار والرائد في علم الآثار الجوية مئات العمائر العسكرية المحصنة في المنطقة.
وأشار الأب بواديبار إلى أن هذه الحصون تمثل ربما خط دفاع للإمبراطورية الرومانية ضد أية توغلات تواجهها من الشرق.
وفي المسح الذي نهض به بواديبار فقد رسم خرائط لـ 116 حصناً رومانياً على امتداد الحدود التي يبلغ طولها 1000 كيلومتر (620 ميلاً)، وقال إن هذه المباني قد شيدت خلال القرنين الثاني والثالث الميلادي للدفاع عن الإمبراطورية ضد الغزاة العرب والفرس.
ولكن الغرض الاستراتيجي أو السياسي المتوخى من نظام التحصينات هذا كان محل نقاش في أوساط المؤرخين وعلماء الآثار لفترة طويلة من الزمن.
والآن تولى البحث الأحدث تقييم صور رفعت عنها السرية ومأخوذة من البرنامجين الأوليين للتجسس عبر الأقمار الاصطناعية في العالم واسمهما “كورونا” Corona و”هيكساغون” Hexagon، جمعت بين العامين 1960 و1986.
وساعد ترميم هذه الصور القديمة وإعادة تحليلها في تحديد 396 حصناً آخر لم يسبق اكتشافها، موزعة على نطاق واسع عبر شمال الهلال الخصيب.
ونجح باحثون من “كلية دارتموث” في الولايات المتحدة في تمييز هذه الحصون عن المباني الحديثة والتعرف إلى معالمها الأثرية نظراً إلى ظلالها المميزة وجدرانها المتآكلة.
وأوضح العلماء أن “هذه المباني تكون معزولة في الغالب وبعيدة من المعالم الأثرية الواضحة الأخرى، وكثيراً ما تقع في بيئات هامشية مع وجود أدلة أخرى قليلة على استيطان غابر في القدم أو حديث”.
وتربط الحصون، بحسب الباحثين، مدينة الموصل الواقعة على نهر دجلة شرقاً مع حلب غرب سوريا.
وعلى عكس تفسير الأب بواديبار لاكتشافه، يشير التحليل الأخير إلى أن الحصون منتشرة على نطاق شاسع في المنطقة من الشرق إلى الغرب.
ووفق العلماء فإن ذلك يشير إلى أن هذه الحصون دعمت تحرك “القوات الرومانية أو الإمدادات أو السلع التجارية” بين الشرق والغرب.
كذلك يقولون إن المنطقة شكلت على الأرجح مركزاً عالمياً للتجارة أكثر من كونها خط دفاع ضد الغزاة القادمين من الشرق.
وكتب علماء الآثار في الدراسة “إن اكتشاف هذه الحصون الإضافية يشكك في أطروحة بواديبار عن الحدود الدفاعية، ويشير بدلاً من ذلك إلى أن هذه الهياكل أدت دوراً في تسهيل حركة الأشخاص والبضائع عبر السهوب السورية”.
وأضاف العلماء إلى أنه “بدلاً من ذلك تعزز النتائج التي توصلنا إليها فرضية بديلة مفادها أن هذه الحصون تدعم نظام التجارة الأقاليمية القائم على القوافل والاتصالات والنقل العسكري”.