نشرت صحيفة فايننشال تايمز تقريرا عن الوضع الاقتصادي في مصر والاتفاق الأخير مع صندوق النقد الدولي، بعنوان (مصر تتعهد بتقليص دور الجيش الكبير في الاقتصاد بموجب خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي)، للكاتب أندرو إنغلاند.
وقالت الصحيفة إن مصر التزمت بتقليص دور الجيش في الاقتصاد كجزء من حزمة الإنقاذ التي قدمها صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار، في الوقت الذي تكافح فيه الدولة لمواجهة أزمة نقص العملة الأجنبية، وضعف الجنيه، وارتفاع معدلات التضخم.
وقال الصندوق في بيان يوم الثلاثاء إن الإصلاحات الهيكلية “الحاسمة” التي وافقت عليها القاهرة تشمل “تسوية الموقف بين القطاعين العام والخاص” كجزء من سياسة ملكية الدولة التي أقرها الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأوضح أن السياسة ستغطي جميع الشركات المملوكة للدولة بما في ذلك “الشركات المملوكة للجيش”، في اعتراف نادر من صندوق النقد الدولي بكيفية توسيع الجيش نفوذه في الاقتصاد المصري منذ عام 2013.
وبموجب هذه السياسة، ستحدد الحكومة القطاعات “الاستراتيجية” التي ستظل متواجدة فيها، بينما تنسحب الدولة تدريجيا من “القطاعات غير الاستراتيجية” وتوسع مشاركة القطاع الخاص فيها، بما في ذلك من خلال بيع الأصول.
كما سيُطلب من الكيانات المملوكة للدولة تقديم حسابات مالية إلى وزارة المالية مرتين في السنة وتقديم معلومات عن أي أنشطة “شبه مالية” في محاولة لتحسين الشفافية. وقال الصندوق إن الوزارة ستضمن الوصول المفتوح إلى البيانات الخاصة بأنشطتها الاقتصادية.
وقالت الصحيفة إن اقتصاديين ورجال أعمال مصريين اشتكوا من أن دور الجيش في الاقتصاد يزاحم القطاع الخاص ويخيف المستثمرين الأجانب.
ويعتبر الرئيس عبدالفتاح السيسي الجيش الأداة الرئيسية للمساعدة في إعادة بناء الاقتصاد المنهار بعد الاضطرابات التي اندلعت بسبب ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس الراحل حسني مبارك. ومنذ ذلك الحين تم تكليف الجيش بالمئات من مشاريع البنية التحتية وتوسيع نطاق مصالحه في قطاعات كثيرة منها إنتاج المعكرونة والمشروبات إلى الأسمنت.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن مصر، التي تضررت من التداعيات العالمية للغزو الروسي لأوكرانيا، تواجه فجوة تمويلية قدرها 17 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة.
وقالت إيفانا هولار، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر، إن “برنامج الإصلاح لدى السلطات يقوم على إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص، وهو الأمر الملح، ومن المهم للغاية أن تتم المصادقة على سياسة ملكية الدولة على أعلى المستويات، بما في ذلك من قبل الرئيس”.
ووافق الصندوق على تقديم قرض جديد لمصر، وهو الرابع منذ 2016، بعد شهور من المحادثات، ووافقت القاهرة على الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن للعملة الأجنبية. وسجل الجنيه المصري انخفاضا قياسيا هذا الأسبوع مع سماح الحكومة للعملة المصرية بالهبوط على مراحل بنسبة 43 بالمئة مقابل الدولار منذ مارس/آذار 2022.
ويقول الاقتصاديون إن تخفيض قيمة العملة ضروري لتحقيق التوازن بين العرض والطلب في أسواق الصرف، بعد أن دعمت الحكومة العملة لسنوات. لكن ضعف الجنيه زاد من الضغوط التضخمية. وارتفع معدل التضخم الأساسي إلى 24.4 بالمئة في ديسمبر/كانون الأول.
وأشار صندوق النقد الدولي إلى المخاطر التي يتعرض لها برنامج الإصلاح، ومنها أن “ضبط أوضاع المالية العامة في سياق ارتفاع تكاليف المعيشة قد يواجه معوقات سياسية واجتماعية”.
وقال صندوق النقد الدولي: “هناك حاجة لإثبات استمرارية التحول إلى سعر صرف مرن وقد يواجه (البنك المركزي) ضغوطا سياسية واجتماعية لعكس مساره. الإصلاحات التي تهدف إلى تقليص دور الدولة قد تواجه مقاومة من أصحاب المصالح الخاصة في البلاد”.