شرُّ البليّة ما يضحك
كتب موسى بهبهاني في صحيفة الراي.
طالعتنا الصحف المحلية أن المؤسسة العامة للتأمينات كشفت أن هناك 1825 قيادياً يشملهم الراتب الاستثنائي من بينهم 139 وزيراً سابقاً و162 نائباً سابقاً وغيرهم من أعضاء المجلس البلدي وقياديين من البترول وآخرين…
وما يثير الاستغراب بأن من بينهم 36 نائباً في مجلس الأمة الحالي (؟) و9 وزراء حاليين(؟).
وكل ذلك يتم بطريقة قانونية استناداً إلى المادة 80 من قانون التأمينات الاجتماعية!
إنّ قمة التناقض عندما يكون المشرع والمراقب والمحافظ على المال العام يستفيد من تلك الميزة المالية ويمنحها لفئة مختارة من الخواص!
ونقلاً عن الصحف الإخبارية فإن تكلفة تلك الرواتب الاستثنائية قد وصلت إلى مبالغ باهظة لعدد 1825 شخصاً فقط سنوياً، أليس ذلك هدراً للمال العام؟
إذاً…
- ما هي ضرورة الرواتب الاستثنائية؟
وما هو البديل عنها لكفالة حياة كريمة للقيادي عند انتهاء تكليفه وخدمته دون أن يبلغ السن القانونية للتقاعد؟
أليس من الأفضل:
- إذا كان المكلف موظفاً أو صاحب مؤسسة وبلغ سن التقاعد أن ينطبق عليه قانون التأمينات الاجتماعية بالإحالة إلى التقاعد وأن يكون حاله كأحوال موظفي الدولة.
- وان كان المكلف موظفاً ولم يبلغ السن القانونية للتقاعد فعودته إلى وظيفته أولى من صرف الراتب الاستثنائي له وبذلك تنتهي تلك المعضلة غير العادلة.
(قرارات غير مفهومة):
1 – قبل أشهر عدة أصدر مجلس الوزراء قراراً بزيادة رواتب الوزراء بنسبة 200٪ (؟) أي بزيادة رواتب فئة من القياديين من راتب 3000 دينار إلى 9000 دينار!
ما حدا بالنائب في مجلس الأمة جنان بوشهري إلى اتخاذ مواقف حازمة تجاه هذا القرار، فكان رد الفعل الحكومي التراجع وإلغاء هذا القرار!
2 – قبل أيام مضت أصدر مجلس الوزراء قراراً آخر ينص على زيادة رواتب الوزراء بنسبة 100٪، أي بزيادة رواتب فئة من القياديين من 3000 دينار إلى 6000 دينار!
وأيضاً بادرت النائب جنان، بالتلويح باستجواب العضو المحلل في الحكومة ما أدى الى تراجع رئيس الوزراء واتخذ القرار بتجميد هذا القانون!
وهنا نتساءل؟
- أليس التجميد لا يعني الإلغاء ويعني أن نية العودة إليه واردة مستقبلاً؟ -وهل يعني أنه بالإمكان أن يتم صرف هذه الزيادة لاحقاً وبأثر رجعي؟!
- فان كانت السلطتان التنفيذية والتشريعية تدعيان بأن هناك عجزاً في الميزانية وأنه يجب أن نجد مصادر أخرى غير النفط لتلافي هذا العجز في الميزانية لأن العائدات النفطية أغلبها تصرف على الرواتب كما يدعي هؤلاء؟
فلماذا إذاً:
- تخصص هذه الميزة لفئة مختارة من القياديين ونواب مجلس الأمة (الرواتب الاستثنائية غير العادلة) علماً بأنهم موظفون سابقون، أو متقاعدون، أو لديهم مؤسساتهم الخاصة!
- وشر البلية ما يضحك… وبالمقابل يتم التصدي والرفض عندما يقدم طلب زيادة مالية بسيطة للسواد الأعظم من الموظفين والمتقاعدين المشمولين بنظام التأمينات الاجتماعية!
(الذهول والتَحَيُّر):
وزير المالية السابق / مناف الهاجري يقدم استقالته المسببة رسمياً احتجاجاً واعتراضاً على نقل تبعية «هيئة الاستثمار» إلى وزير النفط، وهو يرى بأن عمل الهيئة يقع في صلب اختصاص وزارة المالية، وتم قبول الاستقالة؟
ونتفاجأ بعد مرور أيام من توزير وزير آخر لوزارة المالية بأنه تتم إعادة نقل تبعية هيئة الاستثمار إلى المالية مرة أخرى!
وأيضاً، في الدورة السابقة تم نقل تبعية الخطوط الجوية الكويتية من وزارة النقل والمواصلات إلى وزير الإسكان!
لماذا هذا التخبط باتخاذ القرارات المتسرعة والتراجع السريع عنها؟
(فإن كان الهدف من تلك القرارات التي يصدرها مجلس الوزراء المحاباة لأفراد قد تم تكليفهم بالأصالة، فإنه ليس من الداعي نقل تبعية بعض الهيئات إليهم ما يثير التساؤلات والبلبلة).
للأسف ما يحدث من تخبط بالقرارات يمس بالمرتبة الأولى الوطن والمجتمع ويعود بالسلب على المواطن وكذلك يسبب فقدان الثقة بالقرارات الكثيرة الصادرة من السلطة التنفيذية!
(العمل تكليف وليس تشريفاً)
إن المناصب القيادية تحتاج إلى إخلاص وتفانٍ ووطنية ووفاء لشاغليها فالعمل الوطني تكليف وليس تشريفاً.
(رحم الله امرأً عرف قدر نفسه)
فان كان الشخص المعني في هذا المنصب القيادي يعرف إمكاناته المحدودة ويعلم بأنه لا يستطيع أن يؤدي العمل الموكل إليه على أكمل وجه فمن باب أولى أن يعتذر.
ختاماً،
خدمة الوطن تكليفٌ وليست تشريفاً، ولذة المنصب ليست السلطة ولا الوجاهة، بل في القدرة على العطاء والتأثير وإحداث التغيير، فلكل إنسان قيمة وأثر.
فالكويت فيها الكثيرون من الوطنيين المبدعين وكلنا نهدف ونحلم بالنهضة والإصلاح، ولكن للأسف في كل مرة تخيب الآمال، ونجد أنّ وراء هذا الفشل المتكرّر حسابات خاطئة وخططاً ارتجالية، ومع ذلك نأمل بأن يعاد تصحيح اتجاه البوصلة لتعود الكويت إلى سابق عهدها درة الخليج.
اللهمّ احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله رب العالمين.