سيدة قطرية تحول أكلات تقليدية إلى علامة تجارية
قبل قرابة عشرين عاما، خطت شمس القصابي أولى خطواتها نحو تأسيس متجر مستقل ومطعم للمأكولات الشعبية في سوق «واقف» في العاصمة القطرية الدوحة.
ونجحت في صنع علامة تجارية تحمل اسمها، فضلا عن تحول رحلتها إلى مصدر إلهام لكثير من السيدات لدخول عالم ريادة الأعمال.
لم تكن رحلة القصابي، سهلة إذ تطلب عملها أن تكسر العادات والتقاليد المتعارف عليها في مهنة يطغى عليها الرجال، خاصة أنها تنحدر من أسرة محافظة.
فكان وقوفها في السوق وعرض بضاعتها بمثابة تحد كبير، إلى أن شقت طريق النجاح وأصبحت شخصية معروفة يتوافد على مطعمها مختلف الجنسيات.
تحدثت القصابي عن قصة كفاحها التي بدأت من الصفر بصناعة الأكلات في بيتها، إلى امتلاكها المطعم ومصنعا للمواد الغذائية في قطر.
وتقول إنها تقدم في مطعمها الوجبات التراثية والشعبية بصورة عصرية يتقبلها الزائرون، سواء كانوا عربا أم أجانب.
إذ تقوم على إعداد الأطباق بنفسها من بدايتها إلى أن تُقدم لأصحابها الذين يأتون خصوصا للمطعم باعتباره يوفر بديلا صحيا عن الوجبات الغربية السريعة.
وتضيف القصابي، أن الكثير من المسؤولين والوزراء في البلاد وعلى رأسهم أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني، وعقيلته موزا بنت ناصر، يفضلون مطعمها.
وتتابع: «لم يقتصر ذلك محليا، بل حضر الكثير من الزوار الدوليين، آخرهم نجم كرة القدم (الإنكليزي) ديفيد بيكهام». وتوضح أن «المطعم الذي يحمل اسم شاي الشموس، نجح في التوسع بشكل كبير».
وتستطرد: «من 6 مقاعد فقط عند إنشائه، إلى مطعم كبير يعمل به أطقم ضيافة وطهاة، ثم إلى شركة تقدم منتجات وشاي الشموس، ومنها إلى إطلاق موقع إلكتروني يعرض ويبيع أكثر من 400 منتج غذائي».
وعلى الرغم مما حققته من شهرة محلية وخليجية، تتحدث القصابي دائما وبشغف عن بدايتها وكيف أنها تعلمت أسرار خلطات التوابل من أمها وجدتها.
كما استفادت من صحبة والدها الذي عمل تاجرا للبهارات في سوق واقف، وكان لديه معمل لتصنيع الحلوى في البيت، وحرصه على تقديم شتى أصناف الحلويات الشرقية، ثم توزيعها على بقية التجار في السوق.
وتصف القصابي مهنتها بالشاقة، إذ يتطلب إعداد البهارات الشرقية التي تشتهر بها جهدا كبيرا.
وتبدأ العملية بغسل التوابل وتجفيفها وتحميصها، ثم طحنها وخلطها، لتتحول في نهاية المطاف إلى منتجات تستهوي الكثير من الزبائن داخل البلاد وخارجها، والذين يأتون خصوصا لشراء خلطاتها المميزة.
تتميز حياة رائدة الأعمال القطرية بالابتكار، إذ تسعى دائما إلى تزويد عملائها بالجديد فيما يتعلق بخلطات التوابل والحلويات والمعجنات، إلى جانب الأعشاب والقهوة العربية والمشروبات.
خصوصية مطعم القصابي جعلته مزارا لكثير من الشخصيات البارزة على الساحة العامة والرياضية والثقافية، وُضعت صورهم على جدرانه احتفاءً بهم.
وأسهمت رائدة الأعمال في نقل معرفتها وخبرتها في الأطعمة والأكلات التراثية القطرية، من خلال إصدار كتابين في هذا المضمار، حمل الأول عنوان «ألف ياء الشموس» والثاني «ولائم الشموس».
وتُوجت مسيرة القصابي الطويلة بعدد من الجوائز المخصصة لريادة الأعمال، منها المحلية والخليجية والدولية.
حيث فازت بجائزة «التميز» من بنك قطر، و»الدرع الذهبي» من مؤسسة قطر.
وتعكس رحلة «شمس» مرحلة مهمة مر بها المجتمع القطري كله، تتمثل في التحول من بلد صغير إلى دولة تتبنى التعددية الفكرية.
حيث تستقطب البلاد مختلف التوجهات في إطار عربي إسلامي يعتنق التطور والتنمية، مع الحفاظ على العادات والتقاليد الراسخة، خاصة فيما يتعلق بدعم المرأة وتوفير ما يحفظ كرامتها.
المصدر: الاناضول