سيناريو 1990 لن يتكرّر… لا رئيس إيرانياً للبنان
كتب الان سركيس في “نداء الوطن”
تتصدّر المحادثات النووية التي تدور بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران شريط الأخبار والإهتمامات، خصوصاً وأن هناك أخباراً تُبث وتوحي بأن المسار يسير نحو الإيجابية.
إذا تمّت الصفقة الأميركية – الإيرانية فإن هناك ملفات عدّة ستتحلحل، ومن ضمنها أزمة لبنان السياسية المرتبطة بصراعات المنطقة ومشاكلها.
وعلى رغم التأكيدات الغربية، إلا أن هناك في لبنان من يؤكّد أن واشنطن ستلزّم البلد لطهران مثلما لزّمته العام 1990 للرئيس السوري حافظ الأسد.
ومن يراقب مجرى الأحداث يكتشف أن كل شيء وارد في السياسة، فالتحولات الكبرى تحتاج إلى لحظة مؤاتية، لذلك فإن الضبابية التي تعيشها المنطقة تجعل اللبناني يفكّر بكل الإحتمالات.
ومع إقتراب موعد الإستحقاق الدستوري الأهم وهو انتخاب رئيس جديد للجمهورية، هناك قراءة دبلوماسية تؤكّد أن كل المخاوف من بيع واشنطن ملف لبنان لطهران غير واردة، على الرغم من أن لطهران نفوذاً كبيراً في لبنان، وبالتالي فإن هذه النقاط تتلخّص بالآتي:
أولاً: الظروف الإقليمية والدولية مغايرة تماماً لظروف 1990، حينها كانت أميركا في أول خروجها من صراع القطبين مع الإتحاد السوفياتي حيث كان أغلب اهتمامها مركّزاً على أوروبا، لذلك كانت تحتاج إلى غطاء عربي لتغطية إجتياحها للعراق، فاستغلّ حافظ الأسد هذا الأمر وشارك في حرب تحرير الكويت من الغزو العراقي، فكسب بالمقابل إحتلاله للبنان، أما اليوم فإن أميركا ثبّتت زعامتها العالمية ولا أحد ينافسها وموجودة بالمباشر في المنطقة، ولذلك لا تحتاج إلى وكلاء شرعيين.
ثانياً: تسعى واشنطن إلى «قصقصة» أجنحة إيران في المنطقة، والعلاقة بين الأسد وواشنطن مغايرة لعلاقة واشنطن وطهران، كذلك فالأسد دخل لبنان العام 1976 لضرب الحركة الفلسطينية المسلحة بقيادة أبو عمار ولقاء تنازله عن الجولان، في حين أن الوجود الإيراني في المنطقة أقرب إلى الإحتلال، وإيران ليست في موقع المساومة.
ثالثاً: الإهتمام الأميركي بلبنان في العام 2022 مغاير تماماً لاهتمامها عام 1990، ففي تلك الفترة كان البلد مدمّراً ويعيش آخر أيام الحرب الأهلية، أما اليوم فإن لواشنطن مصالح أساسية في بيروت لا يمكن التخلّي عنها.
رابعاً: الإشارة الأهم الى عدم تخلّي واشنطن عن لبنان هي بناء أكبر سفارة أميركية في الشرق الأوسط في عوكر بتكلفة تفوق المليار دولار، وبالتالي فإن الصورة واضحة بالنسبة إلى السياسة الاميركية في لبنان.
خامساً: إستثمار أميركا في الجيش اللبناني ودعمه على مدى السنوات الماضية، إضافة إلى التواجد الأميركي المسلّح في بعض النقاط مثل حامات، ما يعطي إشارة واضحة إلى عدم ترك لبنان.
سادساً: الإهتمام الأوروبي بلبنان، ففرنسا تنظر إلى هذا البلد بأنه آخر نقطة نفوذ لها في الشرق، وبالتالي فإن الأهمية الإستراتيجية للبنان لن تسمح للغرب بالتخلّي عن هذا الموقع.
سابعاً: بعد تطبيق «اتفاق الطائف» سورياً سار معظم الزعماء تحت سلطة الإحتلال بعد إدخال الدكتور سمير جعجع إلى السجن، لذلك لم يكن هناك من مقاومة تذكر، في حين أن هناك جبهة سياسية واسعة حالياً ترفض الإحتلال الإيراني وسيطرة «حزب الله».
وأمام كل هذه الوقائع، لن يُنتخب رئيس إيراني للبنان، بل إن الكلمة الأساس ستكون لواشنطن وللتسوية التي من المفترض أن تُبرم.