اقتصاد ومال

شوارع غزة مكتظة بالبسطات والمشاريع الصغيرة لسد الرمق

تدفع الأوضاع الاقتصادية الصعبة وانعدام مصادر الدخل في قطاع غزة الكثير من الفلسطينيين إلى فتح بسطات ومصادر رزق صغيرة في الأسواق والشوارع والمفترقات العامة، تسهم في تحسين الدخل للعائلات وتعزيز النشاط التجاري.

وتعتبر البسطات واحدة من أبرز المشاريع الصغيرة التي تزايد الاعتماد عليها في غزة، في ظل تدمير القطاع التجاري، ويلاحظ اختلاف أصناف البضائع المتوفرة في الأسواق خلال المواسم الحالية التي تعتبر من أضعف المواسم، إذ يدفع نقص البضائع جراء تدمير المصانع وإغلاق المعابر البسطات إلى بيع المنتجات الخاصة بالمساعدات الإنسانية أساساً، كالمنظفات والمواد الغذائية وأصناف محدودة من الفواكه المجفّفة والأجبان والمربى واللحوم المعلبة والحلاوة.

وتتوزع البسطات في المناطق الأكثر اكتظاظاً بالناس مثل الأسواق الشعبية، والمفترقات العامة ومخيمات ومدارس النزوح، كما أنها لا تقتصر على الباعة فحسب، إذ افتتح العديد من أصحاب المهن المتعطلة كعمال البناء والسائقين وعمال المطاعم وبعض المعلمين أيضاً بسطات لتوفير قوت أسرهم.

ويسعى بعض أصحاب مصانع الحلويات التي جرى تدميرها خلال الحرب إلى إستغلال الموسم الحالي لعيد الفطر عبر توفير إمكانيات بسيطة لصناعة الحلويات التي يزيد الإقبال عليها.

ولا تساهم البسطات في مختلف الأماكن بتحريك عجلة الاقتصاد الفلسطيني المدمر رغم كثرتها، إذ يسعى أصحابها بالدرجة الأولى إلى توفير كفاف يومهم من المتطلبات الأساسية، خاصة في ظل شحّ المساعدات وارتفاع الأسعار الكبير والمتزايد.

الفلسطيني سيف أبو ريالة (43 عاماً) افتتح بسطة لبيع وشراء المواد الغذائية الخاصة بالمساعدات الإنسانية أمام نقطة توزيع بعد أن فقد سيارة الأجرة التي كان يعمل عليها بفعل القصف، بهدف توفير متطلبات أسرته.

ويوضح أبو ريالة لـ”العربي الجديد” أنه بعد تدمير مصدر دخله الوحيد لم يعد له أي نافذة لتوفير المال، ما اضطره إلى افتتاح البسطة التي يقوم فيها بشراء أصناف من المساعدات، وبيعها لقاء هامش ربح محدود يمكّنه من إعالة أسرته المكونة من خمسة أفراد.

ويلفت إلى تأثير الأوضاع الاقتصادية على عمله، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار، وعزوف الناس عن الشراء بفعل قدراتهم المحدودة، أو شراء أصناف معينة بكمية قليلة، ويضيف “رغم أنني لا أكسب كثيراً، لكن البسطة هي مصدر دخلي الوحيد”.

ولا يخطط أبو ريالة لتوسيع بسطته خلال الفترة المقبلة، بسبب عدم سماح ظروفه الاقتصادية بذلك، إلى جانب عدم استقرار الأوضاع العامة وإغلاق المعابر، ويقول إنه يعتمد عليها لتوفير قوت يومه إلى أن يتمكن من العودة إلى مهنته الأصلية.

أما البائع سعيد الكسيح فيوضح لـ”العربي الجديد” أنه افتتح بسطته في سوق الصحابة الشعبي شرقي مدينة غزة، بهدف التغلب على الظروف الاقتصادية التي يعيشها في غزة، وتوفير مصدر دخل بسيط لإعالة أطفاله الأربعة، ويلفت إلى أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة تحدّ من قدرة المواطنين على شراء الكثير من البضائع التي تعتبر ثانوية، إذ يفضّلون شراء المتطلبات الأساسية، خاصة في ظل تدني أو انعدام الأجور والغلاء الشديد في الأسعار.

ويواجه الكسيح تحدياً في ارتفاع تكاليف البضائع ونقلها، بالإضافة إلى التحديات المتعلقة بالمكان غير المهيأ للعمل، خاصة في ظل التقلبات الجوية والرياح والأمطار التي تتسبب في تخريب بسطته وتعقيد ظروف البيع.

في الأثناء يوضح بائع الحلويات الفلسطيني أمير مهنا (42 عاماً)، الذي صفّف صواني الحلويات لعيد الفطر على نحوٍ منمّق بعد تغطية بسطته بالشوادر، أن ثمّة أصنافاً كثيرة من الحلويات، إلّا أن ضعف الإمكانات تسبب في صناعة أصناف محددة للعيد فحسب.

ويقول مهنا لـ”العربي الجديد” إنه كان يعمل في مجال صناعة الحلويات داخل أحد المحلات، لكنه قرر أن يفتح بسطة خاصة خلال رمضان ومن ثم العيد بفعل تدمير المحل، ورغبته في إيجاد فرصة دخل تعينه على الأعباء اليومية.

ويشير إلى أنّ الأوضاع صعبة للغاية، سواء نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة عموماً، ونتيجة ضعف الإمكانيات واضطراره لاستئجار فرن لصناعة الحلويات على وجه الخصوص، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الخام وفي مقدّمتها السكر الذي وصل سعره إلى ما يزيد عن ثلاثة أضعاف ثمنه الطبيعي نتيجة إغلاق المعابر.

ولا تقتصر البسطات على فاقدي مصادر دخلهم من عمال المياومة، بل توجه عدد من أصحاب المحال التجارية ممن دمِّرت محالّهم إلى افتتاح بسطات في محيطها أو داخل الأسواق، خاصة في ظل عدم تمكنهم من استئجار محلات بديلة نتيجة الغلاء الجنوني في الأسعار.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى