شظايا الرسوم الجمركية تصيب الشركات الأميركية.. وإدارة ترامب تدرس تعويضها

الشركات الأميركية تنزف تريليونات الدولارات في أسواق المال وتواجه شبه حصار في الأسواق الخارجية. إدارة ترامب تدرك هذا النزيف من الخسائر وتخطط لتعويض الشركات عبر إنشاء ائتمان ضريبي جديد للمصدرين، وفق تقرير لقناة “سي بي أس” الأميركية. وتعرضت الشركات الأميركية لخسائر ضخمة في أسواق المال خلال ثلاثة أيام من التداول، ما دفع الإدارة الأميركية للبحث عن وسيلة لتعويضها. ووفق تقارير إعلامية، يناقش مسؤولو إدارة ترامب جدوى إنشاء ائتمان ضريبي جديد للمصدرين، وهي خطوة تعتبر اعترافًا ضمنيًّا بالضرر الذي قد تُلحقه سياسات الرسوم الجمركية التي يطبقها البيت الأبيض بالشركات الأميركية، وذلك بهدف دعم المصنّعين الأميركيين، لتعويض آثار التعرفات الانتقامية التي تطبقها الدول على المنتجات الأميركية في الأسواق الخارجية.
ويُصرّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أنه لن يُغيّر سياساته التجارية التي أغرقت الأسواق العالمية في حالة من الاضطراب، ولكن خبراء يرون أن هذا الإصرار لن يستمر طويلًا في ظل خسائر أسواق المال. وفي هذا الإطار، يرى الخبير ماركو كولانوفيتش أن ترامب على وشك الرضوخ لهذا الضغط. وقال كولانوفيتش: “الأمر أشبه بمسرحية هزلية، كما يُقال، ويجب أن ينتهي قريبًا. لأنه ليس سيئًا للأسواق والاقتصاد فحسب، بل هو سيئ لترامب أيضًا”.
ووفق وكالة بلومبيرغ، دافع كبير الاقتصاديين في البيت الأبيض، ستيفن ميران، عن خطط ترامب الشاملة للرسوم الجمركية، واصفًا إياها بأنها شكل من أشكال تقاسم الأعباء العالمية. وفي حديثه بمعهد هدسون الأميركي، في يوم شهدت فيه الأسهم تقلبات حادة، قال ميران إن ترامب “أوضح أنه لن يقبل بعد الآن أن تستغل دول أخرى دماءنا وعرقنا ودموعنا، سواء في مجال الأمن القومي أو التجارة”. كما جادل بأن المنتجات والعمالة الأميركية أصبحت غير قادرة على المنافسة على الساحة العالمية، مما أدى إلى تراجع التصنيع. ومضى قائلًا “إن أفضل نتيجة هي أن تواصل أميركا بناء السلام والازدهار العالميين، وأن تظل المزود الاحتياط، وأن تشارك الدول الأخرى ليس فقط في جني الفوائد، بل أيضًا في تحمل التكاليف”. وعندما سُئل ميران عن الصيغة المستخدمة لتحديد الرسوم الجمركية، أجاب: “اختار الرئيس صيغة تتعلق بسد العجز التجاري اقترحها شخص آخر في الإدارة”. كما قال إنه ينبغي على الدول الأخرى التي تبحث عن شروط جديدة أن تتقدم بعروض.
الاتحاد الأوروبي يرد برسوم
لا تزال ردات الفعل المعارضة لسياسات ترامب تتواصل، وبعد الرسوم الانتقامية الصينية، حيث يقترح الاتحاد الأوروبي فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على مجموعة مختارة من السلع الأميركية، ردًّا على قرار الرئيس دونالد ترامب الشهر الماضي بفرض رسوم على واردات الألومنيوم والصلب، وفقًا لوكالة بلومبيرغ. وشاركت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد، وثيقةً اطلعت عليها “بلومبيرغ”، تتضمن عشرات فئات المنتجات التي تعتزم استهدافها، وهو ما يعني أن الشركات الأميركية باتت شبه محاصرة في الأسواق الدولية.
المستهلكون تحت نيران الغلاء
ترجح قناة “سي بي أس” الأميركية أنه إذا نفّذ الرئيس ترامب خططه، فستصل الرسوم الجمركية الأميركية على الواردات من الصين إلى 104%. وستُضاف الضرائب الجديدة إلى رسوم جمركية بنسبة 20% تهدف إلى حثّ الصين على اتخاذ إجراءات صارمة ضدّ تهريب الفنتانيل، ورسومه الجمركية المنفصلة بنسبة 34% التي أُعلن عنها الأسبوع الماضي. وفي العام الماضي، استوردت الولايات المتحدة سلعًا من الصين بقيمة تقارب 439 مليار دولار، من هواتف آيفون من آبل إلى الملابس، وفقًا لبيانات مكتب الممثل التجاري الأميركي.
وإلى جانب خطر فرض رسوم إضافية بنسبة 50% على الواردات الصينية، قد يواجه المستهلكون الأميركيون تكاليف أعلى تبلغ حوالي 3789 دولارًا سنويًّا بسبب الرسوم الجمركية المُعلنة سابقًا، وفقًا لتحليل أجراه مختبر ميزانية جامعة ييل الأميركية. ويتحمل المستهلكون عمومًا العبء الأكبر من الرسوم الجمركية لأن المستوردين، مثل وول مارت، الذين يتعين عليهم دفع رسوم الاستيراد عند قبولهم شحنات من دول أخرى، يسعون عادةً إلى توزيع كل التكلفة أو معظمها من خلال رفع أسعار السلع المستوردة. وبسبب هذه الديناميكيات، يقول العديد من خبراء الاقتصاد إن التضخم من المرجح أن يشتعل من جديد هذا العام.
تعافي البنوك يتبخر
وبالنسبة للبنوك، فإن قصة التعافي التي طال انتظارها، والتي كانت البنوك الإقليمية الأميركية على أهبة الاستعداد لسردها، يبدو أنها قد خرجت عن مسارها بسبب تنامي مخاوف الركود الناجمة عن الحرب التجارية التي شنها الرئيس دونالد ترامب. وبعد تجاوز أزمة مصرفية استحوذت على معظم اهتمام الحكومة الأميركية في عامي 2023 و2024، دخلت البنوك الإقليمية هذا العام على أمل أن تتمكن أخيرًا من إعادة تركيزها على النمو. لكن سياسات ترامب التجارية تُقدم الآن صورة مختلفة تمامًا.