شؤون لبنانية

شيخ العقل: كفى تحدياً وارتكاباً لجرائم تهديم الوطن

رأى شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى انه “آن الأوان لنا في لبنان أن نعقد العزم على إنقاذ المركب من سوء المصير، وإنقاذه لا يتحقق إلا بشد أشرعة الدولة، وباحترام الاستحقاقات الدستورية وانتخاب رئيس توافقي قادر على قيادة مركب الوطن نحو شط الأمان”، معتبرا انه “اذا لم يبادر اللبنانيون أنفسهم للمساعدة في عملية الإنقاذ فلا جدوى من تدخل الخارج منفردا”.
 
كلام الشيخ أبي المنى جاء في خطبة عيد الأضحى المبارك في بلدة شانيه، بمشاركة عدد كبير من المشايخ والفاعليات الروحية والاجتماعية والثقافية والأهلية ومن أعضاء المجلس المذهبي وإدارتي المجلس ومشيخة العقل.
 
وبعد أن أم الشيخ أبي المنى الصلاة، قال في الخطبة: “قال تعالى في كتابه العزيز: “قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين”. من هذا المنطلق الإسلامي، ومن هذا القصد الأسمى، ومن تلك الرسالة المنزلة، وبقلب مشبع ببركة الليالي العشر، مفعم بالأمل والرجاء، نتوجه إليكم صبيحة هذا اليوم المبارك بالتهنئة والدعاء مع بلوغ اليوم العاشر من شهر ذي الحجة، وقد بلغ السعي تمامه والحج مرامه، فعسى أن نوفق وإياكم لبلوغ معنى العيد وإدراك غاية التوحيد، بصفاء قلب وصحيح فكر وعلو همة”.
 
أضاف: “نسأل الله تعالى أن تكون هذه المناسبة الجليلة فسحة للخير وسبيلا للارتقاء والمسافرة في درجات الإسلام والإيمان ومحطة للاصلاح على مستوى الذات والعائلة وعلى مستوى المجتمع والوطن والإنسانية، ليكون العيد عيدا حقيقيا، بمعناه الروحي، لا بمظهره الزمني وحسب. فلتكن المناسبة بابا للدخول إلى حرم الله وللتحدث بنعمته سبحانه وتعالى في السراء والضراء، ولتكن عبادتنا للعبادة الأحرار، أي عبادة الحمد والشكر، لا عبادة التجار، أي عبادة الرغبة، ولا عبادة العبيد، أي عبادة الرهبة، ولنتعامل مع الناس بمحبة وأخوة، فنحب لهم ما نحب لأنفسنا، لقول رسول الله: “أحب لأخيك ما تحب لنفسك”، ولنضح ما استطعنا على نية الخير، لا على نية الكسب والمنة والجاه، ولنزك من مالنا وعلمنا ووقتنا وطاقتنا في سبيل من هم بحاجة إلى عطائنا، أكانت تلك التزكية لقمة للجائع، أم فسحة من اهتمام للبائس، أو كلمة طيبة لليائس، أم معلومة مفيدة للمريد، أم موعظة حسنة للشاب التائه المتعطش لنيل العلم وكسب المعرفة وإدراك الحكمة”.
وأردف ابي المنى: “وإذا كان هناك من تحية نرفعها وإياكم صبيحة هذا العيد فهي لإخواننا وأبنائنا الموحدين الدروز المنتفضين كعادتهم في هضبة الجولان في وجه العدوان الغاصب المستكبر دفاعا عن أرضهم وحقوقهم، فتحية الى العمائم البيضاء والأيادي السمراء التي سطرت المواقف والبطولات، تحية الى الشيوخ والشباب الذين أفهموا المحتل مرة جديدة أن الموحدين ليسوا لقمة سائغة وأنهم في لحظة غضب وانتصار لكرامة الأرض إنما يستعيدون مشاهد الآباء والأجداد عبر التاريخ في التصدي لجحافل الجيوش والغزاة وتقديم أروع صورة عن جماعة لا تهاب الموت ولا تخشى سوى الله. ونحن اذ نشد على أيديهم وندعوهم وإخوانهم الفلسطينيين، لمقارعة العدوان بالحق والدفاع عن هويتهم العربية وحقوقهم المسلوبة إنما نقدر أصوات النخوة والشجاعة المتلازمة وأصوات العقل والحكمة التي تسعى دائما إلى تدبر الأمور بأبصار صحيحة وعقول رجيحة، بعيدا عن المزايدات والادعاءات”.
 
وقال: “جميعنا في مركب واحد تتقاذفه رياح الشرق والغرب، وتتخطفه الأنواء والأهواء من هنا وهناك، وقد آن الأوان لنا في لبنان أن نعقد العزم على إنقاذ المركب من سوء المصير، وإنقاذه لا يتحقق إلا بشد أشرعة الدولة، وباحترام الاستحقاقات الدستورية وانتخاب رئيس توافقي قادر على قيادة مركب الوطن نحو شط الأمان، وإعادة الحياة إلى مؤسسات الدولة وإداراتها، وتعزيز ثقة المجتمع الدولي بلبنان وقدرة أبنائه على النهوض به، وتحفيز رجال الأعمال للاستثمار فيه وخلق فرص العمل للشباب للحد من هجرتهم. وذلك كله يحتاج إلى التفاهم والتوافق على خطة استراتيجية واضحة لا تثير هواجس أية جهة داخلية، وتؤكد على متانة علاقات لبنان العربية والدولية، وتساعد في تعزيز قدرته على الصمود ومواجهة أي عدوان بوحدة الصف والموقف والولاء الوطني وبتضامن جميع أبنائه على مختلف موداتهم ومذاهبهم ومشاربهم.
إن لبنان التنوع في الوحدة، لبنان العيش الواحد الموحد، لبنان التاريخ والتراث والحضارة المشرقية والعروبة، لبنان الانفتاح والجدارة، هذا ال”لبنان” جدير بالوفاء ويستحق التضحية لإنقاذه مما يتهدده من أخطار تكاد تقضي على المؤسسات، كما على القيم الأخلاقية والوطنية والاجتماعية، وإن لم يبادر اللبنانيون أنفسهم للمساعدة في عملية الإنقاذ فلا جدوى من تدخل الخارج منفردا”.
 
وختم أبي المنى: “كفى استهتارا وتحديا، كفى ارتكابا لجرائم تهديم الوطن، اسلكوا سبيل الاعتدال والوسطية، واسعوا بإخلاص للتوافق والتراضي، أو على الأقل للمواجهة الديموقراطية في أي استحقاق، وليكن التنافس قائما لأجل خدمة الوطن وإنقاذه لا لهدم ما تبقى من مؤسساته ومن اقتصاده وهيبته، ولتحمل هذه الأيام المباركة في ثناياها وثوانيها كل الخير والأمل للبنانيين. إنه دعاؤنا ورجاؤنا، رجاء الأضحى الذي يتكرر كل عام، ودعاء الاستعانةالمرفوع لله سبحانه وتعالى في كل آن، وهو وحده السميع المجيب، لا رجاء إلا به، ولا ملجأ إلا إليه، له الحمد في كل بدء وفي كل ختام”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى