رأي

شنو البديل؟

كتب د. محمد حسين الدلال في صحيفة القبس.

بعد جدل حكومي نيابي اشترك فيه أيضاً عدد من مؤسسات المجتمع المدني، فوجئت كما فوجئ غيري بقيام وزارة التربية بتأجيل تطبيق نظام بصمة الحضور والانصراف على الهيئتين التدريسية والإدارية في المدارس الحكومية، والمقرر تطبيقها في شهر سبتمبر الجاري.

كان الهدف المرجو من تطبيق نظام البصمة في مدارس وزارة التربية هو التأكد من التزام الهيئتين التدريسية والإدارية العمل التربوي والتدريسي المنوط بهم، خاصة بعد ازدياد حالات شكاوى الأهالي من تغيب بعض أعضاء هيئة التدريس، مما تسبب في تعطيل الحصص الدراسية وتخلف الطلبة عن تحصيل العلوم المطلوبة، والإشكالية الأساسية في هذا الأمر مرتبطة بفشل الإجراءات السابقة لوزارة التربية في مراقبة وتحسين أداء وحضور والتزام الهيئة التدريسية، والتحقق من مدى أدائهم لواجباتهم الوظيفية، ولذلك أتت فكرة اعتماد البصمة الوظيفية المعمول بها في قطاعات الدولة الأخرى.

من الأهمية تقدير عدد من الملاحظات والتشكيك النيابي والمجتمعي ومن العاملين في وزارة التربية بشأن فاعلية ومدى الفائدة من تطبيق نظام البصمة، ولكن إيقاف العمل بنظام البصمة بصورة مفاجئة دون تقديم بدائل مناسبة للحد من ظاهرة التغيب والإخلال بالعمل الدراسي والتربوي، من شأنه استمرار البعض في التجاوز على النظام والانضباط الوظيفي المطلوب، من خلال استغلال الثغرات القائمة في العملية التربوية دون وجود الرقابة او المساءلة المفترضة، وأيضاً استمرار هذا الوضع يسهم في ازدياد حالة هجرة الأهالي وأبنائهم الى القطاع الخاص، الذي في معظمه أكثر انضباطا في الالتزام الوظيفي للهيئات التدريسية والإدارية.

لقد أعلنت الحكومة في أكثر من مناسبة التزامها تفعيل الحوكمة في قطاعات الدولة المختلفة، ومن أهم مبادئ الحوكمة مبدأ المساءلة والمحاسبة لضمان جودة الأداء العام، وفي حال أرادت الحكومة ووزارة التربية والتعليم تطوير النظام التعليمي وحوكمة أدوار الجهاز التربوي والتعليمي، فإن من أهم ابعاد الحوكمة وجود أنظمة تكفل رقابة ومساءلة الهيئة التدريسية والإدارية في المدارس بصورة فاعلة، وبناء عليه على وزارة التربية والتعليم أن توضح للشعب الكويتي أسباب إيقاف أو تأجيل نظام البصمة، ومن الأهمية إيجاد البدائل المناسبة لضمان أداء أفضل للهيئتين التدريسية والإدارية في المدارس الحكومية، وأخيراً على وزارة التربية والتعليم أن تتحلى بالثقة والشجاعة في الإعداد والتنفيذ لبرامجها ومشاريعها بعد استيفائها للدراسات والاستعدادات المطلوبة، والاستفادة من التجارب العالمية في مراقبة ومساءلة الأداء التدريسي والتربوي بعيداً عن التردد أو الخشية من بعض ردود الفعل.

وقفية الكويت

على الرغم من الأوضاع الملتهبة إقليمياً ودولياً، وعلى الرغم أيضاً من التراجع الكبير في استعداد الدولة لتجنب أو التعامل مع المخاطر والأزمات الأمنية والصحية والبيئية (ملاجئ – مخزون غذائي وطبي – استعداد وتأهيل مجتمعي ووظيفي..الخ) وفقاً للمعايير العالمية المرتبطة بمواجهة الأخطار والأزمات، فإنه يمكن القول إن كلاً من الحكومة ومجلس الأمة فشلا في اعتماد خطوة رئيسة أساسية بإنشاء جهاز متخصص لإدارة الأزمات والمخاطر، أسوة بما قام به عدد من الدول الخليجية وعلى المستوى الدولي، وهذا التأخير والفشل في إنشاء جهاز متخصص للأزمات والمخاطر من شأنهما أن يجعلا الدولة والمجتمع في مركز خطر كبير، نسأل الله ألا نقع فيه.

لقد تقدم عدد من أعضاء مجلس الأمة بمقترحات قانون في فترات زمنية مختلفة لإنشاء جهاز متخصص لإدارة الأزمات والمخاطر، وقد اكتشفنا من خلال عضويتنا السابقة في مجلس الأمة أثناء بحث القانون المقترح في لجان البرلمان المختصة، أن المعضلة في تمرير القانون المقترح تتمثل في مقاومة بعض الأجهزة الحكومية لفكرة قيام الجهاز، لأنها ترى في الجهاز سلباً لبعض صلاحياتها، وبسبب ذلك تعطل المشروع!.

لقد تقدمت أثناء عضويتي بمجلس الامة، بمعية عدد من الزملاء النواب، بمقترح برغبة خاص بدور وطني مشترك حكومي شعبي ومجتمع مدني، لمواجهة المخاطر والأزمات من خلال إنشاء وقفية خاصة يطلق عليها وقفية الكويت، والاقتراح يتمثل في إنشاء وقفية تتبناها وتشرف عليها الأمانة العامة للأوقاف تتولى تلقي الأوقاف والتبرعات والهبات بـكل أنواعها، ويكون هدفها تقديم الدعم بشكل مستمر قبل وأثناء الأزمات والأخطار، ومن شأن وجود الوقفية، بالتزامن مع إنشاء الجهاز الخاص لمواجهة الأزمات والأخطار، أن يشجع الكثير من المواطنين والمقيمين على التبرع ودعم هذه الجهود المباركة، مع ضرورة أن تخضع أنشطتها للرقابة من قبل الجهات الرقابية، وتتحلى أيضا بالشفافية والإعلان بشأن أنشطتها وبرامجها.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى