اقتصاد ومال

سوريون يتهافتون على تخزين السلع خوفاً من الحرب

تربعت المشتقات النفطية على قائمة السلع التي يخزنها السوريون، خوفاً من الحرب المحتملة بالمنطقة، فيما جاءت السلع الاستهلاكية (أرز، سكر ومعلبات) ثانياً، حسب ما تؤكد مصادر من دمشق التي تشير لـ”العربي الجديد”، إلى “التخوّف الشديد” من تداعيات اتساع الصراع رغم توقعاتهم باستبعاد الساحة السورية عن الحرب المباشرة، نظراً لما يرونه من “حياد نظام بشار الأسد”، وخاصة بعد اغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية وانتظار المنطقة للرد الإيراني على الاحتلال.
وتوضح المصادر، التي رفضت ذكر هويتها، أن سعر ليتر البنزين فاق 30 ألف ليرة سورية، وكذا المازوت سجل 25 ألف ليرة لليتر، بسبب الإقبال الكبير من المواطنين.
ويأتي ذلك، في مقابل شح المحروقات بمحطات الوقود وتأخر رسائل منح الحصص المدعومة، وزيادة طوابير السيارات على محطات الوقود وتفشي البيع على الأرصفة بأسعار مضاعفة، حسب المصادر.
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحكومة بشار الأسد، قد رفعت الأسبوع الجاري، وللمرة الثانية خلال أسبوعين، أسعار المحروقات ليصل سعر ليتر البنزين أوكتان 90 إلى 12 ألفاً و360 ليرة سورية، والبنزين أوكتان 95 إلى 13 ألفاً و975 ليرة، بينما وصل سعر ليتر المازوت الحر إلى 12 ألفاً و352 ليرة سورية.

كما شمل رفع الأسعار الفيول، ليصبح سعر الطن 9 ملايين و258 ألفاً و669 ليرة، والغاز السائل “دوكما” والذي بات سعر الطن منه بـ12 مليوناً و173 ألفاً و850 ليرة سورية (الدولار = 15 ألف ليرة تقريباً).


زيادة الطلب على الخبز

تجلى الطلب على الخبز ورفع أسعاره، ضمن مخاوف السوريين، خلال الأيام الأخيرة. وفي هذا السياق، يؤكد العامل بقطاع التجارة من منطقة دمر بدمشق، محمود ماليل، خلال اتصال مع “العربي الجديد” أن المخاوف تجلت بتخزين الخبز، ليرتفع سعر ربطة الخبز بالسوق السوداء إلى 5 آلاف ليرة في حين سعرها النظامي 400 ليرة ووزنها 900 غرام لـ”سبعة أرغفة”.
ويكشف ماليل أن المخاوف تتزايد كلما تصاعدت حدة الوعيد، معتبراً أن سورية ستتأثر بشكل كبير، وإن لم تشارك بالحرب، مشيراً إلى تردد أنباء بأن إطلاق الصواريخ سيكون من سورية وهذا مبرر لاستهداف إسرائيل للأراضي السورية.
وأضاف أن الخوف يلف الأسواق والمستهلكين، ولو أن السوريين يمتلكون ملاءة مالية، لرأينا التخزين وخلل العرض والطلب كبيراً، ولكن الفقر دفع البعض لتخزين الخبز والسكر والأرز والمحروقات حسب إمكاناتهم، مضيفاً: “وصل سعر كيلو السكر إلى 14 ألف ليرة ويتراوح سعر كيلو الأرز، بين 15 و33 ألف ليرة على حسب النوع”.
 

غلاء الخضر والفواكه

لم تخرج الخضر والفواكه عن دائرة التهاب الأسعار خوفاً من الحرب، إذ سجل سعر كيلو الثوم 115 ألف ليرة والتين 35 ألف ليرة، والبندورة 8 آلاف والليمون 25 ألفاً، حسب مصادر من دمشق.
ويقول المهندس الزراعي، يحيى تناري، إن واقع السوريين لا يسمح لهم بتخزين الغذاء إلا بكميات قليلة، فالفقر والجوع يخيم منذ سنوات على البلاد، وتعدت نسبته 90%، مشيراً بالوقت نفسه إلى ضغط نفقات الغذاء ليتمكن السوريون من تعليم أبنائهم بعد رفع الأقساط المدرسية، حتى بالقطاع الحكومي.

ويلفت تناري خلال اتصال مع “العربي الجديد” إلى تراجع الإنتاج السوري خلال السنوات الأخيرة، فالقمح تراجع من نحو 4 ملايين طن إلى أقل من مليوني طن والقطن من 770 ألف طن إلى نحو 150 ألف طن وكذا بالنسبة لجميع المنتجات، ما يعني تراجعاً بالعرض واستمرار التصدير وغلاء الأسعار.
لكن يستدرك تناري لـ”العربي الجديد” بأن مخاوف اندلاع حرب واسعة لفترات قد تطول، دفعت السوريين لتخزين ما يمكن، من مواد غير محددة الصلاحية “حبوب، معلبات، زيوت، سكر” ولكن ضمن القدرة الشرائية لكل أسرة، وهذا ما نشّط الأسواق خلال الأيام الأخيرة، ما دفع التجار إلى استغلال المرحلة ورفع الأسعار.

الأسواق وقت الحرب

يرى الاقتصادي السوري، عبد الناصر الجاسم أن ارتفاع الأسعار، بفترات الحروب، مألوف ولا يمكن لطرف التكهن أنه بمنأى عن دائرة النار أو التعطيل، مستشهداً بالخسائر الهائلة بالبورصات العالمية، رغم ابتعادها عن جغرافيا الصراع، لأن شرارة الحرب تطاول الإنتاج وتعطّل النقل وتسبب خلل العرض، وتدفع المكتنزين باتجاه ملاذات آمنة، مثل الذهب.
ويضيف الجاسم لـ”العربي الجديد” أن النظام السوري يحاول النأي بالنفس وعدم التصريح أو الزج بجيشه وأرضه بالحرب، ولكن ذلك “نظرياً”، لأن إيران تسيطر على أرض الواقع وقد تستخدم الجغرافيا السورية في قصف إسرائيل، ما يعني احتمال دخول دمشق في أتون الصراع إذا اتسع، مهما تنصل النظام السوري من الحرب وحلف المقاومة.
وحول ارتفاع الأسعار ومخاوف المستهلكين، يرى الجاسم أن ذلك طبيعي وضمن غرائز الخوف والبقاء والتحوّط، لافتاً إلى أن نظام الأسد يفضل تصدير غذاء السوريين لمنطقة الخليج، ما يفاقم الأسعار.
ويشير الجاسم إلى أن فقر السوريين يعيق التخزين، إذ لا يزيد الراتب الشهري عن سعر بضعة كيلوغرامات من المواد الاستهلاكية، ورغم ذلك، نرى، من خلال المراقبة، أن الأسعار ارتفعت والاستهلاك والتخزين بازدياد.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى