صدمة في الكويت بعد الكشف عن قانون تنظيم الإعلام الجديد.
تفاعلت في الكويت، الثلاثاء، قضية قانون تنظيم الإعلام الجديد، الذي تزمع الحكومة إقراره، بعد الكشف عن بنود رأى النواب أنها تقيّد الحريات، وتتوسع في استخدام العقوبات المقيدة لحرية التعبير، مع تقييد وسائل الإعلام.
وأعدت القانون وزارة الإعلام، التي قالت، أمس، إنها قامت بعرض مسودة القانون على الجهات الحكومية المعنية لأخذ كل الملاحظات والمقترحات لإنهاء جميع الإجراءات الرسمية حول مشروع القانون تمهيدا لإحالته بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل لمجلس الأمة لإحالته للجنة التعليمية في مجلس الأمة كما هو متفق عليه مع أعضاء اللجنة في اجتماع سابق.
لكن تبين أيضاً أن القانون الجديد (لم يتم إقراره بعد) يسن عقوبات صارمة تجاه المواطنين الذين يوجهون النقد لأعضاء مجلس الأمة أيضاً، مع تغليظ مدد عقوبات السجن والغرامات المالية الواردة في القوانين الحالية للمطبوعات والنشر والإعلام المرئي والمسموع وتنظيم الإعلام الإلكتروني.
ورأت الحركة التقدمية الكويتية في القانون الجديد توسيع نطاق «التحكّم والوصاية وتقييد وسائل الإعلام، بما يتجاوز ما هو قائم في قانون المطبوعات والنشر (..) وقانون الإعلام المرئي والمسموع (..) وقانون تنظيم الإعلام الإلكتروني (..) وتتوسع هذه الوصاية والقيود لتشمل كل المجالات بما فيها دور السينما والحفلات العامة، وعزف الموسيقى في صالات الفنادق».
كما رأت أن القانون يتوسع أيضاً «في قائمة المسائل المحظور نشرها أو بثها، التي تقيّدها القوانين الحالية؛ حيث تجاوزت مسودة مشروع قانون الإعلام الموحّد ما هو مقرر في الدستور من تحصين للذات الأميرية فقط… وأضفت درجة من الحصانة المبالغ فيها لأعضاء مجلس الأمة تجاه النقد السياسي والإعلامي تحت ذريعة حظر نسبة أقوال أو أفعال غير صحيحة لهم وعدم المساس بحياتهم الخاصة، وكرّست العبارات الفضفاضة التي يصعب تحديدها على نحو ملموس في قائمة المسائل المحظور نشرها وبثها من شاكلة: (خدش الآداب العامة) و(زعزعة الثقة بالوضع الاقتصادي)».
مع «تغليظ عدد من مدد عقوبات السجن ومبالغ الغرامات المالية الواردة في القوانين الحالية للمطبوعات والنشر والإعلام المرئي والمسموع وتنظيم الإعلام الإلكتروني».
وزارة الإعلام: حريصون على اتباع الأطر الدستورية والقانونية
من جهتها، أكدت وزارة الإعلام، الثلاثاء، حرصها على اتباع جميع الأطر الدستورية والقانونية المتعلقة بمشروع قانون بشأن تنظيم الإعلام بما يضمن تعزيز مستوى الحريات وتطوير العمل الإعلامي الكويتي.
ولفتت الوزارة في بيان صحافي حول ما أثير عن مشروع قانون بشأن تنظيم الإعلام الذي أعدته الوزارة مؤخرا، إلى أنها قامت بعرض مسودة القانون على الجهات الحكومية المعنية لأخذ جميع الملاحظات والمقترحات لإنهاء جميع الإجراءات الرسمية حول مشروع القانون تمهيدا لإحالته بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل لمجلس الأمة، لإحالته للجنة التعليمية في مجلس الأمة كما هو متفق عليه مع أعضاء اللجنة في اجتماع سابق.
وشددت الوزارة على حرصها الدائم على التعاون المشترك والتنسيق المستمر مع السلطات التشريعية والتنفيذية في المواضيع ذات الصلة بما يخدم الإعلام الكويتي ويعزز من الحريات المسؤولة.
رفض نيابي
وبعد الكشف عن القانون الجديد، رفع النواب الكويتيون الصوتَ مطالبين بإلغائه، واصفين القانون بأنه يمثل انتهاكا للدستور وللحريات الفردية.
وقال النائب الدكتور حسن جوهر إن الحكومة تنكرت للخريطة التشريعية الحافلة بقوانين تنظيم تعيين القياديين وحماية المال العام وتنويع مصادر الدخل وتعزيز الحريات العامة وزيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين واختارت «قانون قمع الحريات» غير المدرج حتى في برنامج عملها.
وتساءل جوهر: «هل هذا رد التحية للشعب الكويتي؟ الحكومة بدأت تنهي نفسها سياسيا».
من جهته، قال النائب الدكتور مبارك الطشة «في الوقت الذي يطالب فيه الجميع بفتح صفحة جديدة وتعزيز المشاركة الشعبية ورقابتها على الرأي العام، نسمع عن مشروع قانون حكومي يقيّد الرقابة الشعبية ويتشدد في عقوباتها»، مؤكدا أننا لا يمكن أن نقبل بمثل هذه الممارسات غير المدروسة.
وقالت النائبة الدكتورة جنان بوشهري، في بيان: «سبق أن تحدثت مع الأخ وزير الإعلام بشأن قانون الإعلام، وأكدت عليه أن القانون يجب أن يكون لمزيد من الحريات المسؤولة، فلسنا دعاة الفوضى أو المؤيدين للاعتداء على كرامات الناس، إلا أن ما نشر عن مشروع الحكومة لتنظيم الإعلام – إن كان صحيحا – يتعارض بشكل كبير مع مفهوم تطويره وتنظيمه ودعم حرياته. وأقولها صادقة للأخ وزير الإعلام إن تقديمك مشروع القانون بالصيغة التي نشرت – وهو حقك الدستوري – هو مساس بجوهر الديمقراطية ونهاية مستقبلك السياسي».
النائب متعب الرثعان، قال «إن صحت المعلومات المنشورة في الصحف المحلية فهي ردة سياسية واستمرار للنهج السيئ في تقييد الحريات وهو أمر مرفوض»، مضيفاً: «الحريات العامة خط أحمر، غير قابلة للمساومة، سنكون داعمين للحريات وتعزيز الرأي والرأي الأخر».
وقال النائب سعود العصفور: «أي قانون لا يأخذ التجارب القاسية التي مر بها الشعب الكويتي جراء العبارات المطاطة وغير المحددة في قوانين النشر والإعلام والجرائم الإلكترونية فهو قانون مرفوض…».
وأضاف: «سنوات ضاعت من أعمار شباب الكويت نتيجة لقوانين سيئة مقيدة لحرية الرأي وأي إعادة إنتاج لهذه القوانين فلن تكون مقبولة. لا عقوبة سجن لصاحب رأي مهما اتفقنا أو اختلفنا مع هذا الرأي».
ودعا النائب هاني شمس إلى تعديل قانون المرئي والمسموع الحالي إلى مزيد من الحريات، مؤكدا رفض كل مشروع قانون ومقترح من شأنه أن يكمم الأفواه أو ينتقص من حق المواطنين بالتعبير عن آرائهم ويزج بهم في السجون تحت ذريعة تنظيم الإعلام.
وقال النائب حمد المدلج في تغريدة عبر منصة (إكس): «ما تم تداوله عن قانون تنظيم الإعلام لا يمكن القبول به نهائياً، ولن نقبل بصلاحيات تكميم الأفواه لترهيب الرأي العام من نقد أي فاسد أو مقصر، من لا يريد التجريح السياسي ورقابة الرأي العام (يقعد في بيته)».
وقال النائب داود معرفي «لن نقبل المساس بمواد الدستور بقوانين عشوائية»، وأضاف مخاطبا رئيس الوزراء «بداية التصادم مع الشعب هو تقنين حرياته، وبإرادة الشعب رحل قبلك رؤساء حكومات سابقة وإذا أراد الشعب فستكون أنت التالي».
أما النائب عبد الله فهاد، فقال عبر تغريدة: «لم نأتِ، بصفتنا نوابا، لإقرار المزيد من القوانين المقيدة للحريات في دولة الدستور والمؤسسات، وأي قانون يُقدم بهذا السياق فهو مرفوض تماماً. لقد أقسمنا على حماية الدستور والذود عن حريات الشعب أولاً ولذا فنحن نحذر الحكومة من محاولة تمرير قانونها الخاص بتنظيم الإعلام».
وقال النائب جراح الفوزان: «كان يجب على الحكومة أن تقوم بتصحيح المسار السياسي وتغيير كل ما حدث خلال العشر سنوات الماضية التي تهجّر فيه الشباب الكويتي وسُجن بسبب القوانين المقيدة للحريات، أي تراجع أو تشدد على قوانين الحريات فمرفوض رفضاً قاطعاً، وأي مساس لحريات الأفراد فهو بداية عدم التعاون».
وقال النائب مهلهل المضف: «قانون تنظيم الإعلام الجديد هو انقلاب على الدستور ومبادئه ومضامينه ومواده، وجاء من أشخاص لا يريدون الخير للكويت وشعبها، ويخلطون مع سبق الإصرار والترصد بين تنظيم الحريات وتجريمها».
وقال النائب أسامة الزيد عبر منصة «إكس – «تويتر» سابقاً» إنه «انطلاقاً من المادة (36) من الدستور التي كفلت لكل إنسان حرية الرأي وحق التعبير عنه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وكذلك ما نصت عليه المادة (19) من العهد الدولي بأن لكل إنسان الحق في اعتناق آراء دون مضايقة، والتزاماً بالقسم والعهد مع الشعب الكويتي الكريم، نرفض من حيث المبدأ أي تشريعات تهدف إلى تقليص الحريات بل سنواصل السعي جاهدين نحو إقرار المزيد من الحقوق وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وأخصها إلغاء العقوبات التي تحبس حرية الأفراد وتسلب سنين حياتهم في السجن».
وقال النائب حمد العليان، إن مشروع القانون المزمع تقديمه من قبل الحكومة بشأن تنظيم الإعلام «مرفوض رفضاً قاطعاً بشكله الحالي». وأوضح العليان قائلا: «جئنا – بصفتنا أعضاء – لتعزيز الحريات، وحماية حق الناس في التعبير عن الآراء، وإلغاء القوانين المقيدة للأفراد».
وأكد النائب شعيب شعبان على أن «أي محاولة لتقييد الحريات العامة والحق الإنساني والدستوري الأصيل بالتعبير عن الرأي وتكميم الأفواه فسنتصدى لها بحزم، النقد البناء قوام التطوير، ورفضه يعيق التقدم، ولا بد أن تلتزم جميع التشريعات بالأطر الدستورية الداعمة للحريات».