شريفة: التمترس خلف دشم الاشتباك لن يأتي برئيس للبلاد
اعتبر المفتي الشيخ حسن شريفة خلال خطبة الجمعة في مسجد الصفا في بيروت، ان “الإنسانية لا تقاس بمستوى التحالفات الدولية، وليس غريباً على ان يتعاطى الغرب بسياسة الكيل بمكيالين غير آبه بالآلام والاوجاع والموت، وان كانت وسائل الدعاية تلمع صورته كل يوم وتتغنى بديموقراطيته وعدالته التي سقطت امام المأساة والزلزال الذي ضرب مدن وقرى جنوب تركيا وشمال سوريا التي يعاني شعبها الحصار والقتل والتشريد”.
وقال: “آلاف الضحايا تزداد يوماً بعد يوم. خسائر بالمليارات والغرب بعقوباته وحتى الساعة. لا تقديرات حقيقية للكارثة في سوريا التي ينوء شعبها قبل الزلزال تحت أعباء القتل والتشريد والدمار”.
ونوه “بالمبادرات والتحركات الاغاثية تجاه سوريا”، وقال: “في هذا الاطار نقدر تدخل لبنان دولة وشعباً من خلال جمعيات الدفاع المدني، رغم تواضع الإمكانيات في مساعدة واغاثة المنكوبين من هذا الزلزال، الذي انتقلت تردداته الينا بصور تشاؤمية بعيدة كل البعد عن المنهجية العلمية، فتارة يحددون موعد الزلزال وتارة أخرى يجترون حديثهم السابق، حتى اصبح اللبنانيون مستنفرين بكلّ حواسهم، مرعوبين خائفين يسمعون قصص الرعب من مجموعات التهويل والتحليل والتبصير التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام”.
أضاف: “نقول لهؤلاء اتقوا الله ولا تبثوا اوهامكم، فإنكم مسؤولون وستحاسبون، والله وحده عنده علم الغيب، ولا نقول إلا لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم”.
واستغرب “تدحرج الواقع الزلزالي والمناخي البارد على السياسيين الذين اصبحوا خارج المشهد، باستثناء تصريح من هنا وآخر من هناك دون أي جدية في العمل السياسي الذي يحتم عليهم العمل بجهد. فالانهيارات الاجتماعية والمعيشية باتت خطرة ولا علاج ولا مسكنات، المصارف أغلقت أبوابها، وتهديد يومي بفقدان رغيف الخبز، ارتفاع سعرالدواء يومياً ان وجد والوضع اصبح كارثيا”.
وتوجه الى السياسيين بالقول: “اعيدوا تصويب البوصلة اجتمعوا، تحاوروا اتفقوا على اسم رئيس للانطلاق بحكومة تقود خطة عمل للخروج من الأزمة. ان التمترس خلف دشم الاشتباك والمناكفات السياسية والتعطيل لن يأتي برئيس للبلاد، بالعكس سيزيد الامر سوءاً”.
وتابع: “لنتعظ مما جرى في الأيام السابقة ونسأل المولى ان يرحم ضحايا الزلزال ويشفي الجرحى، وان مدّ يد العون للمنكوبين هو واجب انساني وديني واهم من أي صراع سياسي. ولا بد من الاتعاظ كيف ان الزلزال المدمر في تركيا وحد الناس بالموت، فلنعتبر ونتوحد في الحياة. فالإنسانية ليست شعارات سياسية ولا خطابات رنانة، بل فعل حياة يعبرعن مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقنا كل بحسب طاقته وقوته”.
ورأى ان “التمييز الاميركي بالتفريق بين انسان وآخر، ليس الا سياسة تشف وانتقام، وهذا الكلام ليس تأليفا”، وقال: “انظر قليلا الى عذابات الفلسطينيين من قبل الصهاينة بتشريع ودعم اميركي، او الى الشعب اليمني الفاقد لادنى مقومات الحياة، او الى افغانستان الخاضعة لمزاجية السياسة الأميركية، او الى العراق الجريح، تجد ان اميركا هي اميركا لن ترى إلا مصالحها ولا مكان للإنسانية في مفردات قاموسها، صرخات الاطفال وانين الجرحى تحت الركام يحتاج إلى إنسانية حقيقية تلامس الواقع لا بتبييض الصورة عبر شاشة مأجورة، ديدنها زرع بذور الفتن والاضاءة على السلبيات والتغاضي عن الايجابيات تماما كالذباب الذي يتتبع القروح والجروح”.
وختم: “امام هذا المشهد المأسوي المدمي للقلوب، حبذا لو تكون فرصة يصحو اهل الحل والعقد من كبوتهم ويفتشوا عن حلول ترحم هذا الشعب اولا بوقف التراشق الاعلامي واعتماد لغة هادئة بعيدا عن أي استفزاز وترك المساحة لكلمة طيبة او لموقف هادىء لقد تعب الناس، بل انهكوا بكامل معنى الكلمة وصاحب اي مباردة جمع ينظرون اليه كأنه المخلص لاصحاب البطون الخاوية، صوت لا يفقهه الا الجائع”.