رأي

سوريا في قلب الشرق الأوسط الجديد

كتب سمير عادل في صحيفة العرب.

ما يجري من تطورات عسكرية في سوريا مرتبط بخارطة تحدث عنها نتنياهو وهي التغيير في موازين القوى فبعد الضربات الموجعة للنفوذ الإيراني تتساقط أحجار الدومينو ليأتي الدور على سوريا.

لقد أفشى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السرّ، عندما أعلن عدة مرات منذ عشية هجوم جيشه البري على غزة، بعد عملية السابع من أكتوبر في 2023، وبعد الضربات المتلاحقة على حزب الله وإعلان حربه الشاملة على لبنان وفي كلمته لإعلان وقف إطلاق النار في لبنان، قال بأنَّه سيرسم خارطة شرق أوسط جديدة. إلا أنَّه نسي أن هناك قوى إقليمية أخرى ستنافسه في رسم الخارطة بمواهبها الخاصة.

إنَّ ما يجري من تطورات عسكرية في سوريا مرتبط بتلك الخارطة التي تحدث عنها نتنياهو، وهي تغيير في موازين القوى والنفوذ السياسي والعسكري. فبعد الضربات الموجعة للنفوذ الإيراني وكسر شوكته في لبنان بإخراج حزب الله من الخدمة، تتساقط أحجار الدومينو واحدة تلو الأخرى ليأتي دوره في سوريا. وهناك ظهرت تركيا المنافس الإقليمي لإيران وإسرائيل لاستغلال الفرصة الذهبية والإسراع في إحلال مكانها محل النفوذ الإيراني، ضاربة بعرض الحائط اتفاقات إستانا وسوتشي لخفض التصعيد كما يسمّونه، مبررة إياه بأن النظام السوري رفض التطبيع مع حكومة أردوغان، أو هي محاولة تركية لجر النظام السوري إلى المفاوضات تحت النار. وكل التحليلات السياسية التي تفضي معظمها بأن مفاتيح الهجوم المسلح للمرتزقة السورييين في موسكو وعند الكرملين يُعد عاريا عن الصحة، لتفسير سقوط مدينة حلب وكامل محافظة إدلب والتقدم في ريف حماة. فروسيا قد أخذت على حين غرة في حلب وإدلب، وقد أشغلتها الحرب في أوكرانيا عمّا يدور تحت طاولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في سوريا.

إنَّ إلحاح أردوغان للتطبيع مع النظام السوري خلال الفترة الماضية أو تحريك مرتزقته في سوريا هو جزء من مسار سياسي واحد وهو أنَّ تركيا تريد أن تكون لها اليد الطولى في سوريا بعد طرد النفوذ الإيراني.

أما التحليلات الأخرى وخاصة التي تأتي في تصريحات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأن هناك مؤامرة إسرائيلية وأميركية في سوريا، فلا يخلو من الصواب، فلولا الضربات الإسرائيلية بدعم الولايات المتحدة لحزب الله وفي الداخل الإيراني، لما حدث ما حدث لنفوذها اليوم في سوريا.

وما نسمعه هنا وهناك بأن الولايات المتحدة تقايض روسيا في أوكرانيا مقابل نفوذها في سوريا ورفع يدها عن دعمها لنظام الأسد، هو مجرد تحليل سطحي. فلا روسيا ستتخلى عن نظام الأسد ونفوذها في سوريا الذي يكاد يكون الوحيد في منطقة الشرق الأوسط، ولا إسرائيل والولايات المتحدة عازمتان على إسقاط النظام السياسي في سوريا الذي يعني تفشي الفوضى الأمنية والسياسية في المنطقة كما حدث مع إسقاط النظام السياسي في العراق إثر الغزو والاحتلال. وعلى الجانب الآخر فإنَّ تركيا هي الأخرى لا تريد إسقاط النظام في سوريا.

ما يجري اليوم هو إعادة ترتيب المعادلة السياسية، والتي محورها فصل سوريا عن مسار إيران بالنسبة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل. وفي نفس الوقت تشارك الولايات المتحدة وروسيا النفوذ في سوريا وبالتقاسم مع تركيا التي هي في الحقيقة اللاعب الرئيسي الوحيد القادر على إدارة اللعبة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى