رأي

صراع «الناتو» وروسيا

كتب علي قباجة, في الخليج:


لم يكن يدور في ذهن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن تُفضي طموحاته في إنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية/ الغربية، إلى فشل ذريع. فبعدما راهن قبل انتخابه على علاقته الجيدة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنهاء الحرب خلال 24 ساعة من توليه الرئاسة، ثم رفعها لأشهر، وصل في النهاية إلى هجاء بوتين، والقول إنه «خيّب آماله»، ثم تهجم على روسيا واصفاً إياها بـ«نمر من ورق» وتعاني اقتصادياً، مؤكداً أن أوكرانيا قادرة على استعادة أراضيها بالكامل من روسيا، بدعم من الاتحاد الأوروبي، «وربما الذهاب إلى أبعد من ذلك»، ويقصد السيطرة على أراضٍ روسية أيضاً.
تصريحات ترامب كانت بمنزلة قنبلة؛ إذ تشير إلى نهج مغاير عمّا تبناه سابقاً من نبرة تصالحية مع موسكو، وضغط هائل على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكى بدعوته أكثر من مرة للتنازل عن أراضٍ مقابل التسوية، فما يحدث اليوم يشي بتحولات تصعيدية، مع الدعم الأمريكي الهائل لـ«الناتو» سياسياً وعسكرياً، ودعوة ترامب لدوله بإسقاط الطائرات الروسية إذا دخلت مجالها الجوي؛ وذلك بعد سلسلة اختراقات نُسبت إلى روسيا في إستونيا وبولندا واستوكهولم.
ورغم النفي الروسي لتنفيذ أي اختراق لهذه الدول ووصفها بالفارغة ولا أساس لها من الصحة، فإن «الناتو» عقد اجتماعاً لأعضائه، أكدوا فيه جاهزيتهم للرد على أي تهديد روسي، ولكن لا يُستبعد أن تكون موسكو بالفعل قامت بذلك بهدف توجيه رسائل مبطنة ثم اختبار منظومة دفاع حلف الأطلسي، تحسباً لصراع ساخن في أي لحظة، مع تصعيد كل الأطراف. ورغم أن بريطانيا أرادت الرد على الاستفزاز الروسي بتقديم مقترح يقضي بمهاجمة الطائرات الروسية في حالة قيامها بأي انتهاك للمجال الجوي، فإن العديد من دول «الناتو» عارضت ذلك، في محاولة للحفاظ على حد فاصل يمنع الانزلاق إلى حرب شاملة والتي من المرجح تطورها لحرب نووية تأكل الأخضر واليابس.
الأوضاع في شرق أوروبا تزداد بؤساً، مع احتمالات كثيرة لتوسع دائرة الصراع؛ إذ إن فرص السلام التي كانت مطروحة تأخذ في الاضمحلال شيئاً فشيئاً، فروسيا تواجه هجمات شرسة من أوكرانيا مدعومة غربياً في عمقها تستهدف الطاقة، وهو ما قد يخلق أزمة معيشية واقتصادية فادحة، في المقابل، فإن روسيا لن تسمح بشلها بهذه الطريقة؛ إذ قد توسع دائرة النار لتصل إلى أراضي «الناتو».
ترامب اتخذ موقفاً بدعم أوكرانيا والابتعاد عن روسيا التي كانت تعوّل عليه في دفع كييف للتنازل، بيد أن الأمور تتجه إلى مرحلة كسر عظم، فإما نصر وإما هزيمة عند كلا الطرفين، ولا توجد حلول وسط؛ لذا فإن المستقبل يحمل في طياته خطراً كبيراً قد لا تقف تداعياته عند الأطراف المتصارعة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى